كتبت : حميدة سيف النصر
ارتبطت أفراح الصعيد بطقوس خاصة وعادات مازالت رصينة في قلب المجتمع الصعيدي تبرز مكانة العروس وعائلتها، من هنا تتباري الأسر في إظهار العرس في أبهي صوره خصوصا فيما يتعلق بعشاء العروسة بصوره المختلفة.. حواء رصدت أهم تلك المظاهر في جولتها عبر قري ومحافظات الصعيد
فى البداية تقول هناء أحمد ربة منزل من أولاد عزاز بسوهاج : هذا الموضوع مكلف جدا بالنسبة للعريس لأنه يدفع ما بين 15 إلى 20 ألفا تتفاوت حسب المكانة الاجتماعية للعائلة مثلا بنت العمدة تختلف عن مثيلاتها.
أما الشخص ذو الإمكانيات المحدودة قد يطلب منه عشرة آلاف جنيه كل هذا الاستعداد ليوم عقد القران حيث يجتمع المدعوون وتمتد الولائم المبالغ فيها التى يقوم بها طباخ خاص بهذه المناسبات ويتم الاتفاق على «مبلغ عشاء العروس» من بداية التقدم لها وطلب يدها مثله مثل تحديد مبلغ الشبكة وموعد الزواج، وفى حالة حدوث خلاف فى هذا الشأن لا يتم الزواج بها .
الشنطة
وتتحدث إيمان محمد ليسانس لغات من محافظة الأقصر عن الاهتمام الأساسى فى عادات الصعيد وهو ما يسمى «بالشنطة» قائلة : تحتوى الشنطة على كل ما تحتاجه العروس من ملابس خاصة بالعرس وفساتين يقدمها العريس كهدية لعروسه من بداية تقدمه لخطبتها.. ويمكن أن يؤجل إعدادها ليوم عقد القران وتصل تكلفتها إلى آلاف الجنيهات .
ويدفع العريس أيضا تكاليف إعداد خبز الفرح من دقيق وسكر وزبدة لإعداد الكعك والبسكويت، والأمر فى النهاية مرتبط باسم أسرتى العروسين ومكانتهما فى المجتمع كنوع من التباهى.
عشاء الصباحية
ويواصل إبراهيم عبد الرءوف إعلامى من مركز طهطا بمحافظة سوهاج الحديث قائلا : يطلق على الاتفاق بين أهل العروسين (عشاء الصباحية) وتفاوت ما بين ثلاثة إلى عشرة آلاف جنيه ويتضمن صوانى يعدها أهل العروس ثانى يوم الفرح مع شىء من الماشية كخروف مثلا وتشكيلة طيور بالإضافة إلى اللحم والخضار والفواكه .
ويرجع هذا الموضوع أساسا إلى تقاليد موروثة رغم عدم أهميته لأنه يمثل نوعا من التفاخر ومعايشة مظاهر كاذبة أصبح الواقع فى غنى عنها، ففى أحيان كثيرة يتسبب الخلاف عليه فى انفصال العروسين فى حالة عقد القران أو فسخ الخطبة بينهما.
ويؤكد مصطفى سيد محمود مدير مبيعات بإحدى الشركات بمحافظة الفيوم أن نظام العشاء لديهم يختلف عن أية محافظة أخرى يقول : سواء كان الشخص غنيا أو فقيرا إلا أنه يسير على نفس النهج الموروث من العادات القديمة فالعريس لا يدفع أى أموال لأهل العروس وإنما عليه إحضار الذبائح (عجل مثلا) وطباخ لإعداد أنواع وأصناف مختلفة من المأكولات واللحوم والحلويات أيضا .
وتبدأ الوليمة من الظهر حتى المغرب يفتتحها أهل العريس ومعارفهم وأصدقائهم ثم يحضر أهل العروس بعد ذلك ثم يتوجهون جميعا إلى قاعة الفرح أو الفندق المقام به العرس .
وتتمنى فاتن محمد مدرسة أن تنتهى هذه العادة لأنها في أحيان كثيرة تستغل كنوع من التحايل فبعض الأسر تأخذ جزءاً كبيراً من هذه الأموال لتكمل جهاز العروس ويصبح الزوج فى هذه الحالة هو المتكلف بكل شىء .
ويبدى علاء محمود بإحدى القرى بسوهاج: عدم إقتناعه بهذا الأمر قائلا : رغم عدم قناعتى إلا أننى أسير على نفس التقاليد المتوارثة حتى عند تزويج أبنائى بسبب أن العقل الجمعى يحكمنا ومازلنا أسرى لعادات وموروثات قديمة لا نستطيع الفرار منها.
واذا كان هذا ما يحدث علي أرض الواقع سواء رفضه البعض أو قبله فإن للباحثة الاجتماعية حنان محمود رأىها في هذه الظاهرة حيث تتحدث قائلة تندرج هذه الظاهرة تحت مسألة المهر الذى يدفع للمرأة عند زواجها ولكنه أخذ فى العصر الحالى صورا مختلفة تدخلت فيها عوامل الزيف وإظهار المبالغة وحب الظهور بين العائلات.
وأضافت أن مثل هذه السلوكيات أصبح الواقع فى غني عنها مع الأوضاع الاقتصادية التي نعيشها مما يجعل البعض يقدم عليها وهو غاصب ولكنها تقاليد آن الأوان كي تتغير حتي نقضي علي ارتفاع نسبة العنوسة بسبب تكاليف الزواج المبالغ فيها.
بالإضافة إلى أن ما يحدث ليس من الدين فى شىء حيث أن الرسول (صلى الله عليه وسلم) زوج رجلاً لحفظه سورة البقرة مما يوضح أن الدين ينادى بالوسطية والاعتدال .
ساحة النقاش