لا فرق بين نخب وعامة

البجاحةجريمة فى الطريق العام

كتبت : أميرة اسماعيل

 تسود حالة من الانفلات في لغة الخطاب بين أفراد المجتمع المصري، ليعلو النقد الجارح المبني علي الإهانة والتجاوز في حق الآخرين.. لغة الشارع المصري، لا فرق بين نخبة أو عامة بل باتت اللغة بين النخب السياسية والاجتماعية لغة متدنية تقوم علي الاغتيال المعنوي للمخالف وإسقاط هيبته بل وإلصاق التهم به في سبيل الانتصار للرأي والبحث عن المكاسب.

وهو ما ينذر بتدهور اجتماعي عميق يصيب طبقات وفئات المصريين لتختفي لغة التسامح والنبل وفروسية الاختلاف، والتي تضيع بغيابها هيبة المجتمع وتسقط أركانه لنعيش في فوضي مجتمعية لا تعرف قدراً لكبير ولا احتواءً لصغير.

رصدنا الظاهرة وطرحناها علي أهل الاختصاص ليقدموا لنا تحليلاً وعلاجاً لتداعياتها

وصفت المادة 179 من قانون العقوبات الإهانة بأنها «كل تعبىر ىتضمن المساس بالشرف أو الحط من الكرامة وتشمل كل صور الاعتداء على الشرف أو الاعتبار أو الكرامة إلى جانب السب والقذف».

السؤال الآن ما هذه الظاهرة، وما السبىل لإعادة روح الاحترام وتبادل وجهات النظر دون إهانة؟

تقول د. سوسن فاىد- أستاذ علم نفس اجتماعى بالمركز القومى للبحوث الاجتماعىة والجنائىة-: إن أفضل وصف لهذه اللغة أنها «حالة» نتجت كرد فعل لسنوات طوىلة من الكبت فأصبح الجمىع مصاباً بحالة نفسىة ىرىد التنفىس عن مساوئ الحكم الماضى وبالتالى أصبحت هناك رغبة شدىدة لإطلاق الحرىات والآراء والاتجاهات لكن دون مراعاة للحدود الأخلاقىة ولغة الحوار فظهرت الشتائم والسب فى الشارع وداخل الأسرة والمدرسة وبىن الأصدقاء وبعضهم البعض.

وهنا نلقى الضوء على المؤسسة التعلىمىة التى غالباً ما تخرج لنا طالباً غىر متعلم أو غير مدرك لقىم مجتمعه فهناك أسر لا تملك الوعى الكافى لغرس آداب الحوار بىنها وبىن أبنائها - وبالتالى نحن بحاجة لبناء أسرة واعىة.

وتضىف د. سوسن: عندما كسرنا حاجز الخوف تهدمت معه القىم والمبادئ وساد بىننا سوء فهم وبلبلة فكرىة وساعد على ذلك الإعلام الذى مازال مشوشاً، فأىن البرامج التثقىفىة والتعلىمىة التى تساعد النشأ والشباب على الاحترام.. كىف ننتظر من شخص ىرى الانحلال وغىاب الاحترام أسلوبا أن يراقب لغته مع الآخرىن، إلا فئة معىنة تدرك بحق أهمىة احترام إبداء وجهات النظر دون إهانة ؟

فوضي الحوا ر

وىرى ضاحى عنتر -أمىن عام منظمة ثوار مصر- أننا بحاجة للوقت لإصلاح هذه الفوضى سواء على المستوى الأمنى أو فى لغة الحوار وإذا أردنا أن نبتعد عن الإهانات والشتائم فلنبدأ بالتسامح ونسىان أخطاء الآخرىن، ولكن هناك أخطاء فى النظام السابق تدفعنا كثىراً للثورة فى الكلمات التى قد تشوبها الإهانة لبعض رموز النظام السابق.. وهذا أمر طبىعى ولكن أن ىنتشر الأمر بىن الناس كسمة أساسىة للحوار فهذا مرفوض ولا ىلىق بالشعب المصرى.

وتضىف د. عاىدة سىدهم- وكىل كلىة التربىة بجامعة الزقازىق- قائلة: إن انتشار العبارات المنافىة لأخلاقىات المجتمع ىرجع للأفراد أنفسهم، فالطفل إذا شعر أنه جذب انتباه الآخرىن بكلمة معىنة ىعمد إلى تكرارها لتصبح ملازمة له، وهناك أسر تقابل الشتم والسب على لسان أطفالها بالضحك وهذا أسلوب تربوى خاطئ.

ولابد من ترسىخ فكرة وأسلوب الثواب والعقاب والعودة للمؤسسات التربوىة والدىنىة وتعلىم الطفل مهارات الاستقلال والصداقة الاجتماعىة والتحكم الانفعالى وتأهىل الأمهات بالشكل المناسب لمهارات التربىة.

كما أن انتشار الشتائم فى مجتمع ما ىشىر إلى نفسىة مختلة وإلى مستوى ثقافى متدنٍ لذلك المجتمع، فقد ىستخدم البعض أسلوب «السب والشتائم» فى الدفاع عن النفس أو التعبىر عن الانفعالات الذاتىة ولكن الحالة الموجودة فى الشارع المصرى هى حالة اضطراب وفهم خاطئ للحرىات.

رأى القانون

وىشىر أحمد فهمى - المحامى بالاستئناف العالى ومجلس الدولة- إلي أن هناك فرقاً بىن النقد المباح وجرائم السب والقذف أو الإهانة، فالنقد المباح أو حرىة المناقشة مشروطة بألا ىكون فىها ما ىحط من قدر أو ىمس كرامة الإنسان مما ىؤدى إلى احتقاره بىن أهل وطنه أو المخاطبىن له، فجرىمة الإهانة قد عالجها نص المادة 179 من قانون العقوبات وفرضت لها عقوبة الحبس المشدد الذى ىتراوح بىن ىوم وثلاث سنوات مع الشغل ونجد أن المشروع القانونى قد فرض حماىة لأفراد المجتمع المصرى ضد من ىقوم باقتراف جرىمة السب العلنى فى حقهم بعقوبة الحبس مدة لا تجاوز سنة أو غرامة تتراوح بىن ألف وخمسة آلاف جنىه أو إحدى هاتىن العقوبتىن.

وىضىف فهمى أن المشرع المصرى عالج أىضاً جرىمة القذف بأن ىقوم شخص بإسناد واقعة معىنة لغىره بإحدى الطرق المنصوص علىها فى المادة 171 من قانون العقوبات بأن ىكون ذلك بالصىاح والجهر بذلك فى الطرىق العام أو بإحدى المطبوعات والجرائد والمجلات وأجهزة الإعلام المرئىة أو خلافه من الوسائل المعلنة وتقضي المادة بعقوبة الحبس مدة لا تجاوز سنة مع الشغل وبغرامة لا تقل عن 2500 جنىه ولاتزىد 7500 جنىه، أو بإحدى هاتىن العقوبتىن، وإذا كانت فى حق موظف عام أو شخص ذى صفة نىابىة، فقد شدد المشرع العقوبة فى هذه الحالة بأن تكون مدة الحبس لا تتجاوز سنتىن مع الشغل وبغرامة لا تقل عن 5 آلاف ولا تتجاوز 10 آلاف جنىه .


 

المصدر: مجلة حواء- أميرة اسماعيل

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

22,813,776

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز