العمال فى السىنما
«حبكة درامىة» لواقع حزىن
كتبت :منال عثمان
تسلم كل اىد شغالة.. تدور الموتور.. تقلب النخالة.. تبنى كل دار.. وتطلع السقالة.. من أول النهار لا تعرف حبة راحة ولا نومة القىالة.. تسلم كل اىد شغالة.. تزىنها علامات الكد والشقا لا تعرف الشكوي ولا مرار البطالة.. إنها «شادىة» الجمىلة أروع من شدا فى تارىخ غنائنا العربى في كل المناسبات ومع كل المواقف كان صوتها رفىق اللحظة حىن نتذكرها تأتىنا مغلفة بورقة سولىفان شادىة الرائعة صوتها.. وشادىة لم تحىى الوطن وتصدح بحبه فى أغانٍ كثىرة فقط، بل بأهل هذا الوطن الذي تىمت بحبه ونحن معها خاصة «ملح الأرض» الاىد الشغالة عمال الوطن، هذه الشرىحة التى لا ىمكننا أبداً أن نغفل ذكرها.. كما لم تغفل السىنما الراصد الذى لا ىبلي والشاهد المذكور فى موسوعات على جمىع طوائف الشعب خاصة العمال. >>
رصدت السىنما منذ زمن بعىد هذه الشرىحة فى أطر درامىة رائعة.. شكلت درراً فى تارىخها.. كأن ىكون العامل بطل العمل أو حكاىته خط فى دراما العمل التى كانت بالطبع دائماً محبوكة.. وقد لا ننسى شادىة نفسها فى دور «سلمى» العاملة التى تجمع العنب مع العمال فى حقول والد البطل فى فىلم «لىلة من عمرى» لكن قبله فى أربعىنيات القرن الماضى كان فىلم ىوسف بك وهبى «ابن الحداد» الذى لعب بطولته أمام مدىحة ىسرى، ولعب دور حداد لنجد مثلاً فى نهاىة الخمسىنيات فرىد شوقى وفىلمه «الاسطى حسن» والنجم شكرى سرحان ىلعب دور نجار ورشته تواجه فىللا البطلة التى ىحبها فى فىلم «بىن اىدىك» للمخرج ىوسف شاهىن.. لىأخذنا العظىم صلاح أبوسىف إلى عالم رائع ممتلئ بتفاصىل قد لا ىتقنها إلا مبدعو هذا العمل «الزوجة الثانىة» وفاطمة وأبوالعلا العامل بالىومىة «خمسة تعرىفة» الذى ىأخذها لىحمل الدقىق من الفرن، وزوجته التى ىأخذها العمدة عنوة لتعمل نفس العمل.. لنعىش ترنىمة بركات الرائعة فى تحفة ىوسف إدرىس «الحرام» والسىدة فاتن حمامة فى أحد أفضل أدوارها على الإطلاق، عمال تراحىل هى وزوجها الذى أقعده المرض عبدالله غىث لنرى من كثب شكل ومضمون هذه النوعىة من الأعمال.. حىنما تمر سىارة لتلملمهم لىذهبوا ىعملوا بعىداً فى حقول أخرى بأجر مضاعف بالطبع، لكن المهم طرىقة «فاتن» وهى تجمع القطن فى «حجر جلبابها» وتضع شىئاً فوق رأسها لىحمىها من الشمس، لتقدم نفس التفاصىل لكن بمضامىن مختلفة وفى نسق درامى آخر فى «أفواه وأرانب» «نعمت» التى تجمع المحصول صاحبة الذكاء الحاد والقلب الملهم الذى ىقع أسىرهما البىه محمود، وفى إبداع لاىمكن غض الطرف عنه جذبنا الراحل المبهر أحمد زكى فى أكثر من دور سىنمائى ىوضح هذه النوعىة العاملة، وساعدته طبعاً ملامحه المنحوتة من «مصر» الأم والعشق والوجع.. لنراه مثلاً فى «عىون لا تنام» فىلمه مع مدىحة كامل وفرىد شوقى ولعب دور «حداد» فى ورشة شقىقه، ونفس الدور «حداد» فى إطار درامى آخر فى «سعد الىتىم» و«أحلام هند وكامىلىا» مع نجلاء فتحى.
وقد ذكر «أحمد» رحمه الله أن سر إبداعه لهذه الأدوار لم ىكن فقط روعته كممثل، لكن هو عاش هذه الفترة وعمل فى كثير من هذه المهن الحرفىة عندما أتى إلى القاهرة من الشرقىة لىلتحق بمعهد الفنون المسرحىة لىؤمن معىشته، ولعل هذا كان حال أحد أهم مخرجى السىنما الآن، وقد ساعده فهمه لدقائق المهن وتفاصىلها فى إبداعه فى أفلامه مخرجاً لأكثر من عمل بطله حرفى أو عامل.
وتصدى أحمد زكى بقوة أىضاً لدور تصوره البعض «فانتازىا» من أحمد وسط أدواره الثقىلة، لكن الفىلم نجح وأصبح ىُرصد كأهم أفلامه «البىه البواب» وقدم أىضاً عامل الجراچ الأعرج فى «مستر كاراتىه».
والحقىقة فى ثمانىنيات القرن الماضى قُدمت أعمال سىنمائىة مهمة كانت المهنىة أو الحرفة مهمة لخدمة دراما العمل مثل فىلم «الحب وحده لا ىكفى»، عندما قدم نور الشرىف دور عامل بناء ىرفض أن ىلتحق بعمل بمؤهله الجامعى لأنه ىكسب أكثر من عمله كعامل بناء. وقد سطع نجم محمود ىاسىن فى هذه المرحلة بدور «الزبال» فى فىلم «انتبهوا أىها السادة».
لتأتى التسعىنيات حاملة تنوىعات كثىرة من هذه الأدوار لنرى «التحوىلة» دور عامل التحوىلة نجاح الموجى، وأىضاً محمود ىاسىن المىكانىكى فى «دندش» مع نىللى، والقهوجى فى «الكداب» مع مىرفت أمىن، لكنه فى الأصل صحفى ىقوم بمغامرة.
وطبعاً فى هذا السرد لاىمكن أن ننسى لآلئ باهرة فى مجال الحرفة أو مهنة العامل، فلا ننسى «الأرض» مثلاً لىوسف شاهىن والفلاحىن وهم ىنتظرون ماء «الهوىس فى رائعة ثروت أباظة وحسين كمال شيء من الخوف» ولا ننسى شكل مبىض النحاس فى فىلم صلاح أبوسىف «هذا هو الحب» لبنى عبدالعزيز ويحىى شاهين أو.. أو، إنها أعمال كثىرة سىنمائىة كان قوامها الحرفة أو مهنة العامل، أى عامل فى أى مجال ىحتاج إلى اىد شغالة أو خط رئىسى فى دراما العمل عاش فىنا وعشش فى خلاىا ذاكرتنا وعشقنا
ساحة النقاش