تآمرت على قلبى و نفسى! "2"
كتبت: سكينة السادات
حكيت لك الأسبوع الماضى طرفا من حكاية قارئتى حنان التى خطبت لابن خالها وهى فى السنة الثانية بكلية الحقوق ثم تزوجت وسافرت معه إلى الكويت، وكان يشغل منصبا مرموقا (مهندس استشارى فى شركة مقاولات كبيرة فى الكويت)، وأنجبت حنان ثلاثة صبية وبنتا واحدة كانت هى آخر العنقود وحبيبة أمها وأبيها . وفى الغربة، قالت حنان إن معارفهم كانوا محدودين للغاية، وكان أهمهم: الباشمهندس عبداللطيف وكان قد قضى فى منصب كبير مستشارى الشركة أكثر من 20 سنة وكان يفكر فى العودة إلى مصر، وفتح شركة مقاولات واستشارات هندسية لكنه أخذ من زوجها وعدا بأن يشاركه المكتب عندما ينتهى من عمله فى الخارج، وكان الحاج عبداللطيف قد تزوج وأنجب ابنتين، متزوجتين الآن ، وبعد وفاة زوجته الأولى تزوج من شابة مصرية تصغره كثيرا وأنجب منها ولدين صغيرين وكانت حنان تلاحظ انبهار الزوجة الشابة بزوجها دائما وكانت تفسر ذلك بأن زوجها كبير السن وكانت حنان تقول لنفسها إنه لابد وأن تكون نيتها حسنة وإلا ما أظهرت إعجابها بأخلاق وتصرف الباشمهندس، وكانت حنان تقرأ المعوذتين وتكتفى بأن تدعو لها بأن يصبح ولداها مثل الباشمهندس وأولاده. وفعلا عاد الحاج عبداللطيف وأسرته إلى القاهرة وبدأ مكتبه الخاص فى العمل الجاد الكبير، وعند زيارة حنان وزوجها للمكتب للتهنئة ذكره الحاج عبداللطيف بوعده بأن «يمسك» المكتب معه ويشاركه بعد أن ينهى عمله بالخارج ! ومرت السنين وعادت حنان وأسرتها إلى مصر ثم فوجئوا بوفاة الحاج عبداللطيف، وارتباك الأمر فى المكتب حيث طالبت ابنتاه الكبيرتين بتصفية المكتب وأخذ حقهما فيما يمتلك والدهما، بينما كانت الزوجة الجديدة منهارة تماما وترفض تصفية المكتب وتطالب زوج حنان بأن يفى بالوعد الذى قطعه على نفسه فى حياة زوجها بأن «يتولى» شئون المكتب ويشاركه عمله وظلت تردد ذلك على مسامع كل الناس !
وتستطرد حنان كلامها معى؛ طبعا شجعت زوجى على أن ينفذ وعده للمرحوم المهندس عبداللطيف وجاء زوجى بابنتيه الكبيرتين وشرح لهما الأمر وأراحهما بأن أعطاهما ما يريدان من تركة والدهما من ماله الخاص واستقرت الأمور فى المكتب برئاسة زوجى وهو ما كنت أتمناه طول عمرى، وهو أن يكون لنا شركة خاصة بنا وكفاية عمل عند الآخرين، وكنت أدفع زوجى دفعا فيما يشبه المؤامرة فى الاستحواذ على المكتب وإعطاء أولاده حقوقهم، لكن زوجى المتدين لم يفعل سوى ما أملاه عليه ضميره ثم تطور الأمر بعد ذلك إذ أصرت زوجة الحاج عبداللطيف على دوام التواجد مع زوجى فى المكتب مما كان يؤزمه نفسيا ولا أعرف كيف أصبح لا يتأزم كما كان يقول لى مسبقا وتطور الأمر إلى قبول زوجى لعملها معه فى المكتب ثم بعد ذلك فوجئت به يقول لى : - حنان .. أنا لم أحب أى امرأة سواك وأولادى أعز عندى من كل مال الدنيا، لكن هناك أمر هام وأنا رجل متدين وأعرف ربنا .. واحد من اثنين إما أن أتزوج أرملة الحاج عبداللطيف فيصبح وجودها فى المكتب مقبولا أو أترك الشركة بعد أن أصلحت حالها وأنقذتها من الانهيار ودفعت فيها كل مدخراتى من العمل فى الخارج وفى النهاية كله لك ولأولادك !
صرخت ولطمت خدودى وقلت له : تتجوز على يا ابن خالى وحبيب العمر ؟ أنا التى تركت دراستى الجامعية وحياتى كلها من أجلك ومن أجل أولادك الأربعة ؟ طيب .. اعملها يا زوجى العزيز وسوف أقتل نفسى أمامك !! واستطردت حنان وهى تبكى بكاء مرا. إما أن ينخرب بيتى ويضيع شقا العمر كله الذى أقمنا به المكتب بعد انهياره بعد وفاة صاحبه الأول، وإما أن أقتل هذه السيدة التى وضعتها بنفسى فى طريق زوجى وإما أن أقتل نفسى أمام زوجى بأن أقطع شرايينى، وقد رتبت الأمر بحيث لا ينقذنى أحد من الموت ولا يمكن أن يتزوج هذه السيدة، وأقول إن الله ينتقم مني لأننى تآمرت وأقنعت زوجى بألا يصفى المكتب وأن يقيمه من أول وجديد لكننى لم أفكر ولم أتذكر انبهار أرملة الحاج عبداللطيف بزوجى إلا بعد فوات الأوان ! زوجى يقول إن تركه المكتب الآن يسبب خسارة كبيرة وانهياراً مالياً تاماً له وأن الحل هو قبولى بزواجه من هذه السيدة حتى لا يغضب الله !! أقول لحنان .. لقد أوقعت الأرملة الصغيرة بزوجك المتدين المستقيم فى براثنها، وكانت أصلا معجبة به، وكان يجب أن تراعى أنها كانت متزوجة من رجل كبير السن، لكننى - أقسم لك - أننى واثقة فى زوجك تمام الثقة، فهو يعرف ربنا جيدا وليس زانيا ولا مجرما ولن يفرط فى حق أولادك.
ساحة النقاش