أحبه الرسول وغفل عنه الناس
شعبان وقفات تربوية
كتب :محمد الشريف
أيام مضت وشهور انقضت .. ودار التاريخ دورته .. فأقبلت الأيام المباركة تبشر بقدوم شهر القرآن ، وبين يدي هذا القدوم يهل علينا شهر شعبان مذكراً جميع المسلمين بما يحمله لهم من خير ، والمسلم يعلم أنه ما هو إلا شهر من شهور السنة «إن عدة الشهور عند الله إثنا عشر شهراً في كتاب الله» .
إلا أن المسلم يشعر أن لشعبان مذاقاً خاصاً فيفرح بقدومه ويستبشر به خيراً، قال تعالي «يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدي ورحمة للمؤمنين ، قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون،. ومن هنا كان لهذا الشهر من عظيم الفضل وعلو المنزلة والمكانة ما له عند رسول الله صلي الله عليه وسلم ليختصه بعبادة تفضله علي غيره من الشهور ، لذا كان لابد أن يكون لنا وقفات مع هذا الشهر >>
حول فضل شعبان والحكمة من إكثار النبى من الصيام فيه ، كان لقاؤنا مع أ. د. محمد وهدان - الاستاذ بجامعة الأزهر - للإجابة على رسالة قارئة (حواء) أمانى ناصر - ربة منزل - حيث يقول : شهر شعبان من الشهور التى يتشعب فيها الخير الوفير ، لذا تميز بأنه شهر الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم لحبه له، فقد روى الإمام أحمد عن أنس بن مالك رضى الله عنه أنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم ولا يفطر حتى نقول ما فى نفسه أن يفطر العام ثم يفطر فلا يصوم حتى نقول ما فى نفسه أن يصوم العام ، وكان أحب الصوم إليه فى شعبان» ووقفتنا هنا : هل تحب ما أحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهل تجد فى نفسك الشوق لهذا الشهر كما وجده الحبيب ؟ وهل تجعل حبك للأشياء مرتبطا بما يحب رسول الله ؟ هو اختبار عملى فى أن تحب ما يحب الله ورسوله «لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به .. «حديث شريف.
سنة نبوية
أما الوقفة الثانية مع شهر شعبان هى حب الطاعة والعبادة والصيام والقيام ، فقد روى البخارى ومسلم عن أم المؤمنين عائشة رضى الله عنها وعن أبيها قالت: «ما رأيت رسول الله استكمل صيام شهر قط إلا شهر رمضان ، وما رأيته أكثر صياما منه فى شعبان».. لذا فإن أفضل التطوع ما كان قريبا من رمضان قبله أو بعده ، وذلك يلتحق برمضان لقربه منه ، وتكون منزلته من الصيام بمنزلة السنن الرواتب مع الفرائض قبلها وبعدها ، فيلتحق بالفرائض فى الفضل ، وهى تكملة لنقص الفرائض .. والوقفة التربوية هنا : كم يوما تنوى صيامه من هذا الشهر اقتداء بالحبيب ؟
غفلة بشرية
شعبان هو شهر يغفل الناس عن العبادة فيه نظرا لوقوعه بين شهرين عظيمين هما رجب ورمضان، وفيه قول الحبيب ، «ذاك شهر يغفل الناس عنه» وقد انقسم الناس بسبب ذلك إلى صنفين ، صنف انصرف إلى رجب بالعبادة والطاعة والصيام والصدقات، وآخر لا يعرف العبادة إلا فى رمضان ، فأصبح شعبان مغفولا عنه الناس واشتغلوا بشهر رجب ، لذلك يفضل عمارة أوقات الغفلة بالطاعة وأن ذلك محبوب لله عز وجل، ومن الأوقات التى يغفل الناس فيها عن ذكر الله وقت الذهاب للأسواق، وفيه قول الحبيب «إن الله ليضحك من رجل يذكره فى الأسواق» وقوله ًصلى الله عليه وسلم» «سبق المفردون» ثم عرفهم بالذاكرين الله كثيراً والذاكرات وهم المنفردون المعتزلون الناس بالطاعة فهؤلاء لما ذكروا الله وقد غفل غيرهم كان السبق لهم ، وما جاء عنه أنه قال «ثلاثة يحبهم الله وذكر منهم القوم يسافرون فيطول سراهم حتى يحبوا أن يمسوا الأرض فينزلون فيتنحي أحدهم فيصلى حتى يوقظهم للرحيل.
وفى ذلك دعوة لوقفة مع النفس، هى وقفة تربوية نقيم فيها انفسنا ومدى تملك الغفلة منا ، ونعرض أنفسنا على قوله تعالى «ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا وأتبع هواه وكان أمره فرطا وقوله «واذكر ربك فى نفسك تضرعا وخفية ولا تكن من الغافلين» .. «لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون» وهل ستكون من الغافلين عن شهر شعبان ، أم هل ستفرح بقدومه كما كان يفرح الرسول صلى الله عليه وسلم ، هل ستقتدى به فى استقباله لهذا الشهر بصيام وقيام وذكر وتلاوه للقرآن، أم هل ستسهو عن فضل ذلك الشهر العظيم؟ فحرى بك أيتها الأخت المسلمة أن تكثرى من التقرب إلى الله.
مضى رجب وما أحسنت فيه .. وهذا شعبان المبارك .. فيامن ضيع الأوقات جهلا .. بحرمتها، أفق واحذر بوارك .. فسوف تفارق اللذات قهرا.. ويخلى الموت كرها منك دارك .. تدارك ما استطعت من الخطايا .. بتوبة مخلص واجعل مدارك على طلب السلامة من جحيم .. فخير ذوى الجرائم من تدارك.
ساحة النقاش