صرخة زوجة:

يا عزيزى كلنا صائمون

 

كتبت :نجلاء أبو زيد

شيرين عبدالرءوف موظفة تحدثت قائلة : هذه السنة الأولى التى يمر على فيها رمضان وأنا متزوجة وحامل فى نفس الوقت، وبفضل الله أصوم معظم الأيام وذهب لعملى وأعود لأجهز الطعام لكن مشكلتى الأساسية تكمن فى زوجى فهو يعود بعدى بفتره وما أن يدخل البيت إلا ويصرخ مؤكداً أنه صائم ويشعر بالحر وعلى تجهيز الحمام ليأخذ «دش» وإذا طلبت منه أن يجهزه لنفسه لأننى مشغولة فى المطبخ ثار وهاج وتشاجرنا وبعد أن يهدأ قليلاً بعد الدش يسألنى عما أعددته للإفطار من مأكولات ومشروبات، ودائما يطلب صنفاً جديداً مؤكداً شعوره بالرغبة فى تناوله وعندما أخبره أن الوقت ضيق وأننى مرهقة يخبرنى أنه صائم ومن حقه أن يفطر بما يريد ولأننى لا أريد مشاكل أتحمل لكننى بصراحة تعبت فأنا صائمة وليست لى أى طلبات .

كوثر فاروق -ربة بيت- لها قصة أخرى حيث تقول زوجى مدخن شره وامتناعه عن التدخين فى رمضان يجعله شخصاً آخر فما أن يأتى من عمله إلا ويصرخ فى الأولاد إذا وجدهم يلعبون أو يشاهدون التليفزيون أو يفعلون أى شىء المهم يشخط ثم يدخل المطبخ وهذه الطامة الكبرى، ففى كل يوم يريد شيئاً خاصاً يأتى على ذهنه بعد العصر وعلى تلبية طلبه وإلا دخل وأعده بنفسه لنفسه وهنا نتشاجر داخل المطبخ ، والمصيبة الأكبر إذا حضر وكانت المياه مقطوعة فهو يجن وكأننى المسئولة عن انقطاعها، بصراحة أتجنبه بشدة قبل الإفطار حتى يمر اليوم على خير وما أن يفطر ويشرب السجائر إلا ويعود لطبيعته المريحة سهلة التعامل .

تقول سلوى رضوان مدرسة-: «الرجال لايتحملون الصيام بهدوء وهم يغلبون الأطفال فى طلباتهم وقت الصيام»- زوجى بطبعه كثير الطلبات وله مزاج فى الطعام وفى رمضان تزداد المشكلة لأننى عندما أسأله وقت السحور ماذا تريد على الإفطار غداً يخبرنى أنه لم يحدد بعد وأن أفعل ما أريد فالجو حر وهو سيشرب ولن يأكل شىئا ولكن فى اليوم التالى قد يتصل من عمله ليطلب أكلة ما إعدادها يستغرق وقتاً وإذا ناقشته فى تأجيلها لليوم التالى حتى لايفسد ما أعددته لليوم يخبرنى أنه رجل صائم ومن حقه أن يفطر بمزاج . طلبات أولادى الصغار أقل كثيراً من طلبات والدهم فجميعنا فى البيت نصوم بهدوء لكن زوجى فكأنه الصائم الوحيد فى الحر ومعظم زميلاتى يشكين نفس الشكوى .

نجوى عبدالسلام -ربة بيت- تقول : اعتدت بعد عودة زوجى من العمل أن أخبره بما حدث فى البيت مع الأولاد لكن ما أن يأتى رمضان إلا وأجده عنيفاً ما أن يدخل إلا ويطالبنا جميعاً بالصمت والهدوء وعدم الحديث معه فى أى شىء ويأخذ «دش»ثم يذهب للنوم حتى يسمع الأذان ، وإذا حدثت مصيبة لايجب إيقاظه قبل الأذان وعلى الجميع توفير المناخ المناسب لنومه ، وبعد الإفطار يشرب الشاى ثم يذهب للصلاة ثم يعود لينام ليصحو على موعد السحور ثم يصلى الفجر وينام فهو لايريد أن يتحدث مع أحد وأشعر أنه غريب عنا طوال أيام الشهر، فهو دائما مرهق وزهقان وحران وعندما أصابتنى نزلة برد فى رمضان عاتبنى لأننى أصبحت مصدراً للعدوى وهو يخاف المرض مع الصيام بصراحة صوم الرجال أزمة !!

وتضيف هند محمد -ربة بيت - قائلة: «زوجى والشراء أزمة كل رمضان» فهو بطبعه يحب شراء الفاكهة أثناء عودته للبيت وهذا أمر يفرحنى ويسعد الأولاد ولكن فى رمضان مشترياته مأساه يوميه فيبدو أن احساسه بالجوع والعطش يدفعه لشراء أشياء لانحتاجها فدائما يشترى بعض المشروبات بالإضافة للطرشى والجرجير ونوع أو أكثر من الحلوى لأصنعه فى البيت وعندما أخبره أن هذه الأشياء كثيرة وتفيض عن حاجتنا يغضب ويثور متهماً إياى بعدم تقدير مجهوده الذى يقوم به لشراء هذه الأشياء يومياً . وعقب أخذه الدش اليومى يدخل للمطبخ وهذا ليس من عاداته ليشرف على تجهيزى للطعام ويضفى لمساته على كل شىء ويتدخل فى كل شىء يوترنى ويضايقنى وأخبره أننى صائمة لكن دون جدوى.

«ارحمونى أنا صائم عبارة زوجى التى حفظها كل من البيت منذ عودته من العمل وحتى الإفطا»ر هكذا بدأت ولاء عادل- موظفة- حديثها وأكملته قائله : أى طلب وقت الصيام من زوجى ممنوع لأنه صائم ويجب أن نقدر ذلك لدرجة أن ابنى الذى لم يتجاوز الخمس سنوات جاء مرة ليسألنى ليه ما بتصوميش ياماما؟ وعندما سألته لماذا يقول ذلك ؟أخبرنى أن والده الوحيد الذى يؤكد طوال اليوم أنه صائم وأنا مثل كل يوم أعود من العمل وأدخل المطبخ وأعد الطعام . فأنا أكون مرهقة جداً ولكن بمجرد عودتى أسرع بإعداد الطعام ولا أفكر فى نفسى حتى الحصول على «دش» هذا الحر أؤجله حتى أنهى الطعام أما زوجى فأخلاقه تختلف وأنفعاله على كل شىء غير مبرر ويسبب أزمة لنا فلا كلام ولا طلبات لأنه صائم .

كانت هذه نماذج لمعاناه الزوجات مع صيام الأزواج وطلباتهم .

وحول انعكاس هذه المعاناة على العلاقة بين الزوجين سألنا د. مديحة الصفتى - أستاذة علم الاجتماع- فقالت : رمضان فرصة سنوية لدعم العلاقات الأسرية والعائلية وتقوية العلاقة بين الزوجين على أساس المودة والرحمة لأن روحانيات الشهر الكريم من المفترض أن تضفى جواً من الطمأنينة ، والهدوء يساعد على إزالة أى خلافات أو ضغائن داخل أى طرف لكن للأسف الكثيرين يبتعدون بالشهر عن روحه وينشغلون بأمور أخرى . بل ويصل الأمر لافتعال المشاكل والخلافات بدعوى الصوم وعدم القدرة على تحمل الآخر. ويتطلب هذا من الزوجة الاستيعاب والتحمل تقديراً لما يعانيه من إرهاق مع الصيام، لكن إذا كانت الزوجة عامله فهذا يستدعى مراعاه من الزوج لما عليها من ضغوط وأعباء، فهو يعود للراحة والنوم وهى تعود لاستكمال مسئولياتها. المقصود من كل هذا أن على كل طرف وليس طرفاً واحداً أن يلتمس الأعذار للآخر وأن يضع نفسه مكانه وأن يعامله بهدوء واستيعاب وتقدير لما يقوم به من مجهود من أجل الأسرة وهو صائم لكن افتعال المشاكل والشكوى وإعلان الطوارئ وقت الصوم فهذا يحدث حاله غضب لدى الطرف الآخر ويفتح بابا للخلافات والمشاكل التى لاداعى لها خاصة فى هذه الأيام المميزة .

يتفق معها د. سعيد عبدالعظيم أستاذ الطب النفسى واستشارى العلاقات الزوجية حيث يقول : العبارات الجيدة بين الزوجين تبنى جسوراً من التفاهم والاستيعاب ، وكثرة الإنفعال والطلبات فى رمضان من جانب طرف تجاه الأخر يصنع شرخاً فى النفس ويجعل أحد الزوجين ناقماِ على الآخر وهذا ينعكس على كل شىء بينهما بدءاً من افتعال الأزمات بلا داع وصولا لخلل فى العلاقة الخاصة بينهما . ويجب أن يكون رمضان فرصة لنغير أنفسنا، فلا يجب أن يكون أمتناع الرجل عن التدخين فى نهار رمضان حجة فى الأنفعال المبالغ فيه، وألا يكون معاناته مع الصوم فى الحر مبرراً لكثرة الطلبات من الزوجة، وأن يتعلم كيف يثنى على أدائها وما تبذله من مجهود لترضى كل الصائمين على مائدة الإفطار، فكلمه شكراً وتسلم إيدك تزيل عنها أية أعباء وتجعلها فى قمة السعادة وتمهد لعلاقة زوجية سوية . واعتقد أن الزوجين بحاجة لاستغلال رمضان لدعم العلاقة لا شرخها، وليتذكر كل رجل أنه ليس الصائم الوحيد وأنه مهما بلغ إرهاقه وتعبه فزوجته تشاركه هذا الإرهاق وتستحق منه أن يشعرها بالتقدير وعلي الزوجة أن تدرك طبيعة زوجها ونفسيته وأن صومه وما يعانيه قد يختلف عنها فتحاول إشعاره بتقديرها لمجهوده فالتقدير المتبادل واجب على كلا الزوجين حتى يكسب حب الآخر ولينتهى الشهر الكريم وهما أكثر تقارباً لا تباعداً 

 

المصدر: مجلة حواء- نجلاء أبو زيد

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

22,890,355

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز