فى قضية عادل إمام

هل يسجن الإبداع ؟!

 

 

كتبت :منال عثمان

قد نتصور العديد من الخطط للخروج عن الاتساق .. عثرات ملغمة توضع فى الطريق لنسف الشريان التاجى لنبض الأمة العربية لجسدها المتهالك بفعل الأفكار الخارجية التى لا تستطيع خمد براكين الطمع فى هذا الوطن .. فى كل آونة ينشط بركان يحلم بكنوزها .. نتصور ونعرف وقد يكون لدينا يقين، لكن أن يكون المخطط لنسف الشريان الذى أقصد به الفن، وتحديدا وبدون مواربة وبعيداً عن تواضع مزيفى الفن المصرى بيد مصرية ll

هذا ما كان من وراء الخيال وماذا بقى لنا كمصريين نتعاطى ونتعامل مع الفن وكأنه النفس الذى يشبع الرئتين كشربة الماء التى تروى الظمأ.. كسرة الخبز التى هى كالتصبيرة ؟ .. الفن هو شريك اللحظة .. قاموس اللوغريتمات .. القافز الأعظم للوجدان فى لحظات التخبط والحيرة والحب والتناغم مع الحياة حتى دقائق تفاصيل حياتنا نمارسها وبجوارنا الونس .. الرفقة .. ثالث أى شئ يجمع بين إثنين.. فلو شنق التوتر اللسان يتكلم الفن .. فنرسل أغانى أم كلثوم .. لتقول كل ما يعتمل به القلب .. لو اجتمع الأصحاب لا أبلغ من افيهات نجوم الكوميديا لتعلو الجلسة وتحلو .. حتى لو دخلت لتغتسل ماذا تفعل يا صديقى ؟ تغنى ! هذا هو الفن فى حياتنا هذا هو وقعه ورنينه فى نفوسنا .. يحتل رقعة شديدة التميز فى وجدان أى عربى .. خاصة المصريين هؤلاء الذين يعشقونه ويدركون أبعاده وتفاصيله بل هم أنفسهم فنانون (خلقة ربنا)، فلا أحد تجده لا يميل لفرع فنى .. بل وقد يتقنه بفطريته .. بعشقه المدوى له .. هؤلاء الذين عاشوا عمراً طويلا مع الإبداع الفنى.. يحترمونه ويقدرون صانعيه، فجأة ظهر فى حياتهم واستشرى وتوغل من يقول إن هذا الفن سبة والإبداع ازدراء والتحليق فى سماوات العشق الفنى خروج عن الأدب وقد يكون مجافياً لتعاليم الدين.. يا سبحان الله، أليس الرسول صلى الله عليه وسلم من قال «نقر الدفوف ترويح عن النفوس.. »ألم يقابلوه فى المدينة بأنشودة (طلع البدر علينا) .. أى مجافاة هذه التى قام بها نجم الفن الكبير عادل إمام الذى حوكم بثلاثة شهور حبس مؤخراً عن أعمال قدمها من سنوات طويلة، مثل طيور الظلام، والإرهابى، والإرهاب والكباب وغيرهم بزعم قدمه محام اسمه (عسران منصور)، كنا نتصوره ساعيا لشهرة، بأنه قدم فى هذه الأعمال ازدراء للأديان من خلال شخصيات فى أعماله تطيل اللحية وترتدى الجلباب القصير وتقوم بأعمال إرهابية .. أليس هذا إرهاباً! هل الغزو السرطانى الجديد الذى ساقته الأقدار ليمسك ولو لبعض الوقت بزمام الأمور فى مصر مع الإرهاب ؟ هل هذا من القرائح الفنية أم أن هناك أحداثاً ضربت المجتمع المصرى فى مقتل؟ كحادث تفجير السياح فى الأقصر منذ سنوات أو أمام المتحف المصرى أو تفجير مقهى شهير بالتحرير، أليست كلها أحداث وقعت بأيدى الإرهاب؟!.. وعندما وضعت فى السيناريوهات السينمائية أصبحت ازدراء للدين ؟ هذه نقطة .. الأخرى هل عادل أمام هو من ألف وأخرج وجلس على مقعد الرقيب وأجاز عرض الفيلم؟ ثم إن صورة الإرهابى التى قدمت لم يخترعها الفنان ولا غيره بل تم تقديمها له من أحداث أكدتها السلطة السابقة ووزارة داخليتها ، والفن ما هو إلا تصوير للواقع ، والمسئول هنا من أخرج لنا هذه الأحداث على أنها حقيقة، لماذا اختاروه هو تحديداً ليحمّلوه تبعات أفكار عصر سابق ، وهو حسب الأعراف الفنية المسئول الثالث أو الرابع بعد المؤلف والمخرج والرقابة، وهل اختاروه لشهرته المدوية ونجوميته الكبيرة .. ليكون للحدث هذا الدوى وكأنهم يقولون لقوم الفنانين إذا كان هذا كبيركم فنحن سنهز عرشه ،إنذار شديد اللهجة لكل مبدعى الفن .. أن فى آوانهم لا يريدون فناً ولا مبدعين وعليهم أن يأخذوا فنهم وإبداعهم ويرحلون أو يمكثون فى بيوتهم !! وتخلو مصر الرائعة من أجمل ما فيها، فنها الرائع .. الشريان الذى يفتح فى كل أماكن الوطن الجمال والسعادة.. كل المبدعين ومن قبلهم متذوقى الفن ومحبيه رفضوا .. أن يكون عادل إمام بكل ما يشكل فى الوجدان والتاريخ الفنى صيداً سهلاً لتيارات الإسلام السياسى فى الفترة الراهنة الذين يغمضون الأعين ويستعيذون بالله عندما تصل للأذن لمحة فنية قد تحرك الأفئدة الصلدة المتمسكة بما لم يأت أبداً فى الدين الحنيف.

لا أعرف ما هذا التشكيل الجديد الذى يرفض رجل الدين على الشاشة .. وأين كانوا فى فترات سابقة .. عندما قدم مثلا الرائع حسن البارودى دور الشيخ المنافق فى الزوجة الثانية وغيره !! هل هناك حجر على الدراما .. الزام يخنق الإبداع فى جرابه؟ كل ما فى الأمر أن الفترات السابقة من الستينيات وغيرها من الحقب كانت أكثر تفتحا وأكثر وعيا وترفع القبعة للإبداع لا تلهو به فى المحاكم وتسعى وراءه لتأسره وراء القفص .. أنا أراه جد .. مخطط لردة .. للعودة إلى العصور المظلمة.. عندما كان الحاكم يجهر فى رعيته بأحكام والزامات عجيبة بأن يمنع الغناء.. ويعلق المشانق لعشاقه ومردديه ويأسر فى الحرملك المغنيات لأمر فى نفسه.. وقس على هذا أموراً أغرب، كمنع أكل الملوخية .. والخروج ليلا .. إنها كانت تنفيساً عن عقد نفسية رهيبة، ما تصورنا لحظة أن تعود إلينا مع كل هذا التوهج والتقدم والتفتح والحدثية .. وكيف نقبلها ونحن جميعا بكل طوائفنا أكثر استنارة وعلما وتعمقاً فى الدين الذى لم يطالبنا أبداً بمحو ما يثمن وجداننا ويعلى نفوسنا.

وما أدهشنا أن فى جدولهم أيضاً اسماء لامعة .. نجوم فى مجالهم سيوجهون لهم ضربات ويجرجرونهم للمحاكم تأديبا وتهذيبا لنفوسهم اللعينة المبدعة كوحيد حامد، هذا القدير الذى سن قلمه أكثر من مرة موجها إنذارا من خطر الإرهاب مع عادل إمام فى أفلامه أو فى مسلسله الجميل العائلة وقبله (أوان الورد)، وأيضا لينين الرملى ونادر جلال، وشريف عرفه مخرج معظم أفلام عادل الذى يحاكم الأن بسببها .. هل عندما وضعت شخصية لها هذه الملامح لتوضيح خطر الإرهاب لبلد آمن كمصر يعد هذا ازدراء للأديان؟ أم دوراً هاماً تقوم به الدراما ضمن أدوارها العديدة أم جرس انذر توجهه؟ .. كيف ترى هذه العيون التى لا ترى .. ومن أى منظور يصل إليهم الإبداع الفنى .

إننى لا أريد أن أصدق أن هناك كائناً بشرياً أياً كان على وجه البسيطة لا تسمو نفسه بفن أى فن .. غنا، تمثيل، رسم، نحت، كتابة لا أريد أن أتيقن أن هؤلاء منذ أن يلتحقون .. بالتدريبات العنيفة والتعاليم فى جماعتهم يفقدون رويدا .. رويدا .. بهجة النفوس فقد يكونون يتعلمون أن البهجة حرام .. ولا أروع من بهجة تأتى من فن جميل .. فيطلقون عليه النار .. هل سنسمح ؟ هل سنقبل؟ هل تكفى بيانات الشجب والرفض من جبهة الإبداع الوطنية أو مجالس النقابات ؟ .. لا أعرف.. نريد أن يكون هناك أمر أكثر حسما وقرارا قاطعا.. أتيتم مرحبا .. لكن لا صلة لكم بفننا ولا نجومنا ولا إبداعنا.. لن نخاف ولن نرتد ولن نخنق ابداعاتنا من أجل عيونكم .. وصدقا لن نشنقها أبدا على أبواب مصر {

الفن لحظة

على صوتك يا منير بالغنا ..لسة الأغانى ممكنة ..كل الأغانى والإيقاعات والرتمات والعشق الرائع الذى نحمله لصوتك وإحساسك ووجودك المشع فى حياتنا الفنية..ليس ممكنا فقط لكنه مفروض بقوة الحب الجبرية التى لم نجد لأنفسنا حيلة فيها إلا أن نمشى معك المشوار خطوة خطوة منذ «الليلة ياسمرا» و« يا أم المريلة الكحلى» و «شجر الليمون» و«سو ياسو».. حتى أغنية الميدان «ازاى ترضى لى حبيبتى» ..ثم ألبومك الجديد «يا أهل العرب والطرب» الذى ضم مجموعة من أجمل ماغنيت.. ومن أروع ماغزا المنطقة المتوهجة من عشقنا لغنائك.. ناغشت تفكيرنا بأغنية «قلبى ما يشبهنيش».. تساءلنا يشبه من إذا كان لايشبه منير الأسمر الذى يقطر روعة واختلاف وإبداع ..؟ أو هذا السطو الغنائى الذى نعشقة منك مثلما يعشقه نجوم الأغنية، فشادية لم تغضب عندما أعدت غناء أغنيتها «يا حبيبى عدلى تانى» وأيضا «نجاة» عندما غنيت «أنا باعشق البحر» وشريفة فاضل الأن لن تغضب وأنت تغنى «حارة السقايين» فهم ونحن وأنت يرونة أجمل شئ يخلد هذه الأغانى بصوتك 12 أغنية فى ألبومك الجديد.. 12 نغمة دخلت القلب وأستقرت..منير أشكرك ...

المصدر: مجلة حواء- منال عثمان
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 589 مشاهدة

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,837,934

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز