فى دراما رمضان عودة البطل الشعبي ابن الحارة
كتبت : منال عثمان
يبدو أن البطل الشعبى الفقير المجهض الأحلام الذى يعيش فى مكان بسيط كحاره ويمتهن المهن البسيطة ويملك قوة بدنية عالية وبسطة فى الجسد تجعله يتغلب على الأشرار فى المعارك العنيفة التى يخوضها وحده وأمامه العشرات يتغلب عليهم جميعا .. هذا النموذج مثّله بقوة النجم الراحل فريد شوقى البطل الشعبى وكانوا يطلقون عليه (ملك الترسو) والترسو هو الأماكن الرخيصة الثمن فى دار العرض يعنى زبائن الترسو يرون أنفسهم فى فريد شوقى بل هناك من يقول إن فى دور العرض فى الصعيد كانوا رواد السينما في الترسو يتفاعلون بشدة مع فريد شوقى ويصرخون ويهللون حين يخرج منتصرا دون خدش واحد ولو أحدهم قال إن هذا لا يقنعه يتكالبون عليه ويشبعونه ضربا لأنه أهان نجمهم المحبوب فريد شوقي ll
كان هذا النموذج ناجحا جداً فى سينما الخمسينيات والستينيات وتغيرت الدنيا وأشكال البطل الشعبى ابن الحارة الذى أصبح يحمل مؤهلا ومتعلما لكن أحلامه أيضا يضعها فى لفائف فى أدراج مكتبه.. فلا أمل أن يعمل بمؤهله أو حتى يغير مؤهله .. فانزوى هذا النموذج بعض الشئ مع استحداث نماذج أخرى.
لكن يبدو أن البطل الشعبى ابن الحارة المرسوم على ملامحه أن هذا الشاب فى مهب الريح .. لاعمل ولا وظيفة ولا حياة كريمة ولا حتى يوجد لديه بارقة أمل أن يدنو له شئ ولو على استحياء .. سيكون فرس الرهان فى دراما رمضان هذا الموسم .. فمعظم المسلسلات يتصدى أبطالها لأدوار لها هذه الكيفية فمثلاً النجم (خالد النبوى) يلعب فى مسلسل (ابن موت) دور شاب إسكندرانى إسمه (جابر الخواجة) ابن الحارة الضيقة التى تخنق انفاسه التى يعانى هو وأهلها من المشاكل والإهمال والتجاهل ويدخل بعضهم عالم الجريمة فجابر يدافع عن حقه وحقوق المظلومين فيلجأ للقانون مرة واثنين وعشر لكن يخذله فيقرر أن يأخذ حقه بذراعه ويلجأ لأساليب البلطجة البشعة التى تحوله إلى شخص مطارد مطلوب القبض عليه رغم أنه فى الأساس مهندس زراعى وكان كل حلمه أن يحصل على قطعة أرض يمارس فيها عمله .. لكن الظروف أرغمته أن يمارس قوته البدنية لا عقليته وأحلامه
الهروب
فى حين مثلا (محمود) أو النجم كريم عبد العزيز فى مسلسل (الهروب) شاب مهندس مدنى ذاق أهله الأمرين حتى أصبح هكذا وحاول هو أن يعتمد على نفسه ويحفر فى الصخر ليحقق ذاته بأى شكل لكن كل الظروف ضده فمن يتحكم ويقبل ويرفض هو جاهل وظالم وكل هذا يجعله يلقى بكل تعبه وراء ظهره ويعتمد على نفسه فى مجال آخر لا يعرف إلا الصفعات والركلات والدم ويتحول (محمود) إلى رجل لا يخاف ولا يجبن ولا يطرف قلبه لأى حنان وحنين وتتحول حياته إلى جحيم.
أما الشاب (آسر ياسين) فهو (البلطجى) فى مسلسل يحمل نفس الإسم وهذا المسلسل .. يفتح الباب على مصرعيه على عالم البلطجية لا نشاهده من ثقب الباب .. العالم الخفى لهم بل ويلقى الأضواء على كيفية استخدام بعض الوزراء لهم بأساليب غير شرعية فى بعض المواقف الشهيرة التى قد تكون مازلنا نتذكرها .. نعرف مهمة هذا وذاك وكيفيـــة انتهاء المهمة دون ترك آثر واحد يدل على البلطجية.
خرم إبرة
أما عمرو سعد الذى هو دائما بملامحه التى تساعده يطل من هذه الطبقات ابن الحارة المأزوم نفسيا وانسانياً الذى يطحنه هذا الإتحاد المتقن ما بين الفقر والجهل والمرض فى مسلسل (خرم إبرة) ميكانيكى يحاول أن يقصر أحلامه على هذه المنطقة ولا تفلت من أصابعه يقنع نفسه بأن هذا واقعه ومصيره وفى أحيان عدة يكون نصير الضعفاء والقوة التى تساند البعض فى أمور صغيرة، لكن تحدث أشياء تجعله يفك أغلاله ويحاول أن يحلم أن يكون ثريا .. هل ينجح ابن الحارة الشعبى؟
أما أحمد عبد العزيز الذى يعود للدراما التليفزيونية بعد غياب بمسلسل (حارة خمس نجوم) ولديها (يوسف) الذى يلعبه أحمد وهى حارة فى (بولاق ابو العلا) يتركها سنوات طويلة وعذاب الدنيا كله يحاصرها، لكن أهلها الطيبين بسطاء ولديهم شهامة وجدعنة ولا يقبلون الحرام أو العيب وكان يرى كل هذا سلبية ويعود يوسف ليجد حال الحارة تغير والناس لم يعدوا الناس ويعمل سمساراً لدى مجموعة من المستثمرين ليبيع بيوت الحارة لإنشاء مبان أخرى راقية وسياحية .. فقد يوسف ذاته وأصوله الشعبية ورأى فى الناس أيضا من فقد هذا لكن ليس كل أهل الحارة.
باب الخلق
هذه المنطقة الشعبية الجميلة أحد حواريها هو مسرح أحداث مسلسل (باب الخلق) للنجم الكبير محمود عبد العزيز الذى يلعب دور مدرس لغة عربية تضيق السبل أمام وجهه .. فيسافر للخارج بحثا عن الرزق ويعود لباب الخلق.. ليجد كل شئ تغير حتى نفوس البشر .. يحاول التعايش مع هذا .. لكن طباعه الشعبية الجميلة وهو ابن الحارة أحيانا تقبل وأحيانا لا.
ساحة النقاش