حكايتها مع الزمان..شيريهان .. وحشتينا

كتبت :منال عثمان

هكذا هى دائماً قدرية إلى أقصى درجة ممكن تخيلها .. مؤمنة أن لا أحد يأخد أكثر أو أقل من نصيبه، لم تتخيل طبعاً وهى تلتقى قبلة العندليب فى حفل «أى دمعة حزن لا» وحضوره ميلادها بعدها بأسبوع بناء على دعوة شقيقها عازف الجيتار الراحل عمر خورشيد .. أنها ستكون لها هذه البصمة الوضاءة فى عالم الفن ll

كانت الصغيرة شيريهان لا تفعل أكثر من لهو طفولة .. تغنى وترقص وتقلد الكبار لكن العندليب همس لعمر وقال لوالدتها- عواطف هاشم - هذه الصغيرة ستكون إحدى نجمات العصر القادم لو أحسنتم التعامل مع موهبتها الكبيرة .. وانتبهت والدتها رحمها الله .. إلى هذا الكنز الذى ينمو أمامها، وكانت السيدة عواطف فنانة بالفطرة دون أن تمتهن الفن لكن تقدره وتقدرالمواهب اهتمت بابنتها وألحقتها بمدارس عدة لتعليم الخطوات الاستعراضية و«السلولفيج» عند «مدام رطل» المعروفة .. لم تستغرق الصغيرة وقتاً فهى موهبة وقادرة ولديها حس فنى عالٍ بشكل مخيف وأذن موسيقية كان لا يجد شقيقها مثلها لتكشف له نشازاً يستشعره، وعندما عرض عليهم نور الشريف كمنتج أن تقدم دور ابنة شقيقه فى فيلم «قطة على النار» وافقوا حتى لاختبار أطلالتها على الشاشة، ونجحت الصغيرة فى لفت الأنظار لتقرر والدتها أن تؤسس شركة إنتاج اسمها «المعجزة» وقدمتها فى أول بطولة فيلم «الخبز المر» ونجحت شيريهان لتتوالى نجاحاتها فوقفت بقوة أمام وحش التمثيل سناء جميل فى التليفزيون فى مسلسلين «دعونى أعيش» و«الامتحان» تلقائيتها وفطرية أدائها وجراءتها لأن تركيبتها بها الكثير من الإقدام والمغامرة فهى لا تحسب كثيراً موقع خطوتها القادمة فالقدريون يعرفون أن هناك رباً حارساً ولو شاء لنا إخفاقاً .. فهذه إرادته .. وأقبلت عليها السينما لتقدم فيها خلال عشر سنوات أكثر من عشرين فيلماً معظمها نجح مثل «العذراء والشعر الأبيض» و«مين فينا الحرامى» و«خلى بالك من عقلك» و«شارع السد» «وقفص الحريم» و«الطوق والأسورة» و«مدام شلاطة» .. فثبتت قدما شديدة الرسوخ بجوار نجمات هذه الفترة فى الثمانينات بشكلها المخلتف وأدائها القوى وإحساسها العالى المرهف الذى دكته الظروف الحياتية التى ألمت بها.. فقد كانت هدفا لصفعات قدرية كثيرة كل صفعة تهز من يفوقها قدرة، فى البدء وفاة شقيقها الموهوب فى حادث، ثم فترة معذبة لإثبات نسبها إلى والدها عبد الفتاح الشلقانى ..ثم الحادث الغامض الذى كسر ظهرها.. وهى كانت نجمة الاستعراض العظيمة لسنوات عدة قدمت فيها الفوازير وتصورا الناس أنها نهاية الصغيرة، لكنها عاشت سنوات تعالج فى باريس وغيرها وعادت أكثر قوة وتحدياً، بل أصرت أن تنال ليسانس الحقوق ورفضت تعنت بعضهم فى عدم إعطائها كارنيه النقابة للمحامين لسبب غريب أنها فنانة وجلدت وثابرت وكافحت لتسمو فوق آلام فراق والدتها بالموت وأنغمست فى العمل من جديد لتقدم للسينما «يوم حار جداً»، «وميت فل»، «وجد الخواطر» وفيلمها الهام «عرق البلح» وفى هذه الآونة تلتقى رجل الأعمال علاء الخواجة لترتبط به رغم زواجه من أسعاد يونس لتقدم بعده آخر أفلامها «العشق والدم» مع محمد رياض، بعده تحمل فى أبنتها الكبرى «لولوه» لتبتعد قليلاً..

ثم تكتشف إصابتها بالمرض القاسى السرطان فى درجة متأخرة فى منطقة صعبة جداً من الجانب الأيسر لوجهها، ولأنها قدرية مؤمنة أنها مشيئته سبحانه وتعالى وليس فى أيدينا سوى الرضوخ ومحاولة بل محاولات العلاج، لنرى علاقة مثالية شديدة الروعة لم نكن نعرف عنها شيئاً مع إسعاد يونس فقد كان هذا الثالوث شيريهان وإسعاد وعلاء يحاربون معا هذا الشرس البغيض إلى أن نجحوا وعادت شيريهان الرائعة المتحدية بإيمانها العظيم كل هذه الأحوال .. فكل من يعرفها يقول .. إنها فى كل شدة وبدون شدة لا تقول إلا يارب.. قالتها حتى فى التحرير فى أثناء ثورة 25 يناير وقد ظهرت لأول مرة بعد غياب سنوات طويلة وكأنها ما غابت حولها القلوب التى أحبتها وأسعدتها أنها تهتف وسطهم فهى كما قالت قلبها مطبوع عليه كلمة «مصر» عرفتهم بابنتها الكبرى التى كانت بصبتحها وقالت لهم .. لدى أبنة أخرى أصغر .. هل أحد يستطيع أن يصعد فوق آلامه إلى هذا الحد ويعطى حباً للناس وللوطن، وابنة جديدة للزوج، من يملك إيمانها وتركيبتها يستطيع.. وها هى تستطيع أن تتخد أخيراً قرار العودة للفن بمسلسل يكتبه محمد الحناوى الذى قدم العام الماضى «خاتم سليمان»

شدتها الصياغة الدرامية فهو يعج بالتفاصيل المصرية بالإنسانيات بالحب .. انعكاس رائع لتفاصيل الأحداث المصرية .. صرخت أكثر من هذا؟

لا ..فقط قالت .. إن المسلسل له اسم مؤقت «دموع السندريلا» لكن لا صلة له بالسندريلا سعاد حسنى التى تعشقها مثلنا وأكثر .. فسندريلا هذا العمل مختلفة، ما يهمنا أنها قررت العودة .. نفضت الآلام المتراكمة وستعود .. نشكر السواعد المحبة التى أعادتها لنا نشكر قدرتها وتحديها للظروف وإيمانها الكبير ..

نشكر ثورة يناير التى نادت على شيريهان فأتت ملبية .. صارخة رافضة لأنامل بغيضة طحنتنا فقراً وبؤساً وعدواناً وظلماً وهى معنا فلا أحد لا يعلم كم ظلمت

 

 

 

المصدر: مجلة حواء -منال عثمان
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 631 مشاهدة
نشرت فى 16 فبراير 2012 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

22,816,696

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز