أحزان أسيوط

واحتفالات الأهلى تؤكد:

الفرحة فى أيدى المصريين ..«عجبة»

كتبت :إيمان عبدالرحمن

أيها الهاتفون المهللون للأهلي اخفضوا صوت هتافاتكم قليلا ،حتي لا ينزعج أطفال أسيوط في قبورهم ، اتركوهم ينامون بسلام ليلتهم الأولي في القبر .." عبارة من العبارات المؤلمة التي تداولها بعض الشباب علي موقع التواصل الاجتماعي "الفيسبوك "مستنكرين فرحة الشباب المبالغة لحد تجاهل مأساة قطار أسيوط..هذه الجملة وغيرها تؤكد أهمية مراعاة شعور أهالي الضحايا بل والتضامن معهم في أحزانهم .

والسؤال :هل يعاني مجتمعنا من "شيزوفرنيا" أم أنها حالة طبيعية ؟ أم كما يقول المثل التشيكي " إذا كانت المرارة في القلب فليس يجدي السكر في الفم " كل هذه الأسئلة حاولنا الإجابة عليها في السطور القادمة >>

كتب الصحفي بلال فضل في تغريدة له علي تويتر معلقا على هذا التناقض قائلا :" كلاكسات الفرحة فكرتني بالليلة اللي غرق لنا فيها ألف مواطن وخرجنا نحتفل بكأس أفريقيا..هزمنا المستبد اللي حكمنا فمتى نهزم نفسنا؟ هو ده السؤال؟

واستنكرت بثينة كامل ردود أفعال الإعلام على الحادث :" الإصرار على إذاعة فيديو تهليل مشجعي نهائي أفريقيا في نشرة الأخبار في يوم حزين مما يدل علي عقلية إعلامية لا تقدر الحزن والأسى الذي يعيشه المصريون".

فرحة ناقصة

وعن رأي بعض الشباب الذي تابع المباراة يقول مصطفي عبدالله - ليسانس حقوق- :" تابعت المباراة في المنزل ولم أذهب إلى المقهى كما تعودت في مثل هذه المباريات مع أصدقائي، فرحت بالفوز طبعا، لأنها مباراة كانت صعبة وخاصة أننا نلعب هناك في عقر دارهم، وحزنت علي الحادث لكن يجب التفريق بين الأمرين.

ويوافقه كريم عبداللطيف - طالب بكلية الهندسة - قائلا :" حزننا على الحادث ومشاهدتنا للمباراة لا يدل أننا غير مكترثين بما حدث ولكن كل ما في الأمر أننا انتظرنا أي فرحة من زمن فلم نفرح منذ أمد بعيد والقدر هو من جمع المباراة في نفس يوم الحادث.

مشاركة وجدانية

وللمتخصصين رأي آخر، الدكتورة إنشاد عز الدين أستاذة علم الاجتماع بكلية الآداب جامعة المنوفية تري أن المشاركة الوجدانية مطلوبة في مثل هذه الظروف، ولكن هذا الأمر يختلف من شخص لآخر تبعا للفروق الفردية للأفراد، فأنا عن نفسي من حزني ومن الصدمة لم أتذكر حتي موعد المباراة بل تفاعلت مع أمهات وأهالي الضحايا الصغار وخاصة الأسر التي فقدت أكثر من ابن.

وتضيف د.إنشاد في السابق كان الجميع يتشارك الحزن قبل الفرح، وأتذكر عندما استشهد أخي في الحرب وكان ممنوع في ذلك الوقت إقامة سرادق عزاء في نفس اليوم، كل الجيران فتحوا شققهم للعزاء وكأن المأتم يخص الجميع وكان الجار أسرع من الأقارب.

لم يكن يوجد هذا الحقد الموجود الظاهر الآن بل كان هناك توازن الغالبية العظمى طبقة متوسطة والقليل طبقة غنية وفقيرة، أما الآن غلبت المادة علي كل تصرفاتنا والغالبية منا تحت خط الفقر، فكبرت الأنا وظهرت الأحقاد ولم نعد نجد هذه المشاركة.

وتختم د.إنشاد حديثها قائلة : ما نعيشه من مناخ عام من عدم استقرار وعدم إحساس بالأمن، جعلنا قلقين وغير مستقرين نفسيا، ومشوشي الرؤية.

لا تستكثروا الفرحة

وتخالفها الرأي تري د.هدى زكريا أستاذة علم الاجتماع بكلية آداب الزقازيق قائلة: إن ما حدث رد فعل طبيعي، ولا يجب علينا لوم الشباب علي فرحتهم، فتقول :" لماذا فسرنا احتفالات الشباب بفوز الأهلي علي أنه فرحة، لماذا لا نفسرها علي أنها طريق للخروج من حالة الاكتئاب التي نعيشها، وكانت فرصة لهم للتعبير عن الحالة السلبية التي نعيشها منذ الثورة والكوارث المتلاحقة التي تلم بنا حزننا كثيرا واكتئبنا، وأتعجب كثيرا ممن استنكر علي الشباب هذه الفرحة.."إيه عايزينهم يطقوا "؟

ليس جديد اً

وتشرح د.زكريا أننا نعيش هذه الحوادث يوميا وما أريد قوله إن هذه الحادثة تعتبر عادية، فحوادث المواصلات يومية، وإن لم يبك الشخص الحزين سيموت كمدا، لذلك كان من المستحب أن يخرج الحزن في شكل سلوك كالأم التي يأتي لها خبر استشهاد ابنها فتزغرد هذا الفعل ليس دليلاً علي الشعور بالفرح بل يعكس شدة الألم.

وتضيف أن من يجلسون علي المقاهي يعانون كثيرا من الأمراض ويعانون من مشاكل كثيرة و"شايلين الهم " وعندما تقال لهم نكتة يضحكون من القلب لأن ما أحوجهم إلي مثل هذه الضحكة التي تخفف عنهم أعباءهم، ويخرجون جزءاً من طاقتهم السلبية وهي محاولة للشفاء مما يعانون منه.

ثنائية وجدانية

ويفسر د. محمد سمير- أستاذ علم النفس بآداب المنيا- رد فعل العديد من الشباب قائلا :" لا تظلموا الشباب، فبالرغم من أن الحادث كارثة ومصيبة تأثرنا بها جميعاً، إلا أن ما حدث ثنائية وجدانية، فلابد أن يظهر هذا التناقض وخاصة عند الشباب أكبر فئة تشجع كرة القدم.

فظهر هذا التناقض بين الحزن الشديد وبين الفرح من الفوز بالبطولة، ولاننسي أن هذه المصيبة تذكر هؤلاء بما حدث لشباب الأولتراس بورسعيد فنحن نمر بفترة عصيبة، وتمر بنا كوارث ومصائب عدة وإحباط لدي فئة كبيرة من الشعب لذلك لا أريد أن نلقي اللوم كله علي خاصة أنهم لم يبالغوا في فرحتهم

المصدر: مجلة حواء -إيمان عبدالرحمن

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,744,494

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز