مصــــــر الجديــدة

كتب : طاهر البهي

منصب رئيس الجمهورية، هو أرفع وأهم وأخطر منصب يكلف فيه الشعب مواطن مصرى لتحمل مسئولية البلاد، وما أقساها من مهمة، وما أعلاها شرفاً، يحصل «المواطن» رئيس الجمهورية على أرفع وسام تكليفاً وتشريفاً، يوضع على صدر من انتخبه الشعب بكافة أطيافه وطوائفه وانتماءاته، ولا أحد يجرؤ على أن يقلل من الدور الفاعل، والفكر المسئول الداعم والدافع لعجلة الإنتاج، وحصن الأمان، والنهوض التنموى فى كافة قطاعات الدولة.

فقط أتساءل عن إمكانية دوران عجلة الإنتاج، ورفع معدلات التنمية فى مصر، إذا ماحدث تقاعس فى صدق توجه الإرادة الشعبية الحقيقية للمصريين أى دون أن يستشعر المواطن المصرى حقيقية الخطر الذى يهدد النمو الاقتصادى «زراعى، وسياحى وتجارى وصناعى»، والمعوقات التى تحاصر الحلم المصرى الذى ثار على الفساد، وتخلف عن الركب الديمقراطى، وسط غياب كامل عن أبسط حقوق المواطن فى تحقيق حياة كريمة، مما يهدد السلام الاجتماعى فى مقتل، مع إبقاء النظام السابق - لاسامحه الله - على قنبلة العشوائيات رغم إدراكه لمخاطرها على المجتمع، وأن هؤلاء من قاطنى العشوائيات لايتمتعون بالحد الأدنى من العيش الكريم، ومن مأوى آمن، ومساحة تمنع اختلاط الأبناء مع الآباء، بما يحمى حمرة الخجل لدى أفراد الأسرة.

أريد أن أقول أنه بدون الرضا والدعم الشعبى، لن يتمكن رئيس ولاحكومة من النهوض بالوطن، الرئيس يفكر ويستشير ويتفاوض، ويتحدث باسم مصر، ولكن كل هذا بدون عمل حقيقى ورغبة صادقة فى النهوض، والاستيقاظ من السُبات العميق، لن نتقدم ولن نحقق ما نصبو إليه، وما دفعنا من أجله دماء خيرة شبابنا.. تجارب الأمم التى سبقتنا إلى مصاف الدول العظمى، التى انحنت لها الشعوب احتراماً وتقديراً، مثل اليابان، الهند، ماليزيا والصين، تستحق جميعها أن نتوقف أمامها بكثير من التأمل والدراسة، وأيضاً.. الانبهار، الذى يقود إلى التشبه بها، وأخذ الدروس المستفادة، لمحاولة التطبيق على أرض الواقع المصري، هذه الدول تقدمت بخططها التعليمية والتنموية والاجتماعية المدروسة، ولكن إذا ما توقفنا عند التفاصيل، نجد أن النجاح العظيم الذى شهد به العالم والواقع، كان هو نجاح المواطن الفرد بتناغم مع المجتمع باخلاصه وإيمانه بوطنه، ورغبته فى المشاركة فى صنع مستقبل بلاده وأولاده، مع حفاظه على هويته وثقافته القومية.

حكى لى صديق أثق فى صدق روايته، أنه ذهب فى زيارة ليست بالقصيرة إلى اليابان، وما أدراك ما اليابان فى سباقها المتسارع ليس مع من ينافسونها فقط، وإنما مع نفسها، هى بلد من فرط حماسه يواصل الليل بالنهار، ويتنازل طواعية عن أجازته وأوقات راحته!

حكى الصديق أنه ارتبط بعلاقة صداقة قوية مع مواطن يابانى ناجح - وهى الصفة الأعم عند اليابانيين - فما كان من رجل الأعمال اليابانى - وهو أيضاً رجل صناعة وإنتاج - إلا أن دعاه إلى منزله، رغم أن اليابانيين محافظين للغاية، ويحيطون أسرهم بالقدسية، وفى البداية انبهر صديقنا المصرى بأناقة وراحة وعبق المكان، إلى أن استأذن اليابانى لتغيير ملابسه، حيث ارتدى الزى القومي، وكذلك فعلت الزوجة، التى قدمت مشروب الشاى بنفس الطريقة اليابانية المتوارثة جيلاً بعد جيل، ومنذ آلاف السنين، بما يعنى أن الانفتاح على العالم لا يعنى فقدان الهوية بما يكشف الوعى الكامل لدى الشعوب وهو الوعى الذى لم تصنعه أبواق إعلامية، ولكن صنعه الحب الصادق لأوطانهم.

أما الرسالة الأوضح، فهى أن الإخلاص للوطن، والاتقان للعمل من شأنه أن يحقق حلم الشعوب فى الارتقاء، والتقدم إلى مصاف الدول الأولى فى قاطرة التنمية من تلك التى حققت الرخاء لشعوبها والنماء لبلادها اجتماعياً واقتصاديا.

رئيس الجمهورية لايملك عصا سحرية، يقود بها اقتصاد وأمن بلاده، بل هو عليه مسئولية تحفيز الهمم، ورفع الظلم، وتحقيق العدل، حتى ينهض الشعب بإرادة جمعية، لتتحقق الطفرة، ويرفع الغبار، وتتوحد الصفوف، حتى نصل جميعاً إلى غايتنا 

المصدر: مجلة حواء- طاهر البهي
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 657 مشاهدة

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

21,054,416

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز