هاربون الي الفيسبوك
كتبت : أسماء صقر
تقول م.س- 17 سنة -: كثيراً ما أشعر بالغضب داخلى عندما تنتقدنى والدتى وتطلب منى إطاعة أوامرها وتنفيذها دون نقاش، معللة بأننى مازلت صغيرة وليست لدى خبرة أو رأى فى الحياة، مع إننى كبرت والمفروض أن أكون رأياً، لذلك لا أريد مناقشتها فليست لديها القدرة على فهم ما أقوله، وأذهب مسرعة للتحدث مع أصدقائى على الفيس بوك ونحكى همومنا ومشاكلنا، ونعمل على كيفية حلها من وجهة نظرنا.
أما ص.ح- 19 سنة- يقول: لا أستطيع أن أسيطر على حالة التمرد والعصيان، فأبى دائماً يرانى شخصاً لا يستطيع تحمل المسئولية، ويوجه لى ألفاظاً وكلمات تهين وتجرح مشاعرى وكرامتى، فهو لايدرك أننى أصبحت رجلاً يعيش معه فى البيت، لذلك لا أحدثه كثيراً، وأشعر بالحزن دائماً بل وأخرج مع زملائى ونجلس معاً على الكافيه طوال اليوم، ونذاكر مع بعضنا البعض فى المساء، وأعود للمنزل فى وقت متأخر بعد ميعاد نومه كى لا أراه وأسمع كلامه المسىء.
الرغبة فى الانعزال
وكى نلقى الضوء على مخاطر الاكتئاب وأسبابه وكيفية علاجه تحدثت «حواء» مع المتخصصين، يقول د. كامل هويدى - أستاذ أمراض المخ والأعصاب والطب النفسى بجامعة الأزهر -: إن الاكتئاب حالة وجدانية مزاجية تتسم بعدم الارتياح بل والضيق والحزن، مع ارتباط تلك المشاعر الوجدانية بالرغبة فى الانعزال عن الناس، وأحياناً الشعور بالقلق العام والإحساس بضرورة الهرب من المكان.
ويشير هويدى إلى فترة الشباب والمراهقة التى يجب أن تكون أسعد الفترات التى يعيشها الإنسان، لكن وجد خبراء الصحة النفسية أنها أصبحت أتعس الفترات بالنسبة للمراهقين فى العصر الحديث، حيث يميلون إلى التعبير عن مشاعرهم الداخلية نحو متطلبات المجتمع العصرى ومشاكله العديدة، من خلال إظهار مشاعر الغضب والتمرد أو اللجوء إلى الهرب من المنزل، أو إدمان المخدرات والكحول وإظهار السلوك العدوانى سواء فى المنزل أو المدرسة.
ويوضح د. هويدى مدى خطورة عدم معالجة حالات الاكتئاب عند المراهقين، حيث يقدم المرضى على الانتحار قائلاً: زيادة نسبة الانتحار بين المراهقين والشباب حيث يصيب الاكتئاب طفلاً من كل 50 طفلاً تحت سن 12سنة، ويصيب مراهقاً من بين كل عشرين مراهقاً، وأثبتت البحوث التى أجريت فى هذا المجال أن حوالى 33% من 8 مراهقين و22% من كل 9 إلى 10 مراهقين يشعرون بالاكتئاب.
شخصية مستقلة
ويؤكد د. إبراهيم عبد الرسول - أستاذ الطب النفسى بجامعة بنها - إن الحرمان العاطفى هو أحد أسباب الاكتئاب عند المراهقين، حيث لايجد الحب والحنان والرعاية الأسرية بشكل كافٍ، ويحذر الآباء والأمهات من حدوث صدام وشجار مع الأولاد فى هذه الفترة قائلاً: يمر المراهق سواء كان ولداً أو بنتاً بعدة تغيرات فسيولوجية وبيولوجية وتتغير أنماط التفكير لديه، وينصح الآباء والأمهات بضرورة احتواء الأبناء والتعامل معهم بأنهم أشخاص ذوو شخصية مستقلة ويمتصون طاقة الغضب والتمرد والعصيان بالمناقشة والتفاهم والحوار الهادئ، كى لايفقد المراهق ثقته بنفسه وكى لايُولد بداخله أن من حوله لن يحققوا رغباته ولايريدون مساعدته.
ويشير د. عبد الرسول إلى أعراض الاكتئاب الخاصة بالمراهق فيقول: هى الشكوى من أعراض عضوية غير محددة، مثل التعب والصداع وآلام العضلات والمعدة، والتفكير الدائم فى الهرب من البيت والحديث عن ذلك.
فضلاً عن السلوك المستهتر وافتعال مشاكل فى العلاقات مع الآخرين والشكوى من الشعور بالملل، فقد رأيت إحدى الحالات التى كانت تعانى من اكتئاب المراهقة، فكان دائماً يشعر بأنه بلا قيمة فى الحياة وتسوده الأفكار السوداوية والنظرة التشاؤمية للحياة، وغالباً ماكان يحب الشجار مع الأصدقاء لحد يصل إلى الضرب والعنف الجسدى، وهذا الشاب الذى كان يبلغ من العمر 15سنة، وبعد الشكوى من الأساتذة ذهبت به والدته إلى المستشفى لزيارة طبيب نفسى كى يساعده فى التخلص من الأعراض التى يشعر بها، وبالفعل كان علاجه عبارة عن مضادات للاكتئاب، وطلب منه ممارسة الرياضة وخاصة رياضة المشى بشكل يومى ومحاولة التحدث مع الآخرين بهدوء.
وفى حين ذلك وردت علىّ فتاة تبلغ من العمر 17سنة كانت تعانى من الوحدة والعزلة الاجتماعية، فلا تثق فى أسرتها ودائماً تخاف من التعامل مع الآخرين وتحب الانزواء عنهم، مما ولد بداخلها كبتاً، وكل هذا بسبب الخوف من التعرض للمشكلات مع الآخرين ولا تستطيع مواجهتها.
وذلك بسبب الخلافاسست الأسرية وعدم وجود احترام بين الأب والأم داخل المنزل، وعلاجها كان بسماع الموسيقى الهادئة وعمل جلسات طب نفسى وحوار عن الأسرة، وتقوية ثقتها بنفسها.
وأيضاً قابلت شاباً يبلغ من العمر 18 سنة كان والده يعمل فى إحدى الدول العربية ويرسل له الكثير من المال، فهو يعيش مع جدته، فالأم أيضاً تعمل مع زوجها وهناك غياب للرقابة الأسرية، فكان يميل للخروج مع الأصدقاء طوال اليوم، ولايريد المذاكرة والتحدث مع الفتيات على النت والخروج معهن، ومع ذلك كان يشعر بالاكتئاب وبرغبته فى الانتحار لعدم إحساسه بحب وعاطفة الوالدين، ولإدمانه الكمبيوتر عالجته من خلال ألعاب الكمبيوتر ثلاثية الأبعاد، حيث تفيد دراسة حديثة أن ألعاب الكمبيوتر ثلاثية الأبعاد يمكن أن تكون فعالة فى علاج المراهقين المصابين بالاكتئاب.
ونظراً لحدوث التغيرات البيولوجية والفسيولوجية أثناء مرحلة البلوغ والمراهقة، فقد يعانى المراهق من الأرق وعدم المقدرة على أخذ قسط كافٍ من النوم، وهذا يؤدى إلى الإصابة بالاكتئاب، حيث كشفت دراسة حديثة أن النوم المبكر يقى من الإصابة بالاكتئاب الناجم عن الحرمان من النوم الجيد لفترة طويلة، ومن نتائج هذه الدراسة أن من ينامون من المراهقين فى أوقات متأخرة أكثر عرضة للاكتئاب وبمقدار يصل إلى 20%.
وأخيراً .. ينصح بضرورة احتواء الأسرة لأبنائها المراهقين وضرورة الذهاب للطبيب النفسى فى حالة إصابة المراهق بالاكتئاب أو فى حالة وجود عامل وراثى كإصابة أحد أفراد الأسرة بالاكتئاب من قبل، حيث يسهم فى إحداث اضطرابات الاكتئاب
ساحة النقاش