دون ذنب أو جريرة !«1»
كتبت :سكينة السادات
لاتندهشوا إذا ما صرحت لكم بأننى على مدى عشرات السنوات وأنا أحاول أن أقنع بعض أصحاب المشاكل التى أكتبها وأحاول أن أحلها بإذن الله تعالى على صفحات مجلة حواء الحبيبة دائماً - أحاول أن أؤكد لهم بأن اللجوء إلى الطبيب النفسى ليس عيبا ولا فضحية ولا شىء يسئ إلى الشخص نفسه!! أحاول وأحاول وعندما أقترح اللجوء إلى الطبيب النفسى يكون الرد دائماً.. ليه ؟ هوّ أنا مجنونة ؟
وأقول .. المرض النفسى ليس جنونا وأحكى لهم أن كل أسرة فى أمريكا وإنجلترا وفرنسا وهى الأماكن التى زرتها كثيراً واندمجت مع أهلها، كل أسرة لها طبيب نفسى معين يعرف كل شىء عن ظروف الأسرة وكل ما يحدث لهم وهذا ينطبق على الأم والأب والأبناء جميعاً !
وذات زيارة لأمريكا وكنت فى لوس انجلوس بالتحديد وكنت على موعد مع رئيس تحرير جريدة (لوس انجلوس تايمز) اتصلت بى سكرتيرته وقالت:
هل يمكن أن تؤخرى موعد الزيارة نصف ساعة فقط لأن السيد جونا ثان عنده موعد مع طبيبه النفسى كان قد نسيه تماما وهو يحدد لك الموعد ؟
قلت لها متسائلة.. سلامته ؟ هل هى زيارة دورية أم أن زميلى العزيز (تعبان) ؟
ضحكت وقالت: هى زيارة شهرية لازمة وواجبة فى هذا الجو الملئ بالتوتر والأحداث، وهى أهم عنده من زيارة سائر الأطباء !
وذهبت إلى الموعد متأخرة كما طلبت السكرتيرة وسألت المستر جونا ثان يومها عن سبب زيارة الطبيب فقال لى وهو مندهش من كلامى..
لابد من زيارة الطبيب النفسى كل شهر على الأقل ولو كان عندى وقت كنت سأزوره كل نصف شهر !
عندنا فى مصر حكاية الذهاب إلى الطبيب النفسى عار أما الاستراحة أسبوعا أو أكثر فى منتجع أو مصحة نفسية بعيداً عن التوتر والقلق والضغوط فإنها تعتبر مصيبة بكل المقاييس، هكذا قالت لى قارئتى السيدة نوال، فما هى الحكاية بالضبط ؟!
قارئتى السيدة نوال تعمل في وظيفة هامة بإحدى الوزارات الاقتصادية (إذا جاز لى أن أسمى وزارتها بهذا الاسم) أعنى أنها خبيرة اقتصادية ذائعة الصيت تعمل فى الحكومة وزوجها يرحمه الله كان وكيلا لنفس الوزارة وقد تزوجا بعد قصة حب جمعت بينهما فى كلية الاقتصاد والعلوم السياسية ولم ينجبا سوى ولد واحد هو موضوع هذه الحكاية !
قالت السيدة نوال (55سنة) أشكو إليك يا سيدتى كأم وأنت أم وتعرفين مدى لوعة الأم على أولادها، خاصة إذا كان الله سبحانه وتعالى لم يمن عليها سوى بابن واحد ولله الحمد والشكر هو آية فى الأخلاق والأدب والذوق الرفيع، ولا أقول ذلك لأننى أمه لكنها شهادة الجميع فى حقه، ولكن يجب أن أقول لك أنه إنسان رقيق الطبع فنان بطبعه يكتب القصص والروايات وسيناريوهات الأفلام رغم أنه خريج كلية الاقتصاد والعلوم السياسية مثلى ومثل والده، لكنه يحب الفن ويعيش فى عالم خيالى جميل من النغم والفن والجمال.
وتستطرد .. ربما تظنين أننا أنا ووالده كنا قد ضغطنا عليه ليدخل كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، لا والله.. هو نفسه أراد أن يسعدنا وكان مجرد اقتراح نفذه وهو سعيد ونجح فى الكلية وحصل على البكالوريوس بدرجة جيد جداً لكنه لم يعمل بشهادته!
واستطردت.. كانت حياتنا تسير بنجاح وبيتنا هادئ وسعيد وابنى هو محور كل اهتمامنا ولم يكن يتعبنا فى شىء فإلى جانب دراسته كان يمارس هوايته التى لم ننكرها عليه بل شجعناه لكى نسعده ما دام ناجحا .
ودمعت عيون السيدة نوال.. ثم حدثت المأساة الأليمة فى حياتنا يا سيدتى وهي موت زوجى المفاجئ وهو جالس فى شرفة المنزل يوم الجمعة يقرأ الجرائد ويحتسى كوب الشاى باللبن المعتاد كل صباح .
ناديت على زوجى فلم يرد فطلبت إلى آسر ابنى أن يذهب إليه فى الشرفة ينبهه لكى يرد على التليفون ووجد آسر أباه ميتا على كرسيه.
ماذا حدث بعد ذلك؟.. الأسبوع القادم أكمل الحكاية .
kk
ساحة النقاش