بهية وأحلامها الوردية
كتبت :افتتان ممتاز
بهية فلاحة شابة تَتقاضى يومياً قِدراً من الحليب مُقابل عملها لدى أحد كبار تجار الماشية، وذات صباح خطر لها أن تبيع أجر يوم - أى قدراً من الحليب - فى المدينة.
وهاهى تسير منتصبة القامة وقد استقرت قدرُ الحليب فوق ضفيرة من القماش فوق رأسها.
وأثناء سيرها أخذت تفكر فى النقود التى ستحصل عليها من بيع الحليب، وقالت لنفسها:
- هذه النقود سوف أشترى بها خمسين بيضة وأضعها فى الحضانة فتعطينى كتاكيت تكبر وتصبح دجاجا يبيض بدوره بيضاً كثيراً فأبيع هذا البيض، وهكذا سوف يصبح لدى الكثير من الدجاج أُربّيه فى فناء الدار ويكون لحمه لذيذا، وأبيعه بثمن مرتفع.. لكن ماذا سأفعل بالربح الذى سأحققه؟ آه! يمكننى أن أشترى عنزة وخروفا لن يكلفنى طعامهما كثيرا، فالمراعى حولنا كثيرة، والعشب وفير.. وحينما يكبران أبيعهما وأشترى بقرة وعجلها الصغير، ونشرب من حليب البقرة ما يكفينا..
وأصنع بالباقى زبداً وجبناً وقشّْدة من التى يُحبها أهلُ المدينة.. وأستمتع أنا بمنظر البقرة وعجلها وهو يجْرى ويقفز بين المروج، فأجرى وراءه وأقفز أنا أيضاً هكذا وأنا فى غاية السرور.
ولما قفزت هى أيضاً، سقطت قدرُ الحليب من فوق رأسها، وسالَ الحليبُ فوق الأرض واختلط بالتراب والطين. وطبعا لم تكن بهية سعيدة فى تلك اللحظة..
فوداعاً إذن للعجل والبقرة والدجاج والبيض والكتاكيت!
وعادت بهية إلى دارها وهى حزينة ودموعها تُغرق وجهَها بعد أن تبدّدت ثروتها بطريقة لم تتوقعها، وغضب زوجُها وقال لها:
- لا فائدة من البكاء على الحليب المسكوب، ولا على الاستغراق فى أحلام اليقظة الوردية .. التى قد تكون مستحيلة أحياناً كثيرة .
ساحة النقاش