فتوى وتعقيب

كتب :محمد الشريف

أثارت الفتوي التي صرح بها الواعظ «محمد العرقبى» بتحريم خلوة الأب بابنته، وحرمة احتضانها وتقبيلها، كإجابة علي سؤال عن رجل يتحرش بابنته، قلقاً شديداً في المجتمع المصرى، خاصة بعد الفيض العارم من الفتاوي التي تغمر المجتمع من مشايخ الوهابيين والسلفيين والتي غالباً لا تعبر عن سماحة ويسر الإسلام، توجهنا بهذه الفتاوي لأهل العلم باحثين عن مدي صحتها

 يرى د. سعد الدين هلال - أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، أن هذه الفتوى خاصة بهذه الحالة لوجود شذوذ بين الأب وابنته، وليست معممة على كل أب وابنته، ولو عرض هذا السؤال لأجبت نفس الإجابة.

 يفرق د.هلال بين الفتوى الدينية والحكم الشرعى فيقول:

 الفتوى تخص الحالة القائمة ولا تعمم على جميع المسائل المشابهة، بينما الحكم الشرعى ثابت يطبق على كل الحالات، فحينما سٌأل ابن عباس هل للقاتل من توبة؟ فقال رضى الله عنه: نعم. وبعدها بقليل دخل عليه سائل آخر يقول له للقاتل من توبة؟ فقال: لا!، فتعجب من حوله قائلين: كيف تجيب على سؤال واحد بإجابتين؟!

 فقال: أما الأول فقد قتل وندم على فعلته وأراد أن يتوب، فأردت أن أفتح أمامه باب الرحمة، وأما الثانى: فقد ملأ الحقد قلبه وأراد أن يقتل أحدهم، فأردت أن أرده عن ما يريده.

 ومن هذا الأثر نرى أن الفتوى تختلف من حالة إلي أخري ومن شخص إلي آخر.

 فالفتوى هنا تخص الرجل الذى يعانى من شذوذ مع ابنته أو أحد محارمه، وإلا كيف نحرم أن يختلى الأب مع ابنته؟

 والله سبحانه جعله محرماً لها في السفر، وتنام معه فى غرفة واحدة والأعظم من ذلك أن والد زوج الفتاة يمكن أن يسافر بها، واستشهد على ذلك بقوله تعالى: «ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن»

 ويقول «حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم» .

 ولنا فى رسول الله  القدوة والأسوة الحسنة.

 حيث كان يدلل السيدة فاطمة، ويقبلها ويحتضنها ويفرش لها عباءته.

 ونضيف: الآباء فى الجاهلية كانوا يقتلون بناتهم خشية أن يجلبن لهم العار بعد أن يكبروا، فكيف يقوم الأب بجلب العار لنفسه ويلطخ نفسه بهذا الجرم، فالبنت بالنسبة لأبيها شرفه وعرضه، هذه قاعدة ومادون ذلك فشاذ، يصدر عن معتوه.

 وتتفق د.آمنه نصير - أستاذة العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر مع د.هلال، مشيرة إلى دور الإعلام فى الترويج لمثل هذه الفتوى وتعميمها وأنه نوحد حالة من المليون لأب شاذ فى معاملته مع محارمه.

 وتضيف: كيف تُخَوَّن الأسرة وتقول إن راعى البيت وحاميه لا يجلس مع ابنته أو يدللها ويقبلها ويحتضنها فهذا خراب أخلاقى، بل يجب على الدعاه الوعاظ وأولى الأمر من أهل الذكر بتدعيم الأخلاق والفضيلة داخل المنزل ويتكلمون فى خطبهم عن البيوت السوية القائمة على الشريعة الإسلامية والتى تتوافق مع النفس البشرية، وإن واحداً مثل هذه الحالات الشاذة داخل الأسرة يتم اللجوء إلى طبيب نفسى ويتم معالجة المشكلة بسرية تامة، بدلاً من فتوى تنشر على النت ويتم تداولها بوسائل الإعلام المختلفة.

 والأخطر من ذلك أننا عندما نعلن عن مثل هذه الحالات فإننا نسهل هذه الكوارث على الأب الذى يقوم بفعل هذا الجرم، ويشعر بذلك أنه أمر متداول فى كثير من البيوت وليس عيباً فيه وحده وهنا تتفاقم المشكلة.

 ويستنكر الشيخ محمد السيد - إمام وخطيب بوزارة الأوقاف - مثل هذه الفتاوى وتناولها فى وسائل الإعلام خاصة بتعميمها دون علم بفقه الفتوى، وهنا يسرع الإعلام فى تناول مثل هذه الحالات ليحصل بذلك على خطف صحفى. متناسياً ما قد يسبب فعله فى إفساد الحياة الأسرية وزرع الشك بين الأب وأبنته، وأرى أننا نعيش فى زمن انتشرت فيه الفتن، انتشرت فيه الرزيلة، الماسك على دينه كالماسك على جمرة من نار.

 والله أعلم

المصدر: مجلة حواء -محمد الشريف
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 522 مشاهدة

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

22,811,812

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز