وداعاً    2012 

كتبت :فاتن الهواري

وداعا عام العنف والأحزان ، لم تتركنا فى حالنا فكم كنت قاس علينا حتى فى آخر أيامك لم ترحمنا ، وختمت أيامك بجريمة بشعة لمقتل طفلة صغيرة عمرها 14 عاماً على يد زميلتها وعائلتها كلها... هل هذا معقول؟ وصل بنا العنف إلى هذا الحد.. أين المحبة والتسامح، أين المبادىء والأخوة والصداقة؟ كان مقتل التلميذة الصغيرة بسبب أنها دائما كانت تسخر من زميلتها التى فى لحظة شيطانية قامت بقلتلها كى تفش غلها وقام أهل القاتلة بتكملة الجريمة ورمى الجثة فى طريق إسكندرية الصحراوى، العنف وصل بنا إلى هذه الدرجة... أين الآخرين أمام جريمة مجتمع بأكمله لانريدها تمر مرور الكرام بمجرد وصول الشرطة المصرية إلى القاتل... ولكن فى رأيى القاتل الحقيقى ثقافة المجتمع التى تحولت وأصبحت بعيدة كل البعد عن أخلاق المصريين وطيبتهم وسماحتهم التى كانت تميزهم عن بقية شعوب الأرض، للأسف أصبحنا لا نتقبل النقد ولا نريد سماع الرأى الآخر... فالقاتل هو الفتاة القتيلة تعلمت أن تسخر من زميلاتها ولا تراعى شعورهن ولم تجد من يحسن تربيتها فى تقبل زميلتها وعدم السخرية منها وأعطت لنفسها الحق فى إهانتها دون وجه حق ولم تتعلم فى المنزل أو المدرسة حديث الحبيب صلى الله عليه وسلم الذى علمنا فيه عدم السخرية من الآخر وهو معلم البشرية وأيضاً فى القرآن الكريم، فكل الأديان تنص على احترام الإنسان وآدميته وعدم السخرية منه من شكله لأنه صنع الخالق العظيم.

وقد دفعت ثمن سخريتها من زميلتها لأن للصبر حدود فقامت الصغيرة بقتلها وهى أيضاً مشتركة فى الجريمة لأن الأسرة والمدرسة لم تعلمها ثقافة التسامح والعفو وكظم الغيظ ، فقد علمنا القرآن الكريم «الكاظمين الغيظ والعافين عن الناس وبشر الصابرين» صدق الله العظيم.

فمن غير المعقول أن كل من يؤذينا أو يقوم بالسخرية منا سيكون جزاؤه القتل، رحم الله الإمام الشافعى عندما قال «إذا خطبك السفيه فلا تجبه فخيراً من إجابته السكوت فإذا أجبته فرجت عنه وإذا تركته كمداً يموت فلابد من بث الثقة بالنفس وفى نفس أولادنا وفى أنفسنا حتى نتقبل نقد الآخرين أو حقدهم وهجومهم الذى لايكون فى محله دائماً.. جريمة اشترك فيها الأب والخالة والابن والابنة بسبب سخرية زميلتها منها.. عائلة كاملة تدفع الثمن، لابد من إعادة تربيتنا وتربية أولادنا.. لابد من تغيير المناهج وأن يكون للمدرسة دور وليس مجرد حمل حقيبة ثقيلة لالكتب ، أين دور الأخصائية الاجتماعية فى مدارسنا ، أين دور الأسرة، والإعلام الذى أصبح كل همه توجيه الاتهامات وإشعال الفتن؟ هذه جريمة نختم بها عام الأحزان ، عام الدماء ، والمليونيات والمظاهرات والعنف الذي هو جريمة لابد من دراسة أسبابها ودوافعها من قبل الأخصائيين الاجتماعيين والنفسيين والتربوين حتى ينتهى مسلسل العنف من حياتنا ولا يمتد إلى الطفولة البريئة التى نتذكر فيها أصدقاءنا بكل حب وعطف ، الطفولة البريئة التى مازالت تعيش داخلنا وتنعشنا من حين لآخر بذكرياتها الجميلة.. وداعا 2012 ومرحبا بك 2013، عام نأمل فيه الكثير ونطلب من الله العلى العظيم أن يكون عام محبة وخير وسلام ولم شمل ولا نرى فيه دماء ولا مظاهرات ولا مليونيات ولكن حب وخير وعمل من أجل مصر ولصالح مصر.. فلنزرع الحب حتى نحصده.. حب ووئام، ولنبعد كل البعد عن الحقد والكراهية وتصفية الحسابات لأن مصر لم تعد تحتمل وكل عام وأنتم بألف خير

المصدر: مجلة حواء -فاتن الهواري
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 764 مشاهدة

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

22,816,510

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز