تنشأ عن أخطاء فى التربية
غيرة الصغار جحيم الكبار
كتبت :اسماء صقر
الغيرة بين الأبناء مشكلة تواجه معظم الأسر ويرجع ذلك لخطأ أحد الوالدين في التعامل معهم من خلال التمييز والتفرقة بينهم، مما يولد بداخلهم الغيرة من بعضهم البعض ، وقد ينتج عن هذه الغيرة اتجاه الطفل إلي التخريب والعدوان والغضب وضعف ثقته بنفسه، والأمهات هنا تتساءل: ماذا يفعلن مع غيرة أبنائهن؟ وكيف يحولن السلوك السلبي إلي طاقة بناءة لدي هؤلاء الأبناء ؟ «حواء» وجهت تلك الأسئلة للمتخصصين لتقديم إجابة تساعد الأمهات والآباء في القضاء علي تلك الظاهرة بين أبنائهم
فى بداية جولتنا توجهنا للأبناء للوقوف على أسباب تلك الظاهرة والتعرف على مبرراتهم فى الغيرة التى تنشأ بينهم..
- يقول عبدالرحمن شوقى - 9 سنوات -: أمى أنجبت ولدا آخر غيرى ومنذ ولادته وقتها الكامل له بل وأصبحت عصبية ومنفعلة دائما على إذا أخطأت مما يجعلنى أشعر بالحزن والاكتئاب من وجوده ، لذلك لا أريد أن ألعب معه أو أحدثه فهو سبب شقائى الآن لاهتمام أمى باعطائه لعبى وشراء المزيد من أجله.
- بينما تقول هند مصطفى - 11 سنة -:إن الجميع يرون أختى أجمل منى فى الشكل بل ومتفوقة دراسيا ، أما أنا لا يمتدحنى أحد رغم أننى أسمع كلام والدى ، ومستواى الدراسى جيد لكن التباهى من نصيب أختى فقط ، لذلك أشعر بالغيرة تجاهها وأصبحت عنيدة ومتمردة ولا أسمع كلام أحد كى يهتموا بى وبمشاعرى.
ويؤكد أحمد - 14 سنة - أنه إذا تولدت مشاعر الغيرة بداخله فالسبب يرجع لأبيه الذى يراه دائما مستهتراً ولا يستطيع تحمل المسئولية فى يوم ما وغير ناجح دراسيا ، على العكس أخيه الذى يراه دائما ناجحا فى كل شئ وكل هذا بسبب رسوبى العام الماضى فى الدراسة ، فإننى أعترف أننى أخطأت وتهاونت فى المذاكرة لكن هذا لا يعطيه الحق فى وضعى فى مقارنة مع أخى الأصغر منى.
- وتقول ياسمين - 16 سنة-: أغار من أختى الصغيرة لأن والدتى تهتم بها وبمشاكلها أما أنا لا تبالى بى ولا تسألنى عما يضايقنى، لذلك كل أسرارى مع صديقاتى وأقضى أغلب اليوم فى الفضفضة على الشات والفيسبوك.
انفعال مركب
وبعد الاستماع إلى آراء الأبناء توجهنا للمتخصصين
حيث أكدت أستاذة علم النفس بجامعة بنها د.أمينة بدوى أن شعور الغيرة انفعال مركب يجمع بين حب التملك والشعور بالغضب، وقد يصاحب الشعور بالغيرة إحساس الطفل بالغضب من نفسه ومن إخوانه الذين تمكنوا من تحقيق مآربهم التى لم يستطع تحقيقها، وقد يصاحب الشعور بالغيرة مظاهر أخرى كالثورة أو التشهير أو المضايقة، والتخريب، العناد والعصيان وقد يصاحبها مظاهر مثل التى تصاحب انفعال الغضب فى حالة كبته كاللامبالاة أو الشعور بالخجل أو شدة الحساسية، أو الإحساس بالعجز أو فقد الشهية أو فقد الرغبة فى الكلام. فالشعور بالغيرة أمر خطير يؤثر على حياة الطفل ويسبب له صراعات نفسية متعددة ، وتمثل خطرا على توافقه الشخصى والاجتماعى بمظاهر سلوكية مختلفة منها التبول اللاإرادى أو مص الأصابع أو قضم الأظافر أو الرغبة فى شد انتباه الآخرين واستدرار عطفهم بشتى الطرق ، كالتظاهر بالمرض أو الخوف والقلق أو القيام بالأفعال العدوانية.
حب التملك
- وتعد الغيرة فى الطفولة المبكرة شيئا طبيعيا حيث يتصف صغار الأطفال بالأنانية وحب التملك وحب الظهور لرغبتهم فى إشباع حاجاتهم دون مبالاة بغيرهم ، وقمة الشعور بالغيرة تحدث فيما بين 3 - 4 سنوات وتكثر نسبتها بين البنات عنها بين البنين.
وتؤكد د. أمينة على ضرورة عدم إثارة مشاعر الغيرة بين الإخوة من خلال التفرقة غير المقصودة بينهم، كالاهتمام بطفل دون الآخر، فلابد أن يتوخى الآباء الحذر فى إظهار عواطفهم نحو الأبناء حتى ولو كان هذا الابن يستحق رعاية أكثر بحكم ظروفه.
الأسرة
وعن دور الأسرة فى نشأة الغيرة بين الأبناء تتحدث أستاذة علم الاجتماع بجامعة المنوفية د.ماجدة القاضى قائلة : مع بداية الزواج وحدوث الحمل تستعد الأسرة لاستقبال مولودها الأول بفارغ الصبر، وتهتم بكل طلباته وتراقب كل تحركاته باهتمام كبير، وبعد فترة قد ترزق الأم بمولود آخر قد يثير مشاعر الغيرة لدى الطفل الأكبر خاصة لدى الأسرة غير الواعية ، لأهمية عدم إهمال الطفل الأول والأكبر على حساب الطفل الآخر تحت دعوى أن الأصغر أولى بالرعاية . وهنا على الأم أن تهيئ الطفل الأكبر لاستقبال شقيقه الأصغر حتى أن هناك بعض الأسر تحضر هدايا للشقيق الأكبر وتدعى إنها من أخيه وبذلك تحمى الطفل من الشعور بالإهمال وتطفئ نار الغيرة لديه.
وأيضا لابد من إشعار الطفل أو الابن الذى تخطى سن العاشرة بقيمته ومكانته فى الأسرة والمدرسة وبين الزملاء ، وتعويده على أن يشاركه غيره فى حب الآخرين.
العقاب خطأ
وينبغى على الأبوين توفير علاقات قائمة على أساس المساواة والعدل دون تمييز أو تفضيل أحد الأبناء على الآخر ، وتعويد الطفل الأنانى على احترام وتقدير الجماعة، ومشاركة الأطفال فى اللعب.
- وتحذر د. ماجدة من العقاب الجسدى للطفل بالضرب إذا أظهر غيرته نحو أخيه فيزيد لديه مشاعر الغيرة السلبية والتى تظهر على شكل عداء نحوه.
وتشير إلى ضرورة سماح الأهل للطفل بإظهار مشاعر الغيرة على نحو سليم ، فعدم إظهار تلك المشاعر يسهم فى كبت هذه المشاعر، مما يعزز لدى الطفل الإحساس بأنه منبوذ وغير مرغوب فيه ، فيزداد لديه الإحباط وعدم الثقة بالنفس .
ساحة النقاش