كتبت: نبيله حافظ

لم يكن غريبا على المرأة المصرية التى أبهرت العالم كله على مدار تاريخ البشرية أن تبهر العالم أيضا فى هذا السباق الرهيب الذي شهده المجتمع المصري فى الاستفتاء على الدستور .. والذي شاركت فيه المرأة بكل عزيمة وإصرار دون وصايا من أحد عليها ولكى تؤكد بكل قوة أنها لم تفرط فى حقوقها ولن تتنازل عن مكتسابتها ولن تتخلى عن دورها فى الحياة السياسية ولن تفلح معها الدعوات الظالمة التى تطالبها بالرجوع إلى الوراء إلى عصر الحريم وإلى داخل البيوت المغلقة على أفكار متخلفة رجعية تدعو إلى انتكاس دور المرأة فى المجتمع لم ترهبها هذه الدعوات وأصرت على المشاركة فى الاستفتاء ، فى مشهد حضاري رائع يؤكد للعالم كله أن المرأة المصرية هى شريك أساسي ورئيسى فى نهضة هذا الوطن ، وبدونها لن تدور عجلة التقدم والرقى ، ولم يكن غريبا على هذه المرأة التى شاركت فى جميع ثورات مصر على مدار التاريخ وكان لها دورها البارز المكتوب بحروف من النور أن تنزل إلى لجان الاستفتاء لتقف وسط الأجواء الشتوية الشديدة البرودة بالساعات ..تتحمل فيه المشقة والتعب من أجل أن تعلن رأيها فى الدستور الذى أهدر حقوقها وأخذ من مكتسباتها التى حققتها على مدار العقود الماضية ..لم يكن غريبا على الإطلاق أن تكون نسبة مشاركة المرأة فى الاستفتاء تتجاوز ال60% .

وإن دل هذا على شئ إنما يدل على وعى ويقظة المرأة المصرية ..لقد استشعرت الخطر فى هذا الدستور ووجدت فيه ظلما بينا لها لأنه لم يكفل لها حقوقها المشروعة التى نصت عليه المواثيق والقوانين الدولية ، لذلك لم تقبع بالبيت ولم تستسلم وأثرت على المشاركة كى تعلن رأيها بكل صراحة ووضوح وتؤكد على رفضها لهذا الدستور الظالم لها والذى جردها من تاريخها النضالى الطويل منذ أن خرجت جانبا إلى جنب مع الرجل فى ثوره 1919 لتشاركه النضال والكفاح فى الحياة الوطنية ولتؤكد على رفضها للتهميش الذى فرض عليها بفعل الأيام ، وعلى الرغم من أن الدستور 1923لم ينصفها فى ذلك الحين ولم يحقق لها طموحتها لكنها لم تستسلم وظلت تناضل حتى جاءت ثورة 1952 وبعدها جاء دستور 1956 ليعطيها حقوقها السياسية المأمولة .. ولم تقف أحلامها عن هذا الحد فظلت لسنوات طويلة تبحث عن المزيد من الحقوق حتى جاءت ثورة 25 يناير لتضيف لتاريخ المرأة المشرف تاريخا جديدا مشرفا .. فلقد كانت عنصرا رئيسىا وفعالا فى نجاح الثورة على الظلم والقمع والاستبداد .. وقفت إلى جانب الرجل فى الميادين والشوارع تناضل وتتحمل كافة ألوان المخاطر ، تعرضتت للضرب والسحل والتعذيب والموت أيضا - تلقت الرصاص الحي والمطاطى دون جبن أو خوف ..استشهدت ودفعت دمها الغالى ثمنا لنجاح هذه الثورة.

ولكن آراء البعض لها تجريدها من كل هذا ..وإعادتها إلى العصور الوسطى ..إلى عصر الحريم .. لكن لم ولن تفلح معها هذه الدعوات لأن هذا المجتمع لن يستقيم بدون دورها ولن ينهض الوطن إلا بمشاركتها القوية والفعالة فى كافة نواحى الحياة لأنها وببساطة شديدة هى القلب النابض لهذه الأمة ولن يستطيع الجسد المصري أن يعيش بدون قلب 

المصدر: مجله حواء- نبيله حافظ

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,902,639

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز