كلـّه إلا الدواء

كتبت :فاتن الهواري

 مما لاشك فيه أن صناعة الدواء موجودة وقائمة بمصر منذ سنوات طويلة، فعندما أنشأ طلعت حرب رجل الاقتصاد المصرى بنك مصر أنشأ من خلاله أول شركة أدوية سنة1939، بناء على ذلك استشعرت الدول أن الدواء جزء مهم جداً وحيوي فى تكوين كيانها.

 ويمثل الدواء واحداً من أهم السلع الضرورية لحياة المواطن، ويرقى ليعد مؤشراً حاكماً من مؤشرات التنمية البشرية والرفاهية العامة، ولذلك من المهم أن يتوفر لكل مواطن العلاج الملائم بسعر مناسب وفق المواصفات الدولية المعتمدة، وعلى ذلك تبدو أهمية خلق صناعة دوائية وطنية قوية قادرة على تغطية أهداف السياسة العامة للدولة ،فضلاً عن قدرتها على المنافسة والتجديد والابتكار من خلال آلية تحظى بالاستمرارية فى مجالى البحث والتطوير لمواجهة الظروف التعاقدية الدولية.

 ومن الجدير بالذكر أن صناعة الأدوية تواجه العديد من الصعوبات والضغوط بعد ثورة 25 يناير، ومن بين أبرز هذه التحديات تحديث العمل فى المنظومة الصناعية الدوائية المحلية بشكل يتلائم مع التطورات الجارية فى صناعة الأدوية العالمية وبدون أن يتسبب هذا الأمر فى ارتفاع أسعار الدواء فى الأسواق.

 ومن أهم المشاكل التى تواجه شركات الأدوية فى مصر بعد ثورة يناير، المطالب الفئوية وإضراب العاملين وتهديدهم بالتوقف عن العمل وهذه هي الطامة الكبرى .. مع العلم أن العاملين فى شركات الأدوية يأخدون مميزات لا مثيل لها ويتمتعون بمرتبات عالية جداً ومزايا أخري كثيرة ومزايا عينية ومادية وحوافز وتأمينات وأرباح عالية جداً ورغم ذلك يطلبون مطالب متصاعدة بعضها يخالف القوانين واللوائح فلماذا نزيد المطالب فى هذا الوقت الذى نحتاج فيه جميعاً للعمل وللتكاتف ولكى نكون يداً واحدة، لماذا الاستغلال السيئ للمواقف وانتهاز الفرص للحصول على مميزات أكثر فى وقت نحتاج فيه جميعا أن نكون يداً واحدة من أجل بناء مصر .. فما يحدث من وقفات احتجاجية أو تهديد بالإضراب عن العمل يسىء لنا جميعا كشعب متحضر محب لبلده .. فإذا توقف العاملون فى شركات الأدوية عن العمل .. ماذا نتوقع أن يحدث؟

 فالدواء أحد أضلاع مربع الحياة مع الطعام والكساء والسكن، وصناعة الأدوية من الصناعات الاستراتيجية التى تقوم الحكومة بدعمها مادياًً،حتى تصل منتجاتها إلى المواطن بسعر منخفض، ويعد الدواء من أهم القطاعات الاستراتيجية وأكثرها حيوية نظرا لارتباطه بصحة الأفراد، وصناعة الدواء من أكثر الصناعات التى تتطلب تكلفة تكنولوجية مرتفعة، كما تعتبر الأبحاث والتطوير من أهم متطلبات هذه الصناعة، وملف الدواء فى مصر هو الوجه الآخر لملف الصحة الذى يهم كل مواطن.

 فلا يوجد عندنا وقت للمظاهرات أو الوقفات الاحتجاجية أو المطالب الفئوية وخصوصاً فى شركات الأدوية، فلا مجال للتوقف عن العمل ولو لحظات فى مكان حيوى ومهم له علاقة مباشرة بصحة المواطن البسيط الغلبان ..

 نحتاج فى الفترة القادمة أن نكون جميعاً على قلب رجل واحد حتى نستطيع أن نلفظ المحاولات الخارجية للضغط والتأثير علينا..

 فليس الوقت الآن يسمح أن نتوقف عن العمل ولكن عجلة العمل لابد أن تدور في جميع الشركات والمصانع والهيئات وأهمها شركات الأدوية فصناعة الدواء المصرى تجد منافسة شرسة الآن من صناعة الدواء فى الدول العربية الأخرى، مثل الأردن والسعودية ودول الخليج، بعد أن كانت مصر هى المحتكرة لسوق الدواء فى العالم العربى.. لابد أن يكون هناك وعى وحس وطنى من أجل العمل لصالح مصر ولخير مصر، فما يحدث من مطالب فئوية فى شركات الأدوية فى مصر، هذا القطاع الكبير الذى يخدم كل أبناء الشعب المصرى، يؤثر على منظومة العمل وليس هذا من أخلاق المصريين وليس هذا وقته وخصوصاً أن العاملين فى شركات الأدوية يحصلون على حقوق يحسدها عليهم الكثيرون .. فلماذا استغلال الفرص فى هذا الوقت العصيب الذى تمر به مصرنا الحبيبة.. فصناعة الدواء جزء من الأمن القومى لأى دولة حيث يمس الدواء مصالح كل الفئات المجتمعية بلا استثناء.

 مصر بخير بالبعد كل البعد عن الوقفات الاحتجاجية والمظاهرات واستغلال الفرص من أجل تحقيق أطماع شخصية مؤقتة، فالهدف الأهم والأكبر أمامنا هو الوصول بمصر إلى بر الأمان، وقتها فقط سوف نعرف مصر رايحة على فين ونطلب حقوقنا المشروعة بطريقة حضارية تليق بشعب مصر العظيم.

المصدر: مجلة حواء -فاتن الهواري
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 432 مشاهدة
نشرت فى 8 مارس 2012 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,702,480

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز