رمضان كريم الاعتدال مطلوب

 

كتبت : نجلاء أبو زيد

رمضان كريم.. حقيقة نشعر بها جميعاً خلال أيام الشهر الكريم الذي يزداد فيه الخير في كل شيء، لكن أحياناً يسيء البعض
استخدام هذه الحقيقة لتبرير تصرفات لا تمت لرمضان ولا كرمه بأي صفة، لكنها شكل من الإسراف الذي يخلق المشاكل ويهدر موارد الأسرة في هذه الأيام الكريمة.
ولتوضيح العلاقة بين كرم رمضان والاعتدال في الإنفاق خلال أيامه الكريمة، كان هذا التحقيق

البداية مع سلوى سعيد - ربة بيت -تقول: رمضان كريم ومصاريفه كثير، لكن زوجى لا يستوعب طبيعة الشهر ودائماً يصرخ مؤكداً أنه لم يعد معه نقود وهذا ليس ذنبى،
ودائماً أحاول إقناعه أن رمضان كريم ولا يجب أن يبخل علينا لكنه يصر على موقفه ويطالبنى بأن نعيش خلاله مثل أى يوم عادى وهذا صعب جداً، فالأولاد يصومون وكل
منهم له طلباته ويجب أن نلبيها، وهو كمسئول عن الأسرة عليه أن يتصرف ويكفى أننى سبق وبعت غويشة ذهبية حتى أستطيع تلبية احتياجات رمضان العام الماضي.
تختلف معها مريم محمد موظفة - قائلة : رمضان كريم يعنى بالنسبة لى أن كل شيء فى الشهر خير، وأن نحاول الاستمتاع بما قسمه الله لنا وفقاً لامكانياتنا المادية وألا
نسرف خلال أيامه بدعوى أن رمضان كريم، فأنا عادة طعام الافطار لا يختلف عما نأكله فى الأيام العادية، وقد عودت أولادى على ذلك وشرحت لهم كيف أن رمضان
يساعدنا على الاحساس بالفقراء الذين لايجدون طعامهم، وعلينا ألا نبالغ فى نفقاتنا لأن هذا خطأ وسيحاسبنا عليه الله، وأتعجب جداً عندما تشكو زميلتى فى العمل من
كثرة ما ترميه من أطعمة لم يأكلها أحد، فترد عليها أخرى مؤكدة أن رمضان كريم ويجب أن تصنع أصنافا كثيرة وتملأ المائدة ليسعد الأولاد.
للأسف الناس يفهمون عبارة رمضان كريم خطأ جداً هكذا بدأت الحاجة عائشة محمود- ربة بيت- حديثها وقالت: فى الماضى كان الخير كثيراً والأسعار رخيصة وكنا
نصنع أصنافاً وأصنافاً على الافطار ونرسل أطباقاً للأهل والجيران لكن عندما قل الخير وارتفعت الأسعار أصبح كل بيت يكيف نفسه وفقاً لظروفه، ومازلنا إذا جاءنا
ضيف بدون موعد نرحب به ويجد نصيبه فى الطعام لكن كل هذا بدون تبذير، وقد اعتدت منذ بداية الشهر أن أصنع أصنافاً من المخللات لتفتح نفس الأولاد على الطعام
وأصنع كميات معقولة من كل شيء وإذا تبقى شيء أقدمه لهم فى اليوم التالى مع صنع شيء جديد بجواره، وعندما يقول ابنى رمضان كريم يا ماما اصنعى هذا وذاك أقنعه
بمعنى كرم هذا الشهر وضرورة أن نعيش وفقاً لظروفنا حتى لا نضطر لمد أيدينا للناس، وعلى كل إنسان أن يعيش ويستمتع بأيام الشهر حسب ظروفه ودون النظر
للآخرين.
نسرين صلاح - موظفة - تقول: مشكلتى الكبرى خلال أيام رمضان الكريمة إلحاح زوجى على أن أصنع أصنافاً فوق طاقتنا وتكلفنا مالاً كثيراً وبكميات أكبر من احتياجنا
أنا وهو والولدين، وعندما اعترض يقول لى رمضان كريم وإذا تبقى طعام وقدمته فى اليوم التالى يتشاجر معى ويرفض تناول الطعام وإذا عزمنا بعض الأصدقاء يطالبنى
بصنع أصنافاً كثيرة فوق طاقتنا وكلما أخبرته أن هذا يكفى ويزيد يردد عبارة رمضان كريم. بصراحة أنفق مالاً كثيراً وهو لا يعطينى سوى المصروف العادى ويتركنى
أتصرف على أساس رمضان كريم.
لكن ماذا يقول الأزواج عن زوجاتهم وانفاقهن فى رمضان؟

محمد شكرى - موظف - يقول: بصراحة زوجتى عاقلة جداً وتقوم بعمل جمعية قبل قدوم رمضان حتى ننفق براحتنا، فمصاريف هذا الشهر كثيرة ونحاول أن نسعد الأهل
والأولاد والعزائم تحتاج مال كثير، وفى إحدى السنوات عندما أنفقت مال الجمعية فى المصيف عشنا رمضان صعب جداً لأنها أصرت ألا نقترض مالاً من أى شخص وأن
نعيش وفقاً لظروفنا وقد احترمت هذا فيها، لأن كرم رمضان يعنى أن نكون سعداء ومستقرين لا أن نستدين من أجل الطعام على أساس إن رمضان كريم.
أنا والمكسرات والخناقات هكذا بدأ الأستاذ عمرو محمد موظف حديثه وقال: قبل أيام من الشهر الكريم أذهب وزوجتى لشراء احتياجات الشهر ودائماً نتشاجر فى السوبر
ماركت، والسبب ببساطة أنها ترى أن شراء المكسرات بكميات من طقوس الشهر مثلها فى ذلك مثل الفوانيس.
وكلما حاولت اقناعها أن الأولاد لا يحبونها وأنها عادة بعد أن توشك على الخلاص تعطيها لزوجة البواب وأن علينا شراء كميات بسيطة فقط، تصرخ مؤكدة أن رمضان
كريم وأن علينا أن ندخل الفرحة للبيت. وإلى الآن لا أعرف ما العلاقة بين كرم رمضان والإسراف والإنفاق بما لا يناسب طاقتنا. وللأسف أحياناً لا نكلم بعضنا البعض فى
الأيام الأولى لهذا الشهر الكريم بسبب مشاجراتنا على الأشياء التى نشتريها أو ستطهوها فى اليوم الأول.
رمضان كريم المهم نفهم هكذا بدأ محمد أمين - موظف بالمعاش - حديثه وقال: أيام رمضان مختلفة عن باقى أيام السنة، فنحن نجتمع على مائدة ونرى أناساً قد لا نراهم
طيلة العام ونعطف على الفقراء بكثافة وكل هذه الروحانيات عن كرم الشهر الكريم، لكن للأسف بعض الناس تقف عند تنويع الطعام والمشروبات والإسراف فى كل شيء،
وعند الاعتراض تقال كلمة رمضان كريم لغلق الألسنة، وأعتقد أن الأسرة فى حاجة لأحد يفهم معنى الكرم والاعتدال.
وحول كيفية توعية الأسرة للمفهوم الحقيقى لعبارة رمضان كريم سألنا د. زينب شاهين - أستاذة علم الاجتماع - فقالت:

المجتمع المصرى والمجتمعات الشرقية عموماً لها طقوسها الخاصة فى الاحتفال بشهر رمضان، وقد اعتاد المجتمع المصرى على الانفاق خلال هذا الشهر بصورة مختلفة
عن باقى الأشهر لدرجة تجعل الكثيرين يشتكون من زيادة الوزن بنهايته أو التخمة وأمراض المعدة أو عدم وجود أموال لأنهم أنفقوا كل شيء فى رمضان، وكل هذا يدل على
أن الروح الحقيقية لهذا الشهر ربما لم تصل بعد للكثيرين فمن المفترض أن يكون فرصة لتهذيب النفس وإشعارها بمعاناة الفقراء طوال العام وعدم قدرتهم على تناول
الطعام وحرمانهم من هذا الأمر الذى نراه شيئاً طبيعياً فرمضان فرصة سنوياً لتربية النفس وتقويتها على التحمل والصبر على أى شيء، وألا تلبى كل الاحتياجات وقتما
نريد، لكن للأسف مبالغة البعض فى الانفاق وتنويع المأكولات وبكميات كبيرة وإن كان هذا لا يحدث كثيراً الآن، يؤثر سلباً على الهدف الأساسى من الشهر الكريم، والأولى
أن تفهم الزوجة أن كرم رمضان لا يعنى الضغط على الزوج لشراء المكسرات والحلوى، لكن يعنى أن نربى أولادنا على الرضا وأن يقدروا ما فى أيديهم لأن غيرهم لا
يجدون، فكرم رمضان فى روحه التى تفيض على نفوسنا بالرضا والهدوء النفسي، فكرم رمضان يدفعنا لصلة الرحم والعطف على الفقراء والتفكير فيما سيتناولونه على
الإفطار لا أن نملأ موائدنا من الأطعمة ثم لا يأكلها أحد، وعلينا أن نجهز أنفسنا وأولادنا قبل الشهر الكريم، وأن نوعيهم أن الإسراف ليس من عبادات هذا الشهر، وأننا
يجب أن نشعر بالفقراء وألا نبالغ فى مصروفاتنا، وأن نحسن التعامل مع هذا الشهر لأنه فرصتنا للتخلص من كل العادات السلبية لا بداية عادات سلبية جديدة مثل
الإسراف.
وأضافت د. زينب: أنه من المؤسف أن تحدث خلافات أسرية خلال هذا الشهر بسبب الانفاق وعدم قدرة الزوجة على التصرف وفقاً لإمكانات زوجها وتبرير ذلك بأن
رمضان كريم، فكرم هذا الشهر فى اعتداله وشعورنا بمن حولنا من فقراء لا بكثرة الأصناف من أكل، ولنعرف جيداً أن الله سيحاسبنا على ما نفعله وما قد يؤثر سلباً على
الآخرين. 

 

المصدر: مجلة حواء- نجلاءأبوزيد
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 832 مشاهدة

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,697,076

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز