كتبت :حميدة سيف النصر

كثيراً ما تواجه المرأة ظروفاً قاسية تعترض رحلتها في معترك الحياة، تجد نفسها وحيدة وسط الأشواك لكنها سرعان ما تنتفض سريعاً تهب واقفة متحلية بالصبر وروح التحدي محاولة الوقوف علي أرض صلبة من جديد ململمة شتاتها التي بعثرتها الأيام .. رصدت حواء نماذج عديدة تمثل قدوة ناضجة تتقبل ظروفها بإيمان كبير أملاً في غدِ أفضل يحقق أحلامها المؤجلة 

فى البداية تقول سحر عبدالنبى موظفة تحمل ملامحها هدوءاً كبيراً وإيماناً عميقاً بما قسمه الله بدأت رحلتى مع المسئولية القاسية بعد مرور خمس سنوات من زواجى خصوصا بعد مرض الزوج رحمه الله بمرض عضال نادراً ما يشفى منه، هنا وجدت نفسى وجها لوجه مع واقع أليم قاسى على أية امرأة بين زوج ملازم الفراش معرض لأى طوارئ صحية وطفلتين فى الرابعة والخامسة من عمرهما بالإضافة إلى مسئوليات العمل .. ماذا أفعل وسط هذا الخضم لو توقفت لحظة أمامه لأصابنى اليأس أنا الأخرى، لكننى فكرت جيداً ووجدت نفسى مع مواجهة حقيقية مع الظروف لابد من إخراج قوتى الكامنة التى تختزنها النفس عبر السنين لمواجهة كل هذا، قمت بواجبى حتى آخر لحظة فى حياة زوجى لم أدخر جهداً حتى أشعره بالراحة وأن كل شىء يسير على ما يرام إلى أن توفاه الله لتبدأ المرحلة الثانية مع الكفاح والمسئولية مع ابنتاى اللتين أمثل لهما الأم والأب معاً علىّ أن أرافقهما فى كل خطوة حتى يطمئن قلبى.. أشعرها بالأمان دائماً دون أية راحة نفسية لى لأننى أشعر أن حياتى كلها عطاء دون إحساس الآخرين بى أو بظروفى.. لولا تسلحى بالصبر والأمل فى الأيام القادمة التى تمثل لى بريق الحلم فى حصول بناتى على مؤهلات مميزة تتسلحان بها ضد غدر الأيام لكانت قواي قد انهارت

بكرة أحلي من النهاردة

أما أحلام حاصلة على دبلوم فنى تواصل الحديث قائلة: يقولون أن كل إنسان له نصيب من اسمه تجدونى كذلك أحمل أحلاماً كثيرة رغم مرارة الظروف التى أمر بها حتى قبل زواجى حيث الظروف المادية الصعبة لأسرة يبلغ عددها ثمانية أفراد كان على أن أتحمل مسئولية نفسى أعمل وأكافح لأساعد إخوتى فى مواجهة لقمة العيش ومن ناحية أخرى على أن أجهز تكاليف زواجى، ليت يتوقف الصبر إلى هذا الحد وإنما زاد الأمر سوءاً أننى خطبت لشخص غير مسئول على عكسى تماماً.. كان الأمل أن يتغير بعد الزواج وتكوين أسرة لكن هيهات تركنى وحيدة أصارع الحياة بمفردى وأتحمل مسئوليته هو وأولادى الثلاثة وأقوم بتوزيع الملابس والأدوات المنزلية على المحلات والمنازل لأعود فى نهاية اليوم وقدماى متورمتين من كثرة الجهد ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد بل يشاركنى مكاسبى المتواضعة لشراء متطلباته، مع الأيام شعرت أننى لم أتزوج رجلاً بل أعيش مع ظل هذا الرجل الذى حلمت كثيراً أن ينتشلنى من هذا العذاب وها أنا أضع كل آلامى فى إخلاصى لأولادى بريق الحلم فى حياتى الذى تتلألأ أضواؤه فى عيونهم.

تروى أسماء محمد، حاصلة على معهد فنى تجارى من إحدى قرى محافظة أسيوط قائلة:

لا أدرى ماذا أفعل تجاه حياتى التى تسير على غير قانون محدد يمنحها روح الأسرة وشكلها الطبيعى بين زوجين وأطفالهما فى ظل ظروف عمل زوجى الذى اختاره فى محافظة القاهرة كسائق متعللا بأن الحياة فى الصعيد ضيقة ولابد من طرق أبواب جديدة للرزق مع الوعد أن يزورنا كل شهرين لعدة أيام تباعدت المسافات لتصبح كل ستة شهور أو في الأعياد الرسمية فقط يتساءل أولاده أين والدهما هل فقد الرغبة فى رؤيتنا علاوة على هذا فقد امتنع عن إرسال أى نقود إلا بعد إلحاح شديد وتكون غير كافية لمتطلبات أولاده لم أجد أمامى سوى النزول للعمل اقترضت مبلغاً من إخواتى لشراء أنواع من البسكوت والمنظفات على مستوى ضيق لأوفر لقمة عيش لأولادى وأكمل تعليمهم وأعوضهم عن قسوة الظروف قدر استطاعى.

تتطرق سميحة مصطفى بكارليوس تجارة إلي زواية جديدة ترى من خلالها المرأة فى صورتها الحقيقة تقول: إن المرأة تغيرت كثيراً أصبحت قوية لا تكسرها الظروف أحياناً تصاب باليأس ويتخللها الشعور بالقهر الشديد لكنها سرعان ما تتغلب على هذه المشاعر السلبية المدمرة خصوصا حينما تكون مثقفة ومتسلحة بالعلم لأن هذا يشعرها بقوتها رغم ما تبذله من جهد وشعور بإرهاق شديد لكنها صاحبة رسالة سواء مع نفسها أو أولادها وأسرتها.

أثناء جولتنا تعرفت على سناء فى الأربعين من عمرها من إحدى قرى سوهاج لديها ست بنات كلهن فى مراحل التعليم المختلفة رأت أن تحمل المسئولية مع زوجها لتعاونه في تعليم البنات وتجهيز من تصل لمرحلة الزواج.. فكرتها بسيطة أنها تصنع كل أنواع البسكوت ولوازم الأفراح تأخذ الخامات لتعدها وتجهزها ثم تقوم ببيعها.

تلقى سناء توفيق أمين صندوق حزب الدستور الضوء علي دور الأحزاب فى الأخذ بيد المرأة المعيلة التى تمثل نسبة كبيرة من المجتمع وماذا قدمت لها قائلة :

لم يقدم لها أى شىء على أرض الواقع رغم قيام المرأة الصعيدية بأكثر من دور فى أسرتها إما أنها تعيل أخوتها أو أولادها أو حتى نفسها ويظهر هذا جلياً فى ظل الظروف الاقتصاية القاسية لأنها تحتاج إلى التوعية المكثفة فى اطار خطة منظمة لمعرفة المرأة بدورها المجتمعى والسياسى فهى تمثل نسبة قد تصل إلى أكثر من نصف المجتمع كيف يحدث هذا وصوت الأحزاب لا يصل إلى المرأة فى الصعيد بالشكل المرضى إلا على فترات متباعدة فى ظل وضع اجتماعى وسياسى متعدد .

- كيف ترى مستقبل المرأة فى الظروف الحالية ؟

أرى أنها تهمش أكثر من أى وقت مضى فى تاريخها بل إنها تدخل فى نفق مظلم راجعة إلى الوراء خصوصا الصعيد بكل ما يحوية من عادات وتقاليد جامدة تقف دائماً حائلا بينها وبين أية مشاركة تقفذ بها خطوة للأمام .. قد يصل الحال فى بعض العائلات أن الرجل يصدر حلفاً باليمين لو خرجت للإدلاء برأيها فى أى موقف سياسى مما يجعلها كائنة متقوقعة داخل شرنقتها لكن رغم هذا لازال الأمل معقود فى المرأة المثقفة التى لابد أن تقوم بأحداث نقلة ثقافية وتوعية ثقافية تستشعرها المرأة البسيطة تصل إليها فى كل مكان خصوصا فى الريف وكل العشوائيات .

- عن دور منظمات المجتمع المدنى (الجمعيات الأهلية) ترى أمانى عبدالناصر رئيس مجلس إدارةجمعية عيد الأم بسوهاج ضرورة التركيز على المتابعة المستمرة فى توعية المرأة وضرورة أعدادها لمواجهة أى ظروف صعبة فى حياتها حتى لاتجد نفسها تقف وحيدة وسط أشواك حياة قاسية لا ترحمها .. عند إذن لابد من تكاتف الجمعيات الأهلية فى عملية التثقيف المرتبطة بمشاريع القروض وتفعيل دور مكاتب التوجيه والاستشارات الأسرية كذلك لابد أن يكون هناك تعاون بين محكمة الأسرة وبين الجمعية فى حالة وجود مشكلة اقتصادية ترسلها لنا فى محاولة إيجاد مشروع مناسب يكون المتنفس الاقتصادى بالنسبة للمرأة كما يوجد لدينا فى جمعية عيد الأم مركز مساندة قانونية لتمكين المرأة قانونياً والأخذ بيدها فى تعريفها حقوقها ومالها وما عليها فى شكل مبسط يتناسب مع قدرتها بالإضافة إلى دور الرائدات الريفيات والميسرات فى القيام بتوعية مباشرة للمرأة القروية وفى النجوع البعيدة ، لأن طبيعة عملهم تتيح لهم الالتقاء بهن بجانب التوعية الصحية كل هذه الأدوار لو تمت بنجاح وتعاون بين منظمات المجتمع المدنى (الأحزاب والجمعيات الأهلية) نستطيع أن نخلق أمرأة جديدة تتعايش وظروف عصرها متغلبة على التحديات الاجتماعية المعوقة لعطاء المرأة الصعيدية  

 

المصدر: مجلة حواء- حميدة سيف النصر

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

22,830,468

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز