الإدمان بحثا عن الحب
كتبت : أسماءصقر
كشفت وزارة الصحة عن تصاعد نسب استخدام المخدرات في مصر خلال الخمس السنوات الأخيرة بشكل مطرد ومفزع بين المراهقين والعاملين من الفئات الشابة والأطفال، حيث قفز مؤشر استخدام المخدرات في الفئة العمرية 15 عاماً من 6.4% إلي 30%، كما ارتفعت نسبة التعاطي المنتظم والإدمان من 6.4% إلي 7%، وانفردت القاهرة بأعلي نسب في التعاطي، وقد تناقصت الفروق بين الذكور والإناث إلي أقل من الضعف، كما تناقصت سن بداية التعاطي إلي العاشرة.
وأوضح جدول نسب درجات الإدمان أن 32% يستخدمون المخدرات بما يوازي 12ألف وستون شخصاً تقريباً من العينة، و 17% بما يوازي تقريباً 6آلاف 830شخصاً يستخدمون المخدرات ويعملون تحت تأثيرها، وفي السطور التالية نرصد أسباب إقدام الشباب علي تعاطي المخدرات، وما آليات حل تلك المشكلة التي باتت تؤرق معظم الأسر المصرية
يقول د. تامر عبد الرحمن- أستاذ الطب النفسى والإدمان بجامعة القاهرة-: إن المدمن يلجأ إلى تعاطى المخدرات بصفة مستمرة لتجسيد الأوهام التى يعتقد أنها تساعده على تحمل التعب والعمل الشاق، والذى يستغرق فترات أطول من فترات العمل المعتادة، وهذا بعض مايفسر انتشار أنواع المخدرات بين سائقى عربات النقل الثقيل وبعض الحرفيين وبعض من يتطلب عملهم سهراً ليلياً، ويعتقد الكثيرون أن المخدرات تساعد على التركيز، ولهذا نجد بعض الطلاب يتناولون اقراصا للمساعدة على مواصلة السهر لاستذكار الدروس.
هذا بالإضافة إلى اعتقاد البعض بأنها تساعد على الإبداع، حيث أشارت إحدى الدراسات إلي أن «87%» من حجم عينتها يؤيدون فكرة أن المخدرات تساعد على الإبداع والتفوق.
وعن أسباب تعاطى المخدرات يقول د. تامر: إن التفكك الأسرى والخلافات والشجار والسب والإهانة بين الزوجين تجعل الأبناء خاصة من يعيشون فترة المراهقة يلجأون لتناول المخدرات هرباً من واقعهم الأليم.
الدراما المصرية
يشير د. على عبدالسلام أستاذ مساعد الطب النفسى والسلوكى بجامعة بنها- إلى الدور الكبير الذى تقوم به وسائل الإعلام من خلال عرض الأعمال الدرامية التى تعكس حياة تجار المخدرات فى المساهمة فى تفاقم تلك المشكلة، قائلاً: إن صناع السينما والأفلام الدرامية يظهرون أن تاجر المخدرات صاحب قدرات غير عادية يطلقون عليه «الدماغ» أو «الرأس الكبير» وله قدرة على التدبير والتنظيم وإخضاع الآخرين، يفكر ويخطط وينظم ويوجه ويوزع الأدوار، قادر على الانتصار فى مواجهة سلطة القانون والشرطة.
حكايات معاشة
وعن سلوكيات المدمن يشير د. عبد السلام إلى أن بعض الإناث يتعاطين البودرة لأنهن بحاجة إلى الحب والحنان، وهذا ما أكدته لى إحدى الحالات التى قمت بعلاجها وكانت تبلغ من العمر 15عاماً، حيث أكدت على أنها اتجهت لتعاطى المخدرات لتعويض الحب والحنان والبحث عن الثروة، كذلك يعد التعاطى وسيلة هروب للشباب الذىن يتعرضون لقسوة الوالدين وتجاهلهم، وحكت عن جلسة التعاطى قائلة: يتبادل الأطراف فى جلسة التعاطى كل ما يمكن تصوره من سلوكيات من شأنها التعبير عن الود والحب، ويحرص كل شخص على التفانى وتقديم كل شئ للآخر، ومن يجلس مع المتعاطى هو حبيبه الأوحد فى العالم، وهو مستعد لخدمته بكل السبل.
أما محمد ع -43عاماً- فيحكى عن أسباب إدمانه فيقول: توفيت أمى التى كنت أحكى أسرارى لها وأفضفض معها عن كل ما يضايقنى، فزوجتى لاتستطيع أن تفهمنى أو تشعر بآلامى مما جعلنى أجلس أمام النت لساعات طويلة، وتعرفت على فتاة تناسبنى سناً وكنت أريد أن أتزوجها، ولولا خوفى على أولادى لكنت طلقت زوجتى وتزوجت ممّن أريدها، وبعد أن رآنى أصدقائى حزيناً دائماً، عرضوا علىّ أن أسهر معهم خارج المنزل، وكانوا يتعاطون الحشيش، فتعاطيت معهم على أساس أننى سوف أنسى كل همومى وأحزانى فأدمنته.
ويستطرد قائلا: أن سلوكيات المدمن أثناء فترة التعاطى كلما تناول الجرعة يشعر بتحسن ويتصرف بطبيعته، ومع قرب الجرعة الثانية يبدأ يشعر بتقلب الحالة المزاجية والعصبية.
الوقاية خير من العلاج
ويشدد د.على: على ضرورة اتخاذ الإجراءات اللازمة والتى من شأنها تجنب تلك المشكلة التى باتت تهدد المجتمع بأسره، مؤكدا على ضرورة تدعيم وغرس الثقافة المقاومة للمخدرات فى النفس البشرية، من خلال إذاعة برامج للتوعية والتثقيف لما لها من أدوار فى تغيير المعارف الشائعة حول المخدرات، والتأثير فى الاتجاهات والقيم، وخلق فرص حقيقية للمشاركة فى النشاطات المختلفة والرسمية والتطوعية، وبدونها تنحصر أدوار التثقيف فى حدود الممارسات الكلامية والسماعية.
وأنصح بضرورة احتواء الأبناء والتخلى عن العادات الخاطئة فى التعامل معهم أو التعامل بين الزوجين، وتوفير الأمان والحب والحنان والاستقرار داخل المنزل.
وأخيراً .. لابد من تشديد العقوبات والردع القانونى لتجار المخدرات للقضاء على ظاهرة الإدمان. ويشير إلى دور صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطى ومدى اهتمامه ومشاركته فى القضاء على هذه الظاهرة، من خلال التوعية وتوفير كل السبل التى تساعد فى التخلص من الإدمان.
ساحة النقاش