العفو.. وسياسة الإلهاء !

كتبت :نبيلة حافظ



 المتأمل للساحة السياسية فى مصر يجد شيئا هاماً وخطيراً يطفو على سطح الأحداث منذ ثورة 25يناير وسقوط الرئيس السابق عن سدة الحكم .. وهى اتباع سياسة الإلهاء على الشعب المصرى.. نفس السياسة التى كان يتبعها الرئيس السابق مع شعبه هو ونظامه الفاسد.. فلقد تفننوا فى إلهاء الشعب المصرى بمشكلات حياتية كثيرة تلهيه عن التفكير فى الأحداث التى تدور حوله وتجعله ينشغل بهمومه وأوجاعه ولا يبحث عن حقوقه المهدرة وحريته المسلوبة .. فكانت هناك مشكلات التعليم.. ومأساة الثانوية العامة التى تعيش فيها كل الأسر المصرية.. ومشكلات المواصلات ورغيف الخبز.. وانتشار الرشوة والفساد فى كل قطاعات الدولة.. ومشكلات الصحة.. وغيرها من المشكلات التى تفاقمت كم حولنا على مدار ثلاثة عقود وجعلت الحياة حجيماً لا يطاق..

 وقامت ثورة يناير.. وتخيلنا جميعاً أن كل شىء من حولنا سوف يتغير كما تغير رأس النظام وتم الإطاحة به.. ولكن للأسف لم يحدث هذا .. لأن - للأسف الشديد - من يتحملون مسئولية الحكم تربوا وتشبعوا بذات السياسة البائدة.. سياسة إلهاء الشعب بمشكلات تجعله يحيد عن هدفه الأساسى ويتوه عن مطالبة الرئيسية ألا وهى الحرية والعدالة الاجتماعية وبالنظر على الأحداث التى توالت علينا منذ أن تولى المجلس العسكرى الحكم بعد سقوط مبارك.. نجد أحداثاً كثيرة دموية أحاطت بنا وجعلتنا لا نفيق من كابوس مخيف أحداثه كلها خراب ودماء تسال هنا وهناك لشباب أبرياء قلوبهم مازالت نقية بيضاء تبحث عن حلم يتحقق على أرض مصر الوطن والأم..

 فمن أحداث البالون.. إلى إمبابة إلى أطفيح.. إلى ماسبيرو.. إلى محمد محمود.. إلى مجلس الوزراء.. إلى بورسعيد.. إلى وزارة الداخلية.. إلى المنظمات الأهلية.. وأخيراً موضوع محاولة العفو عن رجال النظام السابق القابعين بطره.

 أحداث ممنهجة ومدبرة بإحكام لإلهاء الشارع المصرى عن تحقيق أهدافه التى ثار من أجلها وأسقط نظاماً ظل قابعاً على أنفاسه ثلاثين عاماً..

 ولكن .. السؤال هل سينجح من يحكموننا الآن فى فرض هذه السياسة علينا ..؟!

 - الاجابة الأكيدة هى.. لا يمكن أن يحدث ذلك.. والشعب المصرى الذى انتفض وهب فى يناير لا يمكن أن تنطلى عليه هذه السياسة مرة أخرى .. هو لديه القدر الكافى من الوعى والذكاء لكى يتصدى لكل هذه السياسات.. ولن يقبل بها اطلاقاً مهما كان الثمن.

 لذلك على السيد رئيس الوزراء أن يجنب هذه السياسات ولا يحاول طرحها مرة أخرى.. ولتكن محاولته الأخيرة المطروحة فى المشروع العفو عن رموز النظام السابق مقابل استرداد بعض من أموالهم هى المحاولة الأخيرة.. لأنها سوف تصبح محاولة فاشلة لن يقبلها أى مصرى شريف على أرض هذا الوطن.. لأنه لا تصالح على الدم.. ومن غير المعقول أن تطرح هذه المبادرة بعد مرور كل هذا الوقت.. فالعرض جاء متأخراً كثيراً وكان مقبولاً أن يقدم قبل 11فبراير .. فالنظام السابق سفك دماء المصريين لخدمة مصالح هؤلاء من أجل الإبقاء عليهم وهم شركاء اساسيون فى جرائم قتل المصريين..

 إن هذا العرض غير جاد.. والشعب المصرى واع ولن ينخدع فيما يخفيه هذا العرض .. إن الهدف منه إلهاء الشارع المصرى لينقسم على نفسه بين مؤيد له ومعارض، وبالتالى ينشغل عن قضاياه المصيرية وهى التحول الديمقراطى وانتهاء الفترة الانتقالية برئيس منتخب من إرادة الشعب ولا يفرض عليه.. هذه هى أهدافنا .. ولن يثنينا عنها أى مخططات أو سياسات. فلن نستسلم لسياسة الإلهاء مرة أخرى!

المصدر: مجلة حواء -نبيلة حافظ
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 382 مشاهدة

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,947,325

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز