الأمهات يتذكرن.. الطفل الأول لحظـات لا تنسـى

كتب :محمد الحمامصي

 تصل نغمات الصرخة الأولى للطفل "البكري" إلى أذن أمه الغارقة في آلام المخاض، فتنسيها عناء وشقاء أيام وليالي الأشهر التسعة، وتملأ قلبها طربا وعينيها فرحة وسعادة، تشعر بأنها رغم ما يحيط سريرها من بقايا القطن والدم والحقن أنها ملكة متوجة تغازلها زغاريد الفرحة، ويسعى الجميع لخدمتها الزوج وأفراد عائلته وعائلتها، إنها لحظات نادرة في حياة الأم والأب أيضا، على الرغم من أن هذا الأخير لم يعان معاناة الأم ولا ذاق طلقة ولادتها، هذه الطلقة التي تعتصرها >>

 تضحك مديحة حافظ قطب ـ مدرسة ـ عندما تذكر لحظات ميلاد ابنها الأكبر ـ أحمد ـ وتقول : عندما أحسست آلام المخاض وكان الوقت ليلا، أيقظت زوجي الذي اتصلت بوالدتي التي جاءت سريعا مع أخي وأختي لتقرر أن ما أنا فيه حالة مخاض، فاتصل زوجي بالطبيبة، وأخبرها أننا في الطريق إليها، واتصل أخي بصديق له يملك سيارة، وما أن وصلنا إلى عيادة الطبيبة حتى وجدنا أخوة زوجي قد سبقونا إلى هناك، كنت في حالة عصبية شديدة، كل من يقترب مني أصرخ فيه، دخلت غرفة الولادة ـ ولدت بشكل طبيعي ـ بكيت وصرخت، كنت أتألم على الرغم من حقنة البنج، ولم أفق إلا على صرخات أحمد، لم أر سواه، والطبيبة تحمله ووالدتي والممرضة تجري هنا وهناك، حين تلمست يدي صغيري لم أكن أصدق أن هذا الكائن خرج مني، لكن لحظة رضاعته لا تنسى أصابتني قشعريرة اهتز لها قلبي، إنها لحظات وإن تكررت بعد ذلك إلا أنها تظل محفورة بداخلي.

 وتذكر "ناريمان علي" ـ أخصائية اجتماعية بإحدى المدارس الخاصة ـ أنها فتحت عينيها عقب ولادتها لابنها البكري عبد الرحمن على أهل زوجها وأهلها حول السرير، وحين التفتت على يمينها وجدت ابنها وكان باسم الله ماشاء الله جميلا، وقد ارتدى برنسا ورديا، وقالت : عدلتني أمي وحملت عبد الرحمن ووضعته على صدري، قبلت رأسه ومررت بوجهي على أنفه وفمه وخدوده، لازلت حتى اللحظة أذكر أنفاسه ورائحته، فرحة لا تعادلها فرحة في حياتي كلها.

 ولا تنسى ناريمان قبلة زوجها لها وتقول: الفرحة ـ خاصة أن المولود كان ذكرا ـ جعلته لا يفكر أن هناك أناسا حتى لو كانوا أهله وأهلي حولنا، مال علي وأنا أحتضن عبد الرحمن وقبلني، وهذا ما لم يكرره بعد ذلك مع ابنتي ياسمين وابني عمر.

