مهن طاردة للعرسان:

أنافى نظر عريسى راجل!

 

 

كتبت :حميدة سيف النصر

أنا نصيبي كده، قسمتي كده، أقبل بالتخلي عن طموحي العملي وإلا فالعنوسة مصيري، مازال هذا السيناريو مطبقاً في ربوع مصر، وبات من مسلمات مجتمع أبي ألا يتغير فتدخل المرأة بين صراعين يفتكان بعقلها ويصيبانها بالاكتئاب.

وفي صعيد مصر الوضع أشد قسوة وأكثر تعقيداً، فكيف تواجه الصعيديات هذه الإشكالية وماهو انعكاسها علي مستقبلهن .. علي ألسنتهن تأتي الإجابة في السطور التاليةl

فى البداية تقول سماح مختار - مهندسة من سوهاج-:

حلمت كثيراً بدراسة الهندسة وتفوقت فى الثانوية العامة وطوال سنوات دراستى الجامعية، لأفاجأ بعد تخرجى بعامين وعملى بأحد المكاتب الهندسية القليلة المتواجدة فى محافظتنا أن كل من يتقدم لى يربط بين عملى وزواجى وتكوين أسرة ويفاضل بينهما، وكأن على أن أدفع ضريبة زواجى والتخلى عن كافة أحلامى العملية فى أن أصبح مهندسة ذات شأن ،متعللين دائما بطبيعة المرأة أنها لا تتحمل كل الأعباء فى الموقع أو العمل طوال اليوم وسط العمال ومجتمع الرجال، الأمر الذى أدى بى فى نهاية الأمر إلى رفض الارتباط برمته لحين ظهور شخص يتفهم طبيعة عملى وتقديره لمجهودى.

أحلام ضائعة

وتتحدث أميرة فضل الله من أحد مراكز سوهاج فى يأس وحزن بالغين قائلة:

بعد تخرجى من إحدى الكليات النظرية بتفوق، قررت أن أكمل دراساتى العليا وأعد الماجستير والدكتوراه حتى أشعر أننى حققت شيئاً أفخر به ويجب ألا يتوقف الإنسان عن تحصيل العلم وخدمة مجتمعه طالما أنه كفء لهذا الأمر، واصلت الليل بالنهار أتردد على المكتبات لاختيار الموضوعات التى يتضمنها بحثى، أقوم بكل هذا وأنا عاشقة لهذا الدور، غير عابئة بأى مجهود إلا أن الأمر تغير تماماً بعد زواجى من محامٍ ، الذى أسرتنى شخصيته فى البداية وتظاهر بأنه يشاركنى اهتماماتى وطموحاتى العلمية، إلا أنه سرعان ما كشف عن وجهه الآخر يضع كل العراقيل والمعوقات أمامى قائلاً: ما أهمية هذا كله وضياع العمر والتكلفة المادية رغم أن الأمر لا يكلفه شيئاً.

وواجهت د. سميرة على فؤاد - مديرة عام تفتيش آثار بسوهاج - نوعيات ترفض توليها منصب مديرة للآثار، لأنه مجال غريب على المرأة، خاصة عمل الحفائر مع العمال فى مناطق جبلية يرون أنها غير مناسبة للمرأة، وللتغلب على هذا الرفض الاجتماعى حتى داخل الأسرة إما أن نعيش فى خلافات مستمرة أو نلجأ للإضراب عن الزواج أو طلب الطلاق عند تفاقم الأزمة.

وترى شادية عبد العزير - ممرضة - أن التمريض لا يزال من المهن التى تواجه رفضاً اجتماعيا وضغطاً قاسياً على المرأة، رغم ما تتميز به من رقى إنسانى ورسالة سامية لدرجة أن يطلق علينا ملائكة الرحمة، إلا أن المجتمع اعتاد أن ينظر للممرضة نظرة دونية عكس الطبيبة رغم اشتراكهما فى مجال عمل واحد ومكان واحد، إلا أنه نتيحة الاحتكاك المباشر للممرضات سواء مع الإدارة أو الأطباء، بالإضافة للمرضى أعطى هذا الانطباع، مما يجعل الأسر تحجم عن الاقبال علي دراسة التمريض.

غير تقليدية

من المهن التى لا تتوافق مع خط الزواج والاستقرار، خاصة فى مدن الصعيد الإعلام.. وتعبر عن هذا الوضع آمال .ل - محررة بإحدى الصحف المستقلة قائلة:

هناك مجالات خاصة من تطرق أبوابها فى الصعيد لابد أن يكون لديها اقتناع تام برسالتها وهدفها، منها الإعلام بكافة أشكاله، لأنه عمل غير تقليدى يحتاج لأجواء خاصة تمتلك صاحبته رؤية إبداعية نقدية للأشياء لا تسلم للأمر الواقع حولها بسهولة، وإنما تعمل جاهدة على تغيير الأوضاع المقلوبة فى مجتمعنا، من هنا الرجل لا يبحث عن هذه الشخصية لأننا مازلنا نحيا فى مجتمع ذكورى بكل معانى الكلمة.

وتواصل سامية سليمى - محامية - الحديث حول المهن التى تعانى قهراً اجتماعيا تقول:

هناك بعض المهن يضرب المجتمع عليها خطاً أحمر إما بالتحجج تارة بطبيعة المرأة وأنها غير مخلوقة لهذا العمل لتشارك الرجل، رغم قدرتها على إثبات وجودها بل وبشكل يفوقه فى معظم الأحيان، وإما أن ينظروا إلى المرأة أنها غير مهتمة إلا بعملها والظروف الصعبة، ويجب خلق نوع من التوازن بين العمل والإلتزامات الأسرية والمظهرية والسلوكية، كل هذا سوف يحسن من هذا العمل وصورته فى المجتمع.

نسق اجتماعي

ويضع د. عمرو شلتوت - أستاذ علم الاجتماع بسوهاج يديه على أسس المشكلة قائلاً: مازال المجتمع يعلن عصيانه ورفضه عن قبول بعض المهن من خلال نسق قيمى فى المجتمع، توراثه وأيدته وسائل الإعلام التى أظهرت تلك المهن أن أصحابها لهم طبيعة خاصة لم تناسب الرجل الشرقى الذى يهدف لتكوين أسرة تقليدية وزوجة بمواعيد محددة من الثامنة صباحاً إلى الثانية ظهراً، تنفصل حياتها تماماً عن العمل بمجرد مغادرتها لأنه مزود بفكرة قديمة، وهى تأثير العمل على المرأة بشكل سلبى يأتى على بيتها ورعاية أولادها، من هنا نجده يفضل الزوجة المدرسة أو الموظفة لأنه لا يتقبل فكرة خروجها للعمل فى أى وقت أكثر من مرة خلال اليوم أو أن تظل خارج البيت ليلاً، لو استعدى الأمر وجودها فى وردية مسائية بالنسبة للممرضة واحتكاكها بمجتمع الرجال، بالإضافة إلى لما لعبته الصورة الذهنية لبعض المهن كما جاءت فى العديد من الأعمال الدرامية حول دور المرأة.

المصدر: مجلة حواء- حميدة سيف النصر
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 1075 مشاهدة

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,777,345

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز