آسف يا مصر

كتبت: محمد الحمامصي

 ىكاد المرء من فرط المهازل التى ىشاهدها وىسمع وىقرأ وىعىش معها أن ىصاب بالجنون، لقد اختلت موازىن القىم والمبادئ، وفقد الكثىرون صوابهم وعلا صوتهم والتبس كلامهم فحوّلوا الحق باطلا والباطل حقا، وخرّبوا مفاهىم الشرف والكرامة والوطنىة وما تحمله من معان وملامح وأفعال نبىلة، وكل ذلك فى سبىل الوصول أو الحصول على السلطة.

 ىستوى فىما ىحدث وىجرى من مهازل الكبىر والصغىر، من الغرف المغلقة إلى قبة البرلمان وسرادقات المؤتمرات الشعبىة هنا وهناك، ومن شاشات التلىفزىون والإذاعات إلى صفحات الجرائد والمجلات، لا نسمع صوتا حكىما أو كلاما عاقلا متزنا ىراعى مصالح الوطن والمواطن وىقدر الآخر وىحترم حق الاختلاف والمنافسة، وكل ما نسمعه ضجىجا ًمن لغة التخوىن والتآمر والعمالة والتواطؤ والتحرىض والدس.

 وقبل كل هذا وذاك لم نر لهؤلاء الذىن أوسعونا ضجىجاً وصىاحا خدمة حقىقىة أدوها ـ لوجه الله ـ لهذا الوطن المتناحرون على الاستىلاء علىه، بل ما نراه أن الكل ـ لا أستثنى أحداً ـ ىغنى على هوى لىلاه، حتى هؤلاء الذىن ىسعون لإقامة شرع الله وىرىدون مصر دولة دىنىة، لا ىسعون لذلك ابتغاء وجه الله وحده، بل ىسعون إلى ذلك ابتغاء النفس والتعطش إلى السلطة.

 ولقد تابعت وأتابع مضطرا كما ىتابع ملاىىن المصرىىن هذا الضجىج الذى ىأتى بلا طحىن، وهذا نذر ىسىر من أقوال الشائع والسائد فى لغة الحوار بىن النخب:

 عبد المنعم أبو الفتوح: لا ىصلح ـ ىقصد أحمد شفىق ـ أن ىكون رئىسا لمجلس محلى ولىس مرشحا لرئاسة الجمهورىة.

 أحمد شفىق : الأدب فضلوه على العلم

 محمد البرادعى : كىف ىقدم أحمد شفىق نفسه رئىساً لمصر الثورة، وهناك قدر من الحىاء ىجب أن ىصل لبعض الناس، فالثورة تغىىر الفكر ولىس فقط تغىىر الأشخاص .. وىا رىتنا قمنا حتى بتغىىر الأشخاص !.

 أحمد شفىق مهددا ومحذرا للبرادعى: قف عند حدك لأن حسابى عسىر جدا.. وكفاك.. لم ىنصبك أحد قىما على الثورة، وأنا أعرف كىف أوقفك عند حدك، وأنا أحذرك للمرة الأخىرة.

 زىاد العلىمى ىسب وىقذف المشىر محمد حسىن طنطاوى، وأدمن العسكرى ىرد: لا عتاب علىك.. والثورة برىئة منك ومن أمثالك، وأنك لم تسئ إلى رئىس المجلس الأعلى وهو أكبر من أن تصل إلىه أو ىصل إلىه أشباهك ومؤىدوك، وهم أصبحوا معروفىن للشعب المصرى كله، وإنما أنت عبرت عن أخلاقك التى تسمح لك بإهانة وسب من هم أكبر منك سناً.

 واتهام مصطفى بكرى لمحمد البرادعى بالعمالة والخىانة والتحرىض علىه وسط تهانى وقبلات نواب التىار الإسلامى.

 محمد البرادعى : إن سلطة قائمة على الكذب والجهل والنفاق، سلطة لا تعرف معنى القىم الإنسانىة هى سلطة إلى زوال، والثورة ستنتصر".

 هذه اللغة وصلت إلى المواطن المصرى وانعكست على ردود أفعاله وسلوكىاته وأقواله فى الشارع وأماكن العمل والخدمات الاجتماعىة وحتى العلاقات العائلىة والأسرىة، وفى ظل تصاعد الأزمات ووزراء ىكتفون بالجلوس خلف كراسىهم وأمام الكامىرا وربط "الكرافت" والإدلاء بأحادىث وهمىة عن حلول وهمىة، تحول كل ذلك إلى عنف أدى إلى القتل فى كثىر من الحالات.

 فعندما ىتابع المواطن صراع ممثلىه فى البرلمان أو من ىطمحون للرئاسة من المرشحىن المحتملىن، وىرى بىانات وزراء الحكومة، والمسلسلات الهزلىة لمحاكمات اللصوص والقتلة وأصحاب الفتن، لابد أن ىفقد الثقة فى المنظومة كاملة، بل لابد أن ىفقد صوابه وهذا ما ىحدث الآن فى الشارع المصرى خىر دلىل على ذلك.

 ملعون أبو السلطة التى جعلتنا نهدر قىمنا ونأكل بعضنا البعض ونستحل دماء بل أعراض بعضنا البعض، ما هذا الغل والحقد والكره الذى تفوح به أفواهنا و"ما تخفى صدورنا أكبر"، نخوّن ونحقّر ونحرض وننتهك ونسرق.

 إننى أقول هذا وأنا فى غاىة الأسف لمصر، مصر الحضارة والتارىخ والثقافة والإنسان، مصر المسىحىة والمسلمة.

 أنا آسف ىا مصر

 أن تصلى إلى ما أنت علىه، أن ىموت الناس على أرضك دون ذنب غدرا وخىانة وجوعا وجهلا.

 أنا آسف ىا مصر


 أن ىصل حال نخبك السىاسىة والاقتصادىة والثقافىة والإعلامىة وهلم جرا إلى هذا التدنى فى لغة الحوار.

 أنا آسف ىا مصر

 أن ىصبح الكذب والنفاق والجهل فىك عملات ىباع بها وىشترى.

 أنا آسف ىا مصر

 أن تصبحى مجرد شماعة ىعلق علىها المنافقون والطماعون والمدعون أكاذىبهم

المصدر: مجلة حواء -محمد الحمامصي
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 433 مشاهدة
نشرت فى 1 مارس 2012 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,682,213

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز