كتبت : أمل مبروك

مصر التي شهدت أواخر القرن الثامن عشر تأسيس أول مدرسة ابتدائية حكومية للبنات ومشاركة المرأة في ثورة عرابي وصدور كتاب "المرشد الأمين في تعليم البنات والبنين" لرفاعة الطهطاوي الذي دعا فيه إلى تعليم البنات، تراجعت نسبة تمثيل المرأة المصرية في البرلمان من 2.5 في المئة سنة 2000 إلى 1.8 في المئة سنة 2005، ووصلت إلى 1.5 فى المئة بعد ثورة يناير فى برلمان 2012 ! وبنظرة موضوعية سنجد أن معظم الوظائف العلمية التي تعتمد على التعيين أثبتت المرأة نجاحها فيها بجدارة على صعيد المواقع المختلفة، فأصبحت أستاذة جامعية لا مثيل لها، ومحامية تنافس أقرانها الرجال بكفاية لا تقل عنهم، وطبيبة متميزة، ومهندسة نابغة،ووزيرة وسفيرة وعالمة، وفي المقابل لم تنل حق المشاركة السياسية !

فلماذا تفشل في الانتخابات؟ ولماذا يتكرر الفشل من دورة إلى أخرى ؟ وهل هي الوحيدة المسئولة عن هذا الوضع؟ أم أن كل المجتمع بعاداته وتقاليده وبمختلف مكوّناته ساهم في هذا الفشل المتكرر؟ وهل يمكن تجاوز الفشل مستقبلا؟

أسئلة عدة ومتباينة يثيرها نضال المرأة المصرية لتحظى بحقها في الترشح والانتخاب.. نضال على المستوى التشريعي ، ونضال من أجل تطبيق القوانين ، ونضال من أجل تجاوز الفجوة الحاصلة تاريخيا على مستوى المشاركة السياسية بصفة خاصة والمشاركة في الشأن العام عموماً .

التحديات والوعود

إن تخصيص المقاعد النسائية في البرلمان كان مطلباً قديماً للناشطات السياسيات ومنظمات حقوق المرأة، وكما كانت المطالب قديمة وكثيرة كانت الوعود بالاستجابة أكثر، ولكن دون جدوى، فالأحزاب السياسية تتنصل من المرأة ولا تساندها رغم أنها مؤهلة سياسياً وقادرة على خوض الانتخابات بنجاح وخدمة أهل دائرتها بجدية، ولكن كل الأساليب الملتوية مباحة للحرب ضدها في الانتخابات، ومن لا تملك المال والسلطة لا تستطيع الصمود حتى النهاية.

ورغم أن المادة 18 من قانون الأحزاب تنص على ضرورة مشاركة المرأة سياسياً بنسبة لا تقل عن 21 في المئة، فإن الأحزاب والإرادة السياسية تجاهلت الأمر فيما مضى، وماتم طرحه حاليا بإلزام الأحزاب والمستقلين عند تشكيل القوائم بوضع سيدة واحدة على الأقل في النصف الأول من القائمة ليس كافيا ولامجديا، لأن هذا المقعد لن يؤدي إلا لمزيد من الإقصاء.. فقوائم الأحزاب السياسية في انتخابات 2011 كانت مكانة المرأة في النصف الأول في أغلب القوائم باستثناء حزب النور ولم تؤدِ إلى نتيجة تذكر، وهذا المقترح المطروح علي الرئاسة لقانون الانتخابات المصري بوضع اسم سيدة واحدة في النصف الأول دون النص على أن تكون الاسم الأول أو الثاني يؤدي إلى نسبة 2% أما إذا تم اشتراط أن تكون المرأة في الاسم الأول أو الثاني في القوائم فإنه سيؤدي إلى 5% على أقصى تقدير.

ومن ناحية أخرى هناك ثقافة اجتماعية راسخة في ذهن رجل الشارع تعيب عليه انتخاب المرأة، مما يجعلها مرفوضة سياسياً، خاصة فى ظل النظام الفردي الذى يجعلها في مهب الريح بمفردها دون مساندة، وتواجه وحدها المنافسة وهي قادرة عليها سياسيا، ولكنها تواجه أسلحة البلطجة التي يستخدمها البعض، كما تواجه الكثير من الشائعات المغرضة، ولا أدري لماذا يحاربها الرجل إذا كانت قاسمته التعليم والخبرة العملية والتواجد فى الثورة وكل الوقفات والاعتصامات وطوابير الانتخابات، فلماذا لا يستفيد منها في المشاركة السياسية؟

الأحزاب والإرادة السياسية

ليتنا ننظر إلى الانتخابات الجزائرية التي أجريت في العاشر من شهر مايو الماضي وحققت قفزة كبيرة إلى الأمام من ناحية المساواة بين الجنسين. إذ تم على وجه الإجمال انتخاب مائة وخمسة وأربعين امرأة في برلمان مجموع نوَّابه أربعمائة واثنين وستين نائبًا. وهذا العدد يعادل تقريبًا ثلث مقاعد البرلمان. ولم تتمكَّن في الانتخابات الأخيرة التي أجريت عام 2007 إلاَّ واحد وثلاثين امرأة من بين ثلاثمائة وتسعة وثمانين نائبًا من الوصول إلى مجلس النوَّاب.

أما السبب فهو نضال المنظَّمات النسائية بالإضافة إلى تصديق الجزائر على اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضدّ المرأة "سيداو". ومن أجل تطبيقها تم إقرار القانون رقم 31 الذي أصبح ساري المفعول في شهر يناير 2012. وينص على أن المرأة الجزائرية يجب أن تكون ممثَّلة سياسيا على جميع المستويات.. وقد أظهرت الأحزاب أنها كانت حقا مستعدة لقبول المزيد من النساء وذلك من خلال وضعهن في أماكن أتاحت لهن فرصة حقيقية لانتخابهن. وهذه الإرادة السياسية مهمة للغاية، لأنها تملك القدرة على خلق علاقات جديدة ومختلفة بين الرجال والنساء.

ومن ناحية أخرى قامت جمعيات المجتمع المدنى بتدريب العديد من النساء على عدد من الأسئلة العملية مثل : كيف تلقى الخطابات؟ وكيف تتجه إلى الناخبين وتتواصل معهم؟ وكيف يتم تنظيم فعالية عامة؟

وهكذا نجحت التجربة الجزائرية ونتمنى أن تنجح أحزابنا أيضا فى التأكيد على أن دعمها للمرأة ليس مجرد دعايات وهمية لنشعر بالمساواة على أرض الواقع . 

 

المصدر: مجلة حواء- أمل مبروك
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 557 مشاهدة
نشرت فى 14 يناير 2013 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

22,833,374

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز