المصريون يحددون
صلاحيات الرئيس القادم
كتب : محمد الشريف
مثل كل التحولات الكبري التي تشهدها الثورات في العالم عبر التاريخ تمر مصر بمنعطفات حاسمة خلال المرحلة الراهنة من عمر الثورة، المشهد السياسي الراهن زاخر بكثير من التفاصيل، انتصارات، اخفاقات، قتل، فوضي، محاكمات، مليونيات، غضب، اتهامات بين جميع الاطراف الفاعلة في العملية السياسية، وغابت الرؤي الواضحة والافكار التي تحدد ملامح المستقبل، ولم يعد أحد يستطيع قراءة المشهد بهدوء من أجل الوصول إلي شكل الدولة التي يتوق ابناؤها من خلاله لمزيد من الحرية والكرامة والمساواة.
«حواء» سألت المهتمين عن صلاحيات الرئيس في الدستور القادم وأي الانظمة يفضلون
البداية كانت مع د. راندا ابو بكر - استاذة بكلية الآداب - والتى تعلق صلاحيات الرئيس على تحديد اختصاصات كل من مجلس الشعب والوزارة قائلة.. لابد من إيضاح صلاحيات كل من مجلس الشعب والوزراء ورئيس الدولة بحيث يتفرد لمجلس بدوره التشريعى فى سن القوانين، ولا يحق للرئيس التدخل فى ذلك بل يبتعد كل البعد عن تلك الصلاحيات مع بقاء حق البرلمان فى مراقبة ومحاسبة المؤسسة الرئاسية وسحب الثقة من الحكومة.
وترى د. أبو بكر أن النظام الرئاسى البرلمانى هو أنسب الانظمة.
إرادة الاغلبية
ويقول: أحمد سبع المتحدث الاعلامى باسم حزب الحرية والعدالة: ينبغي ألا يعطى رئيس الدولة صلاحيات تنفيذية واسعة، لذا يجب أن يعطى للرئيس صلاحيات فى الوقت الذى يحصل البرلمان على صلاحيات لا تجعل من الرئيس ديكتاتورا مؤكدا
أن الرئاسة لن تكون فرداً اسمه الرئيس بفكر واحد بل سيكون مؤسسة لديها مساعدون آراؤهم لها صفة الزامية.
الاستفادة من الماضى
ومن حزب النور السلفى يتحدث د.يسرى بدوى قائلاً: أن رؤية الحزب فى صلاحيات الرئيس هى تقليصها لصالح البرلمان والحكومة بحيث تكون الدولة شبه برلمانية أى نظام مختلط، ويضيف : لا يزال الحزب فى لقاءات مع القوى السياسية لبحث صلاحيات الرئيس ويؤكد د. بيومى على ضرورة الاستفادة من الدستور السابق وما أعطاه للرئيس من صلاحيات عانى الشعب منها كثيرا، مع التأكيد على دور الرئيس الفاصل بين السلطات الثلاث دون انحياز لأى منها.
النظام البرلماني
وعن انظمة الحكم يتحدث د.عمر الشوبكى - الكاتب والمفكر السياسى - مهاجما المنادين بضرورة تطبيق النظام البرلمانى الذى يحاول البعض تزيينه تحت اسم نظام مختلط ويسميه «النظام الكارثى ويعلل ذلك بأن مصر تعانى من مشكلات حزبية صارخة بالإضافة إلى أن ذلك النظام يجعل هم رئيس الوزراء اليومى أن ينجو من تصويت سحب الثقة فى البرلمان وهذا على عكس النظام الرئاسى الذى يعطى صلاحيات واسعة، وليست مطلقة لرئيس الجمهورية المنتخب محذراً من أن هندسة نظام سياسى على مقاس أغلبية أو أقلية برلمانية كارثة على مستقبل هذا البلد ومصر فى أشد الحاجة لنظام رئاسى ديمقراطى حقيقى فيه رئيس وزراء بصلاحيات أقل بكثير من صلاحيات رئيس الجمهورية. تفعيل الرقابة
تتفق الاعلامية حنان حامد مع الرأى الرافض للنظام البرلمانى قائلة: النظام الرئاسى هو الذى يعطى صلاحيات واسعة لرئيس الجمهورية فى مواجهة اغلبية برلمانية مؤثرة فى تشكيل الحكومة، خاصة في غياب نضج للتعددية الحزبية فى مصر.
وعن تقديس الصلاحيات فى قبضة الرئيس مما يجعلنا نعود إلى الوراء تقول حامد: ينبغى علينا أن نتخلص من فكرة التخوف من رئيس ذي صلاحيات مطلقة فى حل مجلس الشعب أو تشكيل الحكومة وما إلى ذلك، لأن الرئيس لن يستطيع فعل شئ مخالف لإرادة الشعب. فإذا ما اقتنع بقراره فى حل البرلمان أو دلائله وحججه فى تشكيل حكومة معينة فإن الشعب سيساند الرئيس فى قراراته وإلا انقلب عليه.
ليست أول تجربة
يختلف الكاتب لويس جريس مع ما سبق من آراء حول تقليص صلاحيات البرلمان والحكومة وتقديمها فى قبضة الرئيس، نافيا وجود أى مشكلات فى وضع دستور يتضمن صلاحيات محدودة للرئيس، إلا أن المشكلة فى أطماع البشر فى السيطرة على السلطة من قبل الحزب الحاكم حزب الاغلبية الذى يسعى للهيمنة على مقاليد الحكم بدءا من الرئاسة مروراً بالوزارة وصولا إلى الخفارة، هذا هو الوضع الذى ينبغى على الجميع التنبه إليه والوقوف له بالمرصاد، ولأن المجتمع المصرى لن يستبدل الاستبداد العسكرى بآخر إخوانى بل سيسعى لتحقيق حياة ديمقراطية تسمح لجميع التيارات السياسية بالمشاركة فى العمل السياسى.
ويضيف جريس : مصر لديها العديد من تجارب الحكم على اختلاف اشكالها، وفى الوقت الراهن فإن الدولة قائمة بمؤسساتها والتى يبلغ عمر الواحدة منهم 125 عاماً، قضائية كانت أم تشريعية، مما يدل على طول الباع فى العمل المؤسسى والخبرة فى وضع الدساتير، كما أن هناك دساتيراً مصرية وضعها خبراء عظماء لهم الكلمة الفاصلة فى مجال القانون الدستورى ودستور 54 الذى وضعه السنهورى باشا والملقب بأبو الدساتير، و 71 الذى وضعه مجموعة من الخبراء، إلا أن الرئيس الذى «يسعى للسلطة» على حد قوله عدل وبدل فيه حتى يكون دستوراً مفصلاً حسب أهواءه وإرادته.
الحوار
ويدعو لويس جريس القوى السياسية على اختلاف اتجاهاتهم إلى الحوار المشترك للتصدى لأى محاولة من أى فصيل للسيطرة والهيمنة على مؤسسات الدولة، وإبداء الرأى والعمل على تنمية الوعى السياسى لدى المواطنين المصريين من خلال إقامة ندوات تثقيفىة بمراكز الثقافة والبحث العلمى والجامعات، للعمل على الثراء المعرفى فى مجال وضع الدساتير وصلاحيات الرئيس.
ويفضل الكاتب لويس جريس النظام البرلمانى القائم على مجلسين أحدهما ديمقراطى منتخب مباشرة من الشعب والآخر ديمقراطى نسبيا، ويكون للبرلمان عدة سلطات أهمها مناقشة واعتماد مشروع الموازنة العامة للدولة الذى تقدمه الوزارات، والوظيفة الثانية هى سن وتشريع القوانين، ومراقبة عمل الوزارة مساءلتها سياسياً، وللبرلمان حق سحب الثقة من الوزارة ككل «مسئولية جماعية» أو من وزير وحده دون غيره مسئولية فردية وفى حالة سحب الثقة فعلى الوزير أو الوزارة الاستقالة فوراً، وحتى لا يغالى البرلمان فى استعمال هذا الحق، فإن للوزارة حق حل البرلمان المنتخب، ويعاد الأمر إلى الشعب ليقول كلمته فى الانتخابات، فإذا جاء البرلمان الجديد وأقر ما أقره القديم لا تستطيع الوزارة حل البرلمان مرتين لنفس السبب.
وأما مسئولية الوزارة فهى مسئولية تنفيذية وتسأل الوزارة أمام البرلمان سياسياً ويحضر الوزراء جلساته للدفاع عن انفسهم، ولو كانوا غير أعضاء فى البرلمان، وفى هذا النظام يعتبر رئيس الوزراء هو الرئيس الحقيٍقى للحكومة ويتم انتخابه.
قراءة قانونية
ومن الاحزاب السياسية إلى الآراء القانونية مع د. فوزية عبد الستار- استاذة القانون الدستورى بجامعة القاهرة - حيث تسرد بعض الصلاحيات التى كان يكفلها الدستور السابق لرئيس الجمهورية وما حدث لها من تجاوزات حيث تقول: كان للرئيس السابق فى دستور 71 بعض الصلاحيات منها أنه يحق للرئيس تعيين نائب ولم يكن لذلك صفة إلزامية مضيفة: من الصلاحيات التى أعطيت للرئيس حق فى التفويض لتشريع قوانين مما وسع من اختصاصات رئيس الجمهورية وحجم من صلاحيات مجلس الشعب فى مجال التشريع.
لذا يجب منع ذلك الحق عن رئيس الجمهورية فى الدستور القادم، ويقتصر ذلك الحق على مجلس الشعب المنوط به تشريع القوانين.
وعن حق الرئيس فى حل البرلمان ترى د. فوزية أنه يحق له حل البرلمان طبقا لضوابط ومعايير حتى لا يكون المجلس ألعوبة فى يد الرئيس
وعن حق الرئيس فى تشكيل الحكومة تعلق د. فوزية ذلك الحق على نظام الدولة الذى سيرسمه الدستور سواء كان رئاسىاً أو برلمانىاً أو مختلطاً وتفضل الاخير حيث يحدث توازنا بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، حيث يحق لرئيس الدولة إدارة البلاد وتشكيل الحكومة، بينما يكفل للبرلمان حل الحكومة أى بتقاسم الرئيس مع البرلمان الصلاحيات كاملة
ساحة النقاش