رمضان .. دعوة للحياة.. ومواجهة الأسعار
كتبت :ايمان حمزة
رمضان كريم الله أكرم .. نستقبل معا شهر الخير الذى قال عنه رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم : «أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار» .
الشهر الذى يضم بين لياليه النورانية المباركة ليلة القدر أعظم ليالى الدهر والتى تنزل بها القرآن الكريم على رسولنا المصطفى والتى قال عنها الخالق الله تعالى : «ليلة القدر خير من ألف شهر تنزل الملائكة والروح فيها من كل أمر سلام هى حتى مطلع الفجر» . فهى رحمة لنا من المولى والرسالات السماوية جميعها وخاتمها الإسلام جاءت رحمة لكل البشر .
وهكذا تكمن الحكمة من هذا الشهر والصيام وهى الرحمة لنا ولمن حولنا من التواصل الإنسانى والتراحم والإيثار والبر والعطف على المحتاج والفقير أينما كان .. أن نسارع إلى تلمس أبواب الخير والأعمال الصالحة ونحن نتوجه إلى الله الخالق، بالإخلاص فى العبادات والإخلاص والمعاملات مع كل من حولنا لتستقيم حياة البشر وينعم الخير بدلا من التنابذ والفرقة والضعف .. فالدعوة إلالهية «تعاونوا على الخير» سبيلنا إلى الاتحاد والقوة .. فلنمد أيدينا لكل من يحتاج إلينا من حولنا ومن بيننا من يتعفف عن إظهار احتياجه .. فلنساعد هؤلاء الفقراء والمحتاجين لإكمال رسالته مع أبنائه وأسرته .. من تقديم شنطة الخير من الطعام .. من جمع التبرعات والصدقات والزكاة من أجل خلق فرص عمل لمشروعات صغيرة تعينهم على الحياة .. فلا يكفى أن نطعم إنسان سمكة ولكن الأفضل أن نعينه على تعلم الصيد ليأكل وتأكل أسرته دوما وليس يوما واحدا - فلتكن دعوة للتكافل والتراحم نبدأها من هذا الشهر الكريم لتمتد طوال العام بل كل الأعوام ... وما أحوجنا فى هذه الأيام التى تزايد فيها الغلاء مع الأزمة الاقتصادية التى عمت كل بيت وكان أثرها أكبر على البعض ممن فقد وظيفته وطحنته البطالة والفقر هو وأبناءه .. فلنمد أيدينا جميعا إلى هؤلاء الشباب لنعينهم على العمل، على الحياة، وعلى الزواج .. نمد أيدينا لنمسح دمعة طفل فقير يتيم ونرسم بسمة أمل وحياة .. ما أجمل أن نمد أيدينا لكل مريض يحتاج للدواء، كل مسن أفنى العمر من أجل أبنائه.
وجاء الوقت لمن يمدما بالرعاية فلنتعاون جميعا نساء ورجالاً على أن نعلم أجيالنا الصغار من الأبناء معنى البر والتقوى والقيم التى تربينا عليها من الحب والتآخى والإيثار والتسامح والشهامة والكرم .. أن نقف جميعا فى وجه هذه العادات والتقاليد التى حولت الشهر الكريم من شهر للصوم إلى شهر للبذخ والتبذير فى الإنفاق على الطعام مما يزيد عن احتياجاتنا ويضر بصحتنا وصحة أفراد أسرتنا من السمنة والتخمة، والإضرار بالقلب وأجهزة الجسم من كثرة الإجهاد فى الهضم .
فتزداد أعباء الأسرة ولنلتمس الحكمة من دعوة رسولنا الكريم : «صوموا تصحوا» و«المعدة بيت الداء إذا صحت صح البدن» فلنتذكر عند صيامنا وجوعنا وعطشنا هؤلاء المحتاجين، ولنتذكر عند إفطارنا أن هناك أطفالاً وكباراً مازالوا ليس لديهم ما يغنى جوعهم وظمأهم .. يعيشون بيننا أو فى مدن وقرى وشوارع تمتلىء بهم وعلينا أن نتعاون جميعا لنصل إليهم .
فلنتوجه بهذا الانفاق الزائد ونرشده من اجل أن ننال رضاء الخالق وننهل من ثوابه ليكرمنا ويكرم أبناءنا فمن فرج كربة أخيه فرج الله عنه كرب الدنيا والآخرة .. ونحن أحوج ما نكون إليها جميعا .
فلنقتصد فى المأكل والمشرب والتكالب على الشراء وهذا النهم الاستهلاكى الذى تدفعنا إليه الإعلانات التى تسلب العقول علي شاشات التليفزيون والإذاعة والصحف وإعلانات الشوارع، إلى جانب ما تقدمه المسلسلات الرمضانية من مظاهر بذخ مما يزيد من تطلعاتنا وشعورنا بالإحباط والعجز والتمرد للأبناء والآباء والأمهات، بل مطالبة الأزواج والزوجات بمزيد من الأعباء التى تلتهم ميزانية البيت وتفوق الدخل وتعد السبب الرئيسى لتزايد الأعباء المادية والخلافات الزوجية بل مزيد من المشاحنات بين الناس فى المواصلات والشوارع والعمل، وهى أيضا السبب الأول فى مزيد من جشع وطمع أصحاب النفوس الضعيفة من التجار الذين يستغلون هذا النهم الاستهلاكى ويرفعون الأسعار لنرى هذا الغلاء المتزايد الذى لا يقدر عليه إلا طبقة قليلة من الشعب وهم الأغنياء، وهنا يقع عليك عزيزتى حواء كأم وزوجة دور أساسى، فأنت أمام المشكلة الخطيرة وأنت مديرة المنزل ومديرة الميزانية التى تواجه هذه المعادلة الصعبة وهى عجز ميزانية البيت أمام الاحتياجات المتزايدة لهذا الشهر مع الأسعار الجنونية وهنا يأتى دورك الواعى فى ترشيد الاستهلاك، فأنت أول من يضار .. ورغم أننا لسنا ضد مظاهر البهجة والفرحة التى تتوج هذا الشهر الكريم والتواصل مع الأهل والأصحاب بالعزومات والإفطار أو السحور .. ولكن لنتعلم الترشيد والاقتصاد والتوفير، وأيضا من خلال استخدام بدائل اللحوم المرتفعة الأسعار لنكسب مائدة الطعام، فالجسم الإنسانى لا يحتاج إلا شريحة صغيرة لا تزيد عن 80 جراماً وإلا أصبحت اجهاد على الكبد والكلى وتسبب في الأمراض الخطيرة لهما.. ولدينا من البروتين النباتى البيض والجبن .. وأيضا فلنعد الطعام بقدر عدد الأفراد .. ولنشارك بالمجهود فى تقديم الأصناف بين الضيوف حتى نقلل من الجهد والوقت والأعباء المادية، فنجتمع على الفرح ولم الشمل بأوقات سعيدة فى رمضان ونكثر من العبادات الصادقة والدعاء للمولى بالخير والمغفرة للجميع، ولنحسن فى تعاملاتنا مع من حولنا ونتحكم فى غضبنا وثورتنا مهما كان الحر والعطش، ولتكن فرصة أيضا للتحكم بقوة إرادتنا فى الإقلاع تدريجيا عن عادة التدخين التى تضر بنا وبصحتنا وصحة أبنائنا وتلتهم جزءاً كبيراً من ميزانية بيتك وأنت وأسرتك أحوج لها بعد هذا الغلاء المتزايد وحتى تتخلص من هذا الضغط النفسى الذى تنفجر به فيمن حولك وتقول اللهم إنى صائم .. ورمضان كريم الله أكرم .
ساحة النقاش