فيلم «المصلحة»
كتبت : منال عثمان
سينما ساندرا نشأت سينما صاحبة نهج خاص جداً.. لها مذاق.. ليست مذابة فى ثانى أكسيد الكربون الذى يطمس الملامح ويسقط التعبيرات الحقيقية، سينما واثقة فى نفسها تعتمد على الحبكة المسنودة على فكرة، فى أوقات كثيرة تكون فكرة هائلة مثل فيلمها «ملاكى الإسكندرية» أو «الشبح» وهذا المد السينمائى البوليسى الذى كان رائده لا جدال القدير كمال الشيخ.. والذى كان يأبي أن تنظر لعمله دون أن تفكر أو تتوقع أو تربط الأحداث.. وكذا ساندرا التى برعت فى هذه النوعية السينمائية فى السنوات الأخيرة بأفلام عديدة معظمها طرق أبواب النجاح بقوة وكلها تقريبا تعاونت فيها مع هذه المجموعة، النجم أحمد عز، والممثل الكبير صلاح عبدالله والمؤلف وائل عبدالله.. وهذه هى مجموعتها أيضاً فى فيلمها الجديد «المصلحة» مضاف إليها نجم برز بشدة خاصة فى أفلام الحركة، النجم أحمد السقا وهذا أول تعاون له مع ساندرا ومع زميله أحمد عز، لكن يبدو أن الضيف عندما يأتى للأسرة تحاول أن ترحب به بشكل كبير.. والترحيب هنا كان على حساب السيناريو الذى أعتقد -إن لم أكن أجزم- أنه مشكلة الفيلم الحقيقية.. فالفكرة فى أصلها ودون الإضافات غير الإيجابية قد تكون فى صالح السيناريو والتى تنقلت بنا من الشأن العام إلى الشأن الخاص.. غير عابئين بأن لابد من ربط الأحداث بشكل قوي.. فالسيناريو به الكثير من الإزعاج والتشويش
سيناريو غير محبوك وإخراج جيدفي البداية نحن أمام رجال الأمن المركزى وبالمناسبة الفيلم صور قبل ثورة يناير ومنهم الضابط الهمام «حمزة» الذى يلعب دوره أحمد السقا يقتحمون حقلا لمخدر البانجو الذى يزرعه «سالم السالمي» «أحمد عز» أحد أكبر تجار المخدرات فى سيناء وتجرى الأحداث ويسقط الكثير من القتلى من رجال السالمى ويتم إحراق البانجو.. ورغم هذه الخسائر يصر «سالم» على تهريب شحنة مخدرات ضخمة من بيروت إلى جنوب سيناء عبر الأردن بمساعدة «أبو فياض» ويلعب دوره صلاح عبدالله.. ويسافر سالم إلى بيروت ليعقد الصفقة مع مهرب لبنانى كبير، ورغم مأساة ما حدث له من قتل لرجاله وحرق البانجو الذى يزرعه يجد فى نفسه أريحيه وبهجة أن يحب ويتزوج «نانسي» الممثلة اللبنانية «كنده علوش» وهى ابنة المهرب اللبناني.. وعلى الجانب الآخر «الضابط حمزة» له شقيق ضابط أيضاً «أحمد السعدني» عريس جديد وعروسه هى «ياسمين رئيس».. أما السقا فهو متزوج من «حنان ترك» الزوجة المصرية الصميمة التى تعانى غياب زوجها الضابط المطلوب دائماً فى مأموريات خطرة ويذهب إليها مصحوبا بدعوات أمه «نهال عنبر».. وفى كمين للشرطة قاده «الضابط يحيي» أو أحمد السعدنى يصادف أن يقبض على «سليمان» شقيق «سالم» الذى لعب دوره الممثل الجديد «محمد فراج» وقد ضبطه ومعه سجائر بانجو هو وعشيقته شادية أو «زينة» فيقتل سليمان الضابط يحيى ويذهب إلى أخيه سالم زعيم تجار المخدرات ليقوم بتهريبه واخفائه فى مخزن تحت الأرض ومن هذه اللحظة يبدأ الثأرالشخصي بين الضابط حمزة الذى يطلب نقله لإدارة مكافحة المخدرات وتاجر المخدرات سالم وطوال المشاهد التى برعت «ساندرا» فى تشكيلها سينمائياً ونحن نلهث معهما ننتصر لذكاء هذا لحظة ونتمنى أن يفلت ذاك فى لحظة أخرى وكأننا أمام «توم وجيري».. جو من المطاردات يحتاج أعتقد أهلية نفسية خاصة يتمتع بها المخرج وساندرا لديها منها الكثير وتتلاحق الأحداث فيدبر «سالم» بمساعدة زوجته اللبنانية نانسى قضية من أغرب ما يمكن لزوجة الضابط حمزة، قضية مخدرات!! وهى البعيدة كل البعد عن كل شيء ولعل هذا من نقاط ضعف السيناريو أيضاً.. وتنتهى المطاردات الصعبة بأن يقتل «حمزة» سليمان شقيق «سالم» ليتحول العام الذى هو المفروض القبض على شحنة المخدرات إلى الخاص وهو الثأر وقتل «سليمان» الذى قتل الضابط يحيى شقيق حمزة ويقف الإثنان فى القفص وكل منهما يضمر فى نفسه للآخر شراً.. لتنتهى «المصلحة» التى هى بالمناسبة كلمة - لتجار المخدرات تعنى الصفقة أو الاتفاق.. يعنى شيء من هذا القبيل.
وهذا الفيلم يحمل حدثا لا جدال هو اشتراك النجمين أحمد السقا وأحمد عز فى عمل لأول مرة وقد حفل الفيلم ببعض الأداء الكوميدى الذى له صبغة خاصة فى هذا الفيلم لونته بها ساندرا صاحبة الشخصية الاخراجية البارزة وقد تعادل النجمان في عدد المشاهد ومستوي الإبداع الذي كان مع إخراج ساندرا بألون الإنقاذ لسيناريو لا أعرف كيف فلت هكذا من أصابع وائل عبدالله.. صاحب الأفكار والبصمات الناجحة.. قدم النجم «خالد صالح» صديق هذه الأسرة مشهدا واحدا تحية لهم فى دور أحد الدعاة الجدد.
أما الجانب النسائى فقد حدث له تهميش لم نعهده فى أفلام ساندرا نشأت.. فلم تكن هناك شخصية نسائية واحدة بارزة حتى حنان ترك بكل امكانياتها كدنا ننساها ولم نتذكرها إلا عندما تم تلفيق القضية للزوجة.. كنده علوش مبشرة بكل خير لكن حقيقة لم توضع فى إطارها فى هذا الفيلم.. أما «زينة» فقد قدمت شخصية محيرة هل هى تحب سليمان.. أم ترنو لشقيقه الأقوي؟
ساندرا مخرجة صاحبة أدوات خاصة تستخدمها بشكل جيد فى نهجها السينمائى الذى اختارته عالم الأجواء الغامضة والمطاردات وقد نجحت فيه فى «المصلحة» رغم أنف سيناريو غير جيد ولا محبوك.
ساحة النقاش