الفتح الإسلامى لبلاد المسلمين

 

كتبت :الداعية و الباحثة الإسلامية هدى الكاشف

  إن الانحراف عن السبيل القويم للدين الإسلامي ومبادئه الوسطية السمحة ، والتى تطالبنا بمراعاة حقوق وواجبات المسلمين وغير المسلمين ، والرحمة بجميع خلقه تعالى ، هل يسمح ذلك الدين الإلهى بقتل المسلم لأخيه المسلم والاعتداء على ممتلكاته ؟!

ذلك الأمر الذى نهى عنه المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ فى السنة العاشرة من الهجرة فى حجة الوداع ، حينما وجه خطبته العصماء إلى جموع الناس فلم يخص المسلمين قائلاً: ( أيها الناس إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا فى شهركم هذا ، فى بلدكم هذا) ، مؤكداً على المؤاخاه بين المسلمين فى قوله (المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه ) ففسر قوله تعالى (إنما المؤمنون أخوة ) 

ومن هذا كله نخلص إلى أن ما يفعله البعض من الاعتداء على النفس والمال من المحرمات التى تسئ للمسلمين وللإسلام داخل بلادهم وخارجها، فالفتنة نائمة لعن الله من أيقظها، فإنهم يصيبون بعض المسلمين فى ثوابت دينهم ومبادئهم وطموحاتهم وخاصة الذين لديهم القليل من الثقافات الإسلامية، والأخطر من ذلك ترسيخ مبدأ الغلو والتعصب والفكر الخاطئ فى عقول وقلوب الأجيال، وكذلك تعاطى غير المسلمين والغرب لأفعالهم بما يسئ ويشوه الإسلام والمسلمين، فيعتقد البعض أن العالم الغربى على كفره، أرحم وأعدل بكثير من هؤلاء، فهم لا يستمعون إلى نصيحة، ولا يقبلون حواراً، ولا يحتملون معارضة، ولكنهم بأفعالهم يكتسبون عداوة الكثير من المسلمين قبل غيرهم، لأن الإسلام منذ بزوغ شمسه لم يفرض عقيدته بالسيف حتى على الكافرين، إنما يحمى بالسيف حرية العقيدة فسبحانه القائل ( ولا تهنوا فى ابتغاء القوم ) فنحن القوم المسلمون منذ أكثر من أربعة عشر قرن من الزمان، ولسنا الكفار، فلا يقال قتلانا فى الجنة وقتلاهم فى النار، فهذا كله من العبث بمبادئ الدين الإسلامى وتعاليمه، وكل ما يحدث من هؤلاء يصب فى العداء للإسلام، فيعرفونه بغير حقيقته، فالمجتمعات الإسلامية منذ قديم الأذل تستمد قوتها وأمنها من دينها وصحيح تعاليمه، فتنضبط، وتنتظم العلاقات بين أفرادها، بمراعاة الحقوق والواجبات، فيصمت الباطل ويعلو صوت الحق، وتخمد نيران المظالم والمفاسد، وليتدبر هؤلاء قول المصطفى فى الحديث القدسى عن رب العالمين ( يا عبادى إنى حرمت الظلم على نفسى، وجعلته بينكم محرما، فلا تظالموا ) فالدين كما حرم الزنا والسرقة حرم القتل والفساد فى الأرض، فتكون نصرة الشريعة بحقها، وليست بنقد عهود ومواثيق الإيمان والأمان فى المجتمعات، كما أنه علينا مراجعة أحداث التاريخ الإسلامى فنستدل منه هل تم حمل السيف على المسلمين الأوائل، حتى يسلموا، مع كونهم فى بادئ أمرهم كانوا ما بين مشرك وكافر؟! فندرك... هل يجوز هذا الآن فى مجتمعاتنا الإسلامية المسالمة... ؟!

ولذلك فعلى هؤلاء المجاهدين الذين يطلقون صيحات الجهاد أن يتدبروا أنه إذا أرادوا تعزيز الإسلام فى بلاد المسلمين، وتفعيل تعاليمه، وترسيخ قواعده القويمة فى نفوس أبنائه، لا يكون تحقيق ذلك بحمل السلاح عليهم مدعين أن هذا جهاد فى سبيل الله ؟!

والأغرب من ذلك يكمن فى استخدام هؤلاء كل أساليب الترهيب والتخويف وسفك الدماء، والتدمير لمؤسسات ومصالح البلاد والعباد الآمنين، بدلاً من أن يسلكوا سبيلا آخر للترغيب والتراحم والتأسيس لمبدأ المؤاخاه بين الجميع والذى حرص عليه المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ بين جميع المواطنين فى المدينة، عند التأسيس لأول لبنة لدولة إسلامية، فحرص على القضاء على الخلافات والأهواء المفرقة، حتى أمن غير المسلمين على أنفسهم وأموالهم وأولادهم، مع تدبر أن أول ما نزل فى دستور السماء للمسلمين كان الحرص على العلم، وتدبر وقراءة ما فى الكون، فى قوله تعالى ( أقرأ)، فتكون الانطلاقة للتأسيس لمبادئ الشريعة الإسلامية من العلم والوعى الكافى بمتطلبات المرحلة الحالية فى العصر الحديث، وأدواته، فى محاولة وضع أقدامنا فى مصاف البلاد المتقدمة، والتى سبقتنا منذ زمن بعيد، حيث إن الإسلام حقق قديماً أعظم الحضارات فحمى حركة الحياة، خلال نصف قرن من الزمان، فصار له جناحان أحدهما فى الشرق والآخر فى الغرب، فهزم أكبر امبراطوريتين معاصرتين له، إمبراطورية الفرس وإمبراطورية الروم، ثم توالى دخول الناس فى الإسلام ،عندما لمسوه من دماسة خلق وحسن تعامل المسلمين ومعاملاتهم، قبل عباداتهم، واكتشاف عدالة وحرية الإسلام فى تسيير الأمور الحياتية والمعيشية دون إجبار أو طغيان، فوجدنا فى العصر الحديث من يبحث من غير المسلمين عن أعظم مائة أثروا فى تاريخ البشرية، فجعل المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ أولهم، وذلك بتأثيره الإيجابى فى توجيه البشرية، باتباع محاسن الأخلاق لتطبيق ما جاء به، وبذلك فالإسلام برئ من كل ما يفعله هؤلاء

 

المصدر: مجلة حواء -هدي الكاشف
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 643 مشاهدة

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,682,322

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز