شعرة معاوية !
كتبت :نبيلة حافظ
أعظم نعم الله على عباده هى نعمة الأمن والأمان .. هذه النعمة العظيمة أدركنا قيمتها بعد الثورة وتحديداً فى الأيام الأخيرة عندما انقسم أبناء الوطن على أنفسهم وتقاتلوا وتناحروا من أجل أفكار وسياسات لا تستحق إطلاقاً تلك الحالة التى وصلنا إليها .. فالدين الإسلامى الحنيف بغض هذا الانقسام وحرم التقاتل بين المسلم وأخيه المسلم .. بل حرم أيضا .. قتال المسلم مع غيره من غير المسلمين من أجل العقيدة أو الدعوة.. الإسلام لم يفرض سياسة الحرب على من يرفعون راية الإسلام .. الإسلام لم يجبر غير المسلمين من يهود وأقباط على الدخول إليه بالعنف والقتل .. بل جعل اعتناقه بالتفكر وبإعمال العقل والإيمان به كرسالة سماوية هى من أفضل الرسالات .. هذا هو الإسلام الحق .. أما ما يخرج علينا الآن من دعوات من جانب بعض العاملين بالدعوة الإسلامية لا يمكن أن تكون دعوة يرضاها المولى عز وجل !! فهل يرضى الله أن يخرج علينا خطيب مسجد مدينة منية النصر بمحافظة الدقهلية ليعلن علي المصلين - فى خطبة الجمعة الماضية - أن المعارضين للدستور أعداء الإسلام .. ؟! هل هذا من العقل والمنطق؟ إن من يخالف فى الرأى يكون عدواً للإسلام ؟! لقد قالها هذا الشيخ والداعية ولم يدرك خطورة ما قاله وما تأثير ذلك على المسلمين.. قالها وهو يدعو إلى الفتنة والصدام والعراك بين المسلمين بعضهم البعض .. قالها وهو أثم ولابد من المسئولين بوزارة الأوقاف من محاسبته على أفكاره هذه !!
كيف لهذا الرجل الذى درس وتفقه بمبادىء ديننا الحنيف أن يحيد عن خلق الإسلام .. ألم يقرأ كتاب الله .. ألم يدرس سنة نبينا الكريم محمد عليه أفضل الصلاة وأذكى السلام .. ؟! كيف قال ونطق لسانه بهذا الحوار وهو يعلم جيداً أن الإسلام لم يحضه على هذا .. بل أنه أدان من يعمل به وأوجب عليه العقاب .. أشد العقاب ؟! ما قاله هذا الرجل هو على سبيل المثال لما يحدث الآن من جانب بعض من يعملون بالدعوة - للأسف الشديد - ولهؤلاء أذكرهم بقول الله تعالى حينما خاطب نبيه الكريم فى سورة آل عمران قائلاً :
«ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم فى الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين» هذا هو أمر المولى عز وجل لأعظم خلقه فى الدعوة لدينه .. لذلك على الدعاة أن يتذكروا هذه الآية الكريمة حينما يعملون أمام الناس .. لابد وأن يؤمنوا بأنهم لن يستطيعوا أن يفتحوا عقول الناس قبل أن يفتحوا قلوبهم بالإحسان والخلاف فى الرأى لا يعنى العداء .. وعليهم أن يقابلوا الحجة بالحجة وأن يتقبلوا الرأى الآخر عن طيب خاطر وبالإحسان أيضا .
سأل رجل سيدنا معاوية رضى الله عنه كيف حكمت أربعين سنة ولم تحدث فتنة بالشام على الرغم من ســـوء اوضاع الحياة فقال رضى الله عنه:
«إن بينى وبين الناس شعرة إذا أرخوا شددت وإذا شدوا أرخيت» هذه المقولة أتمنى أن تصبح نبراساً لنا الآن .. فى تعاملات من بيدهم الأمر .. وفى سياسات رجال الدعوة .. فما أحوجنا إلى هذه القاعدة ولو أن الإنسان اتبعها وطبقها لصار من أعقل الناس وأوفرهم أمناً وراحة نفس واستقرار .. إننا الآن فى حاجة لسياسة شعرة معاوية ويا أيها الدعاة تلطفوا فى دعواكم يرحمكم الله حتى لا ينفض الناس من حولكم .. وأدعو إلى سبيل ربكم بالحكمة والموعظة الحسنة !
ساحة النقاش