نعمة من الله !

كتبت :نبيلة حافظ

التأمل نعمة كبيرة يمنحها الله لعباده الأتقياء .. الأصفياء الذين لا تلهيهم الدنيا عن التفكر والتدبر فى خلق الله وإذا أراد الله أن يختار عبداً من عباده ويفضله على من سواه ينظر إليه بعين الفضل والرحمة ويفتح له أبواب الهداية ثم يكرمه بالانتباه ويوقظه من نومة الغافلين ، وينعم ويمن عليه بشرح الصدر ويذهب عنه موتع القلب بالفهم ، ويذهب عنه الوهم ويكرمه بالحياء والخوف واليقين، ويذهب عنه الخوف والشك ويمنحه جراءة الأمن .. فإذا اجتمعت فى القلب هذه الخصال أشرق قلب المؤمن بنور الله .

وكل هذا لا يأتى بدون نعمة التأمل التى نتحدث عنها وننهل من أفضالها على الإنسان .. ويكفى المتأمل فخراً أنها تمنحه الرضا بالقضاء والقدر .. والسكينة والهدوء .. والراحة النفسية كل هذا يضفى على النفس هالة من النور والإيمان .

والتأمل له درجات .. يمنحها الله لعباده .. وأعلى الدرجات يمنحها الله للرسل والأنبياء .. يليهم التابعين لهم ثم أولياء الله الصالحين ثم أهل الدعوة والعلماء .. ثم عباد الله المخلصين الذين لايبغون فى الأرض فساداً، يحبون الخير ويسمعون القول فيتبعون أحسنه .

هؤلاء الذين اختصهم الله بنعمة التأمل يدركون قدر وعظمة هذه النعمة ، ويرتفعون بأعمالهم الصالحة إلى عنان السماء طوبى لهم فى الدنيا .. ومثواهم الجنة يغرفون من خيراتها وينعمون بالحياة فيها جزاءاً لأعمالهم وتأملهم فى دنيا الله .

ومن يختصه الله بنعمة التأمل يجد نفسه سابحاً .. هائماً متفكراً فى عظمة الله وقدرته من معان ودلالات كبيرة تؤكد قدرة الله سبحانه وتعالى، فيالها من لحظة رائعة تلك التى يتأمل فيها الإنسان تصرفات البشر .. يراقبها .. يحللها .. يستخلص منها العبر .. والحكم .. والدروس .. يتعلمها ويعلمها لمن حوله .. لينال بها ثواب الدنيا .. وجزاء الآخرة .

والتأمل لايقتصر على الحاضر الذى نعيشه .. بل لابد وأن ينسحب على الماضى .. ويالها من روعة وجمال عندما تمزج الحاضر بالماضى ونجعل الخطوط تتشابك معاً لنرسم بهما لوحة إنسانية تجعلنا نحدد الطريق الذى نسير فيه .. وغالباً مايكون طريق النور .. طريق الهداية .. طريق الإيمان بالله عز وجل .

والتأمل نور أسكنه الله تعالى فى قلب من أحبه من عباده .. ولا شىء أجل وأعظم من ذلك النور ..

ومن أحب الله علم نفسه التأمل .. وقطع عنها علائق الدنيا .. وأثر الله تعالى على جميع أحواله وأشتغل بذكره .. وكل هذا يدفعه إلى زهد الدنيا .. والابتعاد عن مغرياتها وحب الأخرة والسعى إلى جناتها ابتغاء رضاء الله .

والإنسان المتأمل مثله مثل من يشاهد فيلماً سينمائيا .. يتابع ويرصد أحداث الحياة وأفعال البشر .. وقبل أن تكتب كلمة النهاية يكون قد فهم واستوعب وحلل واستنبط الحكم والمواعظ من هذه الأحداث .. وكون رأيه قبل أن يرحل عن شاشة السينما .. أو بالأحرى عن الدنيا ..

فمن كان مرضيا عنه من الله أدرك سقطاته .. وأحصى ذنوبه وفند سيئاته ورفع لواء التوبة لله قبل أن يسدل الستار عن حياته وتكتب كلمة النهاية ويقابل وجه ربه الكريم .

أما من غضب الله عنه فهو من يحرم من هذه النعمة وتأتيه الفرص كثيرة .. ولكنه يفرط فيها ويخرج من هذه الحياة مذموماً مدحوراً لبأس المصير.

وما أعظمها كلمات.. هي كلمات المولى سبحانه فى الحديث القدسي حيث قال تبارك من قائل:

عبدى : أود ما افترضت عليك تكن أعبد الناس

وانته عما نهيتك .. تكن أورع الناس

واقنع بما رزقتك .. تكن أغنى الناس

المصدر: مجلة حواء- نبيلة حافظ
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 788 مشاهدة

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,459,645

رئيس مجلس الإدارة:

أحمد عمر


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز