مهزلة الرئيس .. !
كتبت :نبيلة حافظ
كل يوم يمر علينا نزداد يقينا بأننا سرنا فى الطريق الخطأ وأن كل الخطوات التى قمنا بها جعلتنا نتخلف عشرات السنين إلى الوراء .. والطريق الخطأ الذى سرنا فيه هو تأخير كتابة دستور لمصر بعد ثورة 25 يناير .. ذلك الدستور الذى كان سيرسم ويخطط ويحدد كل شئ على أرض المحروسة.. بداية من سلطات رئيس الجمهورية نهاية بكل السلطات الأخرى التى نحن حائرون الآن أمامها ونتوه فى دروبها ونتخبط فى قانونية اجراءاتها .
الآن فقط أدرك من انحازوا للانتخابات قبل الدستور مدى الجرم الذى وقع بنا وجعلنا نتخلف ونتخبط كثيرا .. ولا ندرى من أى طريق نسير لنصلح ما أفسده هذا النهج وذلك الاختيار المعيب. لقد شارك كل من أيدوا الانتخابات أولا وجعلوا الدستور مرحلة أخيرة من المرحلة الانتقالية فى هذه المهزلة الحادثة الآن فى ترشيحات رئيس الجمهورية.. فلقد كانت الفرصة سانحة لكل من هب ودب .. وأصحاب النفوس المريضة والباحثين عن الشهرة والأضواء فى التقدم لهذا المنصب العظيم غير مدركين لمكانته وغير مترفعين عن الاستهزاء والاستهانة به .. ولم يبالوا من أن يجعلوا صورة مصر أمام أعين العالم صورة سيئة معيبة.. فمن غير المعقول أن التربى .. والسائق .. وعاملة النظافة.. والطباخ والممرض والعامل- وغيرهم من أصحاب المهن البسيطة التى نحترمها ونقدرها بالمجتمع- يجد فى منصب رئيس الجمهورية مجالا للعبث والسخرية والاستخفاف بحيث يتقدم له زاعماً أنه يصلح لهذا المنصب .. بكل تأكيد كل هؤلاء يعرفون أنهم لايصلحون ولكن المشكلة وسائل الإعلام المصرية التى شاركت وبجدارة فى حدوث تلك المهزلة وسارعت إلى التقاط هذه الشخصيات وتسليط الضوء عليهم .. كان من الأجدر على وسائل الإعلام أن تترفع عن هذا الأداء السىيء وأن تبتعد عن المهاترات وألا تعطى الفرصة لهؤلاء لكى يخرجوا إلى العالم بهذه الصورة ويجعلونا اضحوكة وسط باقى الشعوب .
الآن فقط أدركنا قيمة الدستور أولا .. فلو كتب لنا أن نصيغ دستور مصر الجديدة لكان هذا كافيا لسد هذه الثغرة.. وكان الدستور كافيا لوضع قواعد ومعايير اختيار رئيس الدولة .
ولكن قضى الأمر.. ووقع المحظور وهانحن مازلنا نسير فى الطريق الخطأ.. ولكن كل ما نتمناه من الله أن نخرج من هذا المأزق .. وأن نغير النفق المظلم الذي سرنا فيه.. ويبقى لدينا بصيص من الأمل أن يوفقنا الله إلى رئيس مخلص محب لبلده وشعبه .. رئيس بحجم ومكانة مصر العظيمة .. يكون قادرا على استعادة دورها الإقليمى والدولى .. على قدر المسئولية الهائلة التى تنتظره .. رئيس غير تقليدى يبحث عن حلول غير تقليدية لمشاكلنا .. يدفع بالبلاد إلى الانفتاح على العالم الخارجى .. يؤمن فى قرارة نفسه بأن ماحدث فى مصر ثورة وبالتالى عليه أن ينسف كل ماهو قديم .. وأن يبنى الدولة على أساس جديد تماما .. يكون حازماً.. عادلاً.. متواضعاً.. لا ينفرد بقراره ويشاور الآخرين .. لا ينعزل عن شعبه .. يخالطهم .. يتعرف على همومهم وأوجاعهم .. يخفف عنهم ويوفر لهم حياة كريمة مناخها الحرية والعدالة والمساواة
ساحة النقاش