 وتقول نجوى عمر فتقول : كانت تجربتي الأولى في الولادة شديدة الصعوبة، حيث لم أكن أعي ما معنى "الطلق" ولا عدد مراته وكيف أن تسارع هذه المرات دليلا على اقتراب الموعد، لذا عندما بدأت الآلام أخبرت والدتي، فقالت لي لم يحن الموعد وأن ما يجري مجرد "تفاسيح" وهي كلمة مشهورة عند الوالدات من كبار السن، ولكني لم أتحمل واتصلت بالطبيب المتابع لي، وكان يستعد لامتحان الدكتوراه في الصباح، فأخبرني أن أذهب بصحبة زوجي وحمل أوراق المذاكرة وجاء معنا، وظللت لساعات طويلة، ويخبرني أن موعد الولادة اقترب، وأنا أتهمه بالكذب ويتركني ويدخل غرفته ليذاكر، وأصرخ مطالبة شقيقتي بإحضاره ليهدأني، حتى جاءت اللحظة الحاسمة وأخبرني أنه حان دخولي غرفة الولادة، ووضعت ابنتي وما أن أفقت ووضعتها على صدري إلا وشعرت أن العالم كله تغير، وزادت سعادتي عندما علمت ببكاء زوجي وأنا في غرفة العمليات، وكانت "البكرية" تأكيدا لعلاقتنا وقوتها، ولكن الولادة الأصعب كانت في ابني الأخير حيث ولدت بعملية قيصرية، وبينما ولدت شقيقتاه الأكبر طبيعيا، وكان زوجي في منحة دراسية بالخارج، لكنها مرت وبقيت لي أجمل الذكريات في ولاداتي الثلاث لأجمل أطفال في العالم.

 وتبتسم بثينة خالد ـ أخصائية كمبيوتر ـ فزوجها عقب ولادتها لابنتها الكبرى علياء عزم الممرضين والممرضات وكل من كان حاضرا من الأهل والأصدقاء على كباب وكفته، وتقول : وصلت المستشفى مستندة على ذراع أمي وزوجي قبل الظهر، من شدة الألم لم أكن أطيق حديثا من أحد، دخلت غرفة العمليات بعد ساعة من وصولي، وولدت بعد ساعتين من دخولي ولاة طبيعية، كل الألم والصراخ ضاع لحظة أن احتضنت ابنتي وبدأت الطبيعة تعلمني كيفية الرضاعة، وعندما أرضعتها شعرت بحرارة أنفاسها، لحظتها كل "حنينة" الدنيا كانت تتدفق من قلبي، كنت أحتضنها بخوف ورقة.

 وتحكي مريم عبد الباسط ـ مهندسة ـ تجربة ولادتها لابنيها وتقول: الأولى مع ابني محمود، كانت ليلة شم النسيم أستعد كالعادة للخروج للنزهة مع زوجي، لكني صحوت فجرا على مغص بيسمع في ظهري، فقلت لزوجي لابد أن نذهب عند والدتي، وصلني عند والدتي وذهب لعمله، اتصلت بالدكتور فقال لي عندما يتناوب عليّ المغص كل 5 دقائق، في منتصف اليوم بدأ المغص يتكرر، اتصلت بالدكتور وبزوجي، وفي ظرف ساعة كنت في غرفة الولادة، الحمد لله ولادتي كانت سهلة جدا على الرغم من أنها الأولى، لدرجة أنني عندما أفقت من البنج لم أكن أصدق أني ولدت، وكنت أقول لصديقاتي " أنا ماولدتش أنا كنت في رحلة"

 أما التجربة الثانية أرهقتني جدا، خصوصا أنني أثناء الحمل نقلت لشقة جديدة، اتهد حيلي فعلا من النقل والحمل وجاءت الولادة لتكمل عليّ ولولا أمي ربنا يخليها لي، وفي يوم بالليل شعرت بالمغص الرذل إياه "فضل يروح ويجي بس على فترات بعيدة" لكنني صمدت، كان جوزي مسافرا وأقيم مع والدتي وعلى الساعة العاشرة صباحا رحت للدكتور و فضلت أنتظر وأنا أتألم حتى الساعة الواحدة ظهرا و كنت مغتاظة من الدكتور، ومع ذلك قال لي "الرحم لسه مافتحش قوي و إداني طلق صناعي وأجارك الله كنت بموت ووصلت بنتي الآنسة لمار في الساعة الثالثة عصرا ووسط زغاريد أمي نسيت كل حاجة بعد ما شوفتها زي ما بيقولوا "العلقة المنسية"

المصدر: مجلة حواء -محمد الحمامصي
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 803 مشاهدة

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,699,396

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز