«كولفين» ليست الأولى ولن تكون الأخيرة«

كتبت :تهاني الصوابي

رأيت اليوم طفلاً يلفظ أنفاسه الأخيرة ، إنه أمر فظيع جداً ما يجرى فى «بابا عمرو»، المدنيّون مستهدفون بالقصف والقنص» كانت هذه الكلمات للصحفية الأمريكية «مارى كولفين» قبل يوم واحد من مقتلها فى قصف للقوات السورية على حمص فى بابا عمرو، استهدف منازل المدنيين ، ومن بينها المنزل الذى كانت تقيم فيه ، فقد دفعها إصرارها للذهاب إلى سوريا ، ورصدها ما يحدث هناك أن تدخلها سراً بعد أن فشلت فى الحصول على تأشيرة دخول رسمية من وزارة الخارجية السورية.

 «كولفين» التى فقدت عينها اليسرى أثناء تغطيتها الحرب الأهلية فى سيرلانكا عام 2001 ، ليست الصحفية الوحيدة التى دفعها الإصرار للذهاب إلى مناطق الحروب والنزاعات وفضح الأساليب القمعية للأنظمة الفاسدة والديكتاتورية ، ورصد الأوضاع هناك ، والبحث عن قصص إنسانية وسط الموت ، فقد لقيت نفس مصير الصحفية «سحر حسن الحيدرى» مراسلة الوكالة الوطنية العراقية للأنباء ، حيث أطلق مجهولون النار عليها ، وتم الإستيلاء على هاتفها المحمول ، وردوا على المتصلين عليه بأن «الحيدرى» ذهبت إلى الجحيم.

 وكانت «الحيدرى» قد تعرضت للاغتيال عدة مرات ، وكانت آخر كلماتها : إن حالتنا النفسية غير مستقرة ، لأننا نعيش ونفكر فى خـــوف وقلق على مصيرنا ومصير أفراد أسرتنا وأقاربنا وأصدقائنا ، لكننى لم أفكر أبداً فى الاعتزال لأن الصحافـــة حياتى وأنا أحبها.

 وقد سبقها أيضاً مصرع المراسلتين الصحفيتين «زكية زكى» و «شكيبة سانجا أماج» فى أفغانستان واللتان لقيتا مصرعهما رميا بالرصاص، عندما كانتا تنتقدان الحكم الديكتاتورى ، والقمع الأمنى الذى يمارس فى بلادهما ضد أبناء وطنهما بلا رحمة أو هوادة ، دون تفريق بين الرجال والنساء والأطفال.

 هذا الحب والعشق والوله للبحث عن الحقيقة من قبل الصحفيين بصفة عامة والصحفيات بصفة خاصة ، قتل أيضاً الصحفية العراقية «أطوار بهجت» والتى لقيت مصرعها فى مدينتها «سامراء» التى هرعت إليها لتنقل الحقيقة وهناك تم قتلها وقد نعاها زملاؤها بأن ذهاب «أطوار» هو «ذهاب لجزء كبير من الحقيقة ، وجزء كبير من الحيادية والمهنية والحرفية والأخلاق الصحفية السامية ، وهى الخصال التى يجمع الكثيرون أنها تميز معظم الصحفيات خاصة ممن يعملن فى مناطق الحروب والنزاعات حيث يبحثن دائما عن الحقيقة الغائبة أو المعتم عليها من قبل الأنظمة الديكتاتورية.

 المؤكد أن الصحفيات اللاتى يعملن فى مناطق النزاعات والحروب والثورات يتصفن بالشجاعة وقوة الشخصية وحب المهنة والغيرة على حقوق الإنسان وعدم الانتهاك لآدميته ، والقدرة على فضح الجرائم البشعة وغير الإنسانية ضد المدنيين والعزل والنساء والأطفال ، وهو ما يثبت أن النساء قادرات على التغيير إلى الأفضل فى هذه المجتمعات الحاكمة من خلال فضح فظائع الأنظمة الديكتاتورية ، وتثبت الاغتيالات المأساوية ومقتل الصحفيات عن عمق العنف الذى تواجهه تلك الصحفيات أثناء ممارسة عملهن مما ينطبق عليهن مقولة:

 «من يتهيب صعود الجبال يعيش أبد الدهر بين الحفر»

المصدر: مجلة حواء -تهاني الصوابي
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 490 مشاهدة

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,781,797

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز