ليتنا نمنحهم فرصة للعمل

قبل الحكم عليهم بالفشل

بقلم : أمل مبروك

إذا مرَّ القطار وسمعت جلبة لإحدى عرباته فاعلم أنها فارغة، وإذا سمعت شخصا يعلو صوته صراخا وسبابا فاعلم أنه يفتقد المنطق والحجة، فكل فارغ من البشر والأشياء له جلبة وضوضاء وصراخ، أما المجتهدون المثابرون فهم يعيشون في سكون ووقار، لأنهم مشغولون ببناء صروح إيجابية وإقامة هياكل ناجحة .

وفى ظل حالة الارتباك السياسى والاقتصادى والاجتماعى التى نعيشها الآن وما يتبعها من تخبط وصراعات وخلافات بين مختلف التيارات والطوائف ، أصبحنا نسمع دائما أصواتا عالية تعارض وتنتقد وتهاجم .. بل وتحكم بالفشل على أشخاص تولوا حقائب وزارية أو مناصب فى مواقع اتخاذ القرار، قبل أن تطأ أقدامهم مكاتبهم! فما هى إلا دقائق معدودة بعد الإعلان عن تشكيل الفريق الرئاسى حتى تعالت صرخات المهاجمين والمتشككين تعلن عدم ثقتها فى الغالبية العظمى من الشخصيات التى طرحت أسماؤها، أما الأسباب فهى غالبا أو كليا تعود إلى أن هذا إخوانى وذاك سلفى .. ومن لايتبع هذا وذاك فهو - وياللعجب - محسوب على التيار الإسلامى !

إذا كنا جميعا نتفق على أن جبهات المعارضة السياسية تخلق مجتمعا متوازنا وتمنع خلق حاكم ديكتاتور، فلاشك أننا جميعا - أيضا - نريدها أن تكون معارضة رشيدة قوية تحكم على الأعمال والقرارات وليس على الشخصيات والتوجهات، فسنبلة القمح الممتلئة تكون خاشعة ساكنة ثقيلة، أما الفارغة فإنها خفيفة تتمايل في مهب الريح ، وفي الناس يوجد فارغون مفلسون أصفار رسبوا في مدرسة الحياة، وأخفقوا في حقول المعرفة والإبداع والإنتاج فاشتغلوا بتشويه أعمال الآخرين، وهؤلاء الفارغون مشاريعهم كلام، وحججهم صراخ، وأدلتهم هذيان .. لا تستطيع أن تطلق على أحدهم لقباً مميّزاً ولا وصفاً جميلاً حتى لو شغل منصبا رفيعا ، فليس بأديب ولا خطيب ولا كاتب ولا مهندس .. ولا يُذكر مع الموظفين الرواد، ولا مع العلماء الأفذاذ، ولا مع الصالحين الأبرار، ولا مع الكرماء الأجواد، بل هو صفر على يسار الرقم، يعيش بلا هدف، ويمضي بلا تخطيط ، ويسير بلا همة .

نظرة موضوعية

وإذا نظرنا إلى الفريق الرئاسى نظرة موضوعية سنجده يضم شخصيات تحمل خبرات سياسية متنوعة وجوانب حياتية متعددة وهو مايعنى أننا أمام فريق عمل يكمل بعضه بعضا إذا توفر له المناخ المناسب ، وإذا أمعنا النظر فى السيدات الثلاث اللائى يضمهن فإن د. باكينام الشرقاوى مساعد رئيس الجمهورية للشئون السياسية هى أستاذة النظم السياسية المقارنة والتنمية السياسية بجامعة القاهرة، وتشغل منصب رئيس مركز الدراسات الحضارية وحوار الثقافات بجامعة القاهرة، وكانت قد حصلت فى الثانوية العامة على المرتبة الثانية على مستوى الجمهورية فى القسم الأدبى عام 1984، ثم التحقت بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية وحصلت على الماجستير والدكتوراه فى موضوع «نظم الحكم والتنمية». لها بعض الأبحاث فى مجال حوار الثقافات والعلاقة مع الغرب وعلاقة السلطات الأوروبية بالمسلمين المقيمين فى هذه البلاد.

وقد أوضحت د. باكينام عقب إعلان تشكيل الفريق الرئاسى أن المبادىء العامة التي تتحكم في أولويات مهامها كمساعد للرئيس، سيكون محورها العمل بروح الجماعة، وأنها ستترك التدريس بشكل مؤقت، مؤكدة على اعتزازها به كمهنتها الأساسية التي تحبها كثيرا.

أما سكينة فؤاد عضو الهيئة الاستشارية فهى كاتبة صحفية وروائية مصرية، والنائب الأول لرئيس حزب الجبهة الديمقراطية المعارض في مصر، وشغلت عدة مناصب منها مدير تحرير مجلة الإذاعة والتليفزيون، ولديها مقال أسبوعي في جريدة الأهرام، وأيضا جريدة الوفد المعارضة. عرف عنها اهتمامها بقضايا الأمن الغذائي في مصر وانتقاداتها لوزير الزراعة المصري السابق يوسف والي.

وصرحت أنها ستلتزم بالشروط التى جعلت الناس تثق فيها، وستتصدى لأخطر الملفات وعلى رأسها الحريات ، مؤكدة أنها كانت شريكة فى قرار الرئيس محمد مرسى بشأن وقف حبس الصحفيين المتهمين فى قضايا النشر، وستستأنف نشاطها بالاهتمام بملف الفتن الطائفية وقضايا المواطنة، بحيث لا يكون هناك أى إقصاء لأى جماعة أو تيار على حساب الآخر.

والسيدة الثالثة هى د. أميمة كامل السلامونى أستاذ الصحة العامة وطب المجتمع، تخرجت فى كلية الطب عام 1985، وهى عضوة بالجمعية التأسيسية لوضع الدستور وعضوة بحزب الحرية والعدالة .

النخلة والبعوضة

وهنا يطرح السؤال نفسه : ماذا يجب علينا أن نفعله نحن عامة الشعب وسط ما نعانيه من ارتباك سياسى واقتصادى وأخلاقى ؟

إن علينا أن نصلح أنفسنا ونتقن أعمالنا، وليس علينا محاسبة الناس على أفكارهم وضمائرهم، الله يحاسبهم والله وحده يعلم سرّهم وعلانيتهم، ولو كنا راشدين بدرجة كافية لأصبح لدينا القدرة على الانتظار حتى يبدأوا عملهم فنحكم عليهم بحيادية، ويكفينا أن ندرك أن الفارغ البليد يجد لذة في تحطيم أعمال الناس ويحس بمتعة في إهانة كرامة المجتهدين ، لأنه يعجز عن مجاراتهم فيفرح بتهميش إبداعهم، بينما العامل المثابر النشيط يكون منغمساً في إتقان عمله وتجويد إنتاجه .. ليس عنده وقت لتشريح جثث الآخرين ولا بعثرة قبورهم، فهو منهمك في بناء مجده ونسج ثياب فضله .

إذن اعمل واجتهد واتقن ولا تصغٍ لمثبّط أو حاسد أو فارغ ، ولاتكن مثل البعوضة التى هبطت على نخلة، فلما أرادت أن تطير قالت للنخلة: تماسكي أيتها النخلة فأنا سوف أطير، فقالت النخلة للبعوضة: والله ما شعرت بك يوم وقفت فكيف أشعر بك إذا طرتِ ؟!

المصدر: مجلة حواء -أمل مبروك

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,457,863

رئيس مجلس الإدارة:

أحمد عمر


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز