انتبهى قبل الشراء..
العروض أفخاخ اقتصادية
" «فين كراسة العروض»العبارة الأولى لكل سيدة بمجرد وصولها للسوبر ماركت لتختصر بهذه العبارة ما تمثله العروض من أهمية أثناء جولاتها الشرائية ،وقد تتسبب كثرة العروض في أزمات أسرية .. ولكن رغم كل شىء لا تتنازل نسبة كبيرة من النساء عن ارتباطها الشديد بالعروض على مدار العام
وحول العروض وما لها وما عليها وأثرها الاقتصادي والاجتماعي على الأسرة المصرية خاصة في ظل الأزمة الاقتصادية الحالية كان هذا التحقيق..
البداية مع تسنيم جمال - بكالوريوس تجارة - حيث تقول : تزوجت منذ أشهر وأول مشكلة زوجية حدثت أمام "الكاشير" بأحد السوبر ماركات الكبرى والسبب ببساطة عروض التونة فوالدتي دائما تشترى العروض بكميات ، وقد تعودنا أنها لن تفسد ويمكن استعمالها في أى وقت وأن العرض ما يتفوتش ، وبينما أشترى احتياجات منزلي كان هناك عروض على أشياء كثيرة وطبقت نظرية والدتي لدرج' أنني اشتريت تونة بكميات كبيرة لأن الفرق في العلبة يتجاوز الجنيهين ، وعند الحساب أصر زوجي على عدم حبه لهذا النوع ، لكنني أخبرته أن العرض لا يفوت وأصر كل منا لدرجة استوقفت "الكاشير" ليطلب زوجي منه أن يستبعدها ، واعتبرت الأمر إهانة لي وكانت أزمة لم تنته إلا بتدخل الأهل ، واتفقنا ألا نشتري أية عروض إلا بكميات قليله
عروض للتسويق
نجاة محمود - كيميائيه - تقول : " العروض خراب بيوت ويصعب جدا مقومتها حتى وأنا مدركة أنها شكل تسويقي وأنها تدفعني لشراء أشياء لست في حاجة ملحة لها ، وأحاول أن أكتب ورقة بما أحتاجه قبل دخولي السوبر ماركت ، لكن بمجرد أن أرى العروض وإقبال الناس عليها أنسى الورقة ، وعندما أعود للبيت أشعر بمدى خطأي "
زغللة
منى ثروت - ربة بيت - تقول :" العروض شىء جيد ومفيد في ظل حالة ارتفاع الأسعار التي نشهدها حاليا بشرط أن تكون في السلع ذات فترات الصلاحية الطويلة وأن أبذل مجهود كبير لأحدد كيف أستفيد مما أشتريه وألا تكون مجرد زغللة عين تسحب منى فلوس على الفاضي "
الحاجة عواطف تقول :"عشت عمري كله أشتري احتياجاتي فقط ، لكن الآن عندما أذهب مع أولادي أتعجب من حجم العربات المحملة ، وكلما سألت عن شىء يشترونه بكثرة يقولون عنه "عرض" وكلها أشياء استهلاكية تفسد بعد فترة "
" أنا وزوجي والعروض وخناقات لا تنتهي " هكذا بدأت رشا حامد حديثها وقالت : أراها فرصة وهو يرفضها ، خاصة عندما يشترط العرض شراء أكثر من قطعه للحصول على الهدية وعادة أعرف كيف أستفيد مما أشتريه فقد أتقاسمه مع جارتي ويدفع كل منا نصف الثمن لكنه يرفض أو يرى أنها قد تكون على أشياء أوشكت على التلف ، وفى كل مرة أسأل عن كراسة العروض نتشاجر ، لكنني لا أستطيع منع نفسي من الشراء.
وهم التوفير
ولكن .. هل النساء فقط هن من تغريهن العروض أم أن الرجال أيضا يميلون للعروض وعن هذا سألنا الرجال
فأجاب سيف محمد - محاسب - أعتبر العروض عملية ترويجية الكل منها مستفيد بشرط التفكير الجيد في العرض وإن كانت زوجتي تميل للعروض الخاصة بالمفروشات فأنا أحرص على متابعة الجديد في الالكترونيات وعندما أجد شىء جيد لا أتركه لأنه فرصة ولكن مؤخرا بدأت أتريث لأن الأحوال الاقتصادية ليست كما كانت والعروض مهما كان إغراؤها فلا مجال لها الآن.
وجيه توفيق - رجل أعمال - يرى أن العروض تدفع الناس لمزيد من الاستهلاك تحت وهم التوفير ، لذلك يرفض شراء معظمها، ويقول : أظل مع زوجتي في مناقشات أما تقنعني بجدوى شرائنا هذا العرض أو أقنعها أنه سيتبقى وسنرميه وفى هذا إهدار وليس توفير بالإضافة إلى قناعتي الشخصية بان العروض عادة على أشياء أوشكت صلاحيتها على الانتهاء أو تشغيلة غير جيده بدليل أنها لا تظهر إلا على السلع قليلة الزبائن.
الرغبة والمشاهدة
وما بين رأى البعض في أهمية ما تقدمه العروض ورفض البعض الآخر لها وما تسببه من مشكلات توجهنا للمتخصصين لنعرف كيفية الاستمتاع بالعروض وما لها من آثار نفسية واقتصادية.
البداية مع د.حمدي عبد العظيم - استاذ الاقتصاد وعميد أكاديمية السادات الأسبق - حيث قال : تلعب الظروف الاقتصادية دورا كبيرا في القدرة الشرائية للمجموع الأعظم من الناس كما تؤثر فى الرغبة الشرائية أو مجرد الرغبة في التسوق أو مشاهده الجديد في السوق وإذا أضفنا أن القدرة الشرائية الآن للمواطن المصري في انخفاض واضح سنجد أن هذا انعكس على شغفه بعملية التسوق من هنا أصبح أصحاب المنتجات خاصة الاستهلاكية في مشكلة لجذب هذا المستهلك ، ومن هنا جاءت فكرة العروض وانتشارها لهذه الدرجة في جميع المحلات الكبرى وقد لعبت هذه العروض على بعدين نفسيين ، هما الرغبة في الشراء والتي يقف ضدها القدرة على الشراء وبدأت تقدم السلع بسعر أرخص بشرط شراء أكثر من واحدة ، وقد جذب هذا المواطن لدرجة أن البعض يشترى كميات لا يحتاجها لمجرد الحصول على التخفيض وهذا أفاد المنتج ، لكن لم يحقق نفس الفائدة للمستهلك لأن الفاقد يجعله يخسر ولا يكسب إلا إذا كان استهلاك الأسرة يتناسب مع العرض وأضاف أن القدرة الشرائية للجنيه في تناقص واضح وهذا يجعل الأسرة في حاجة شديدة لوضع قائمة أولويات.
وأضاف أن العروض تنتشر في السوبر ماركات الكبرى التي تتعامل مع قدرات شرائية جيدة إلى حد ما مقارنة بالقدرات الشرائية لمجموع الشعب المصري وأكد على ضرورة كتابة ورقة بالاحتياجات قبل الذهاب للشراء والالتزام بها والربط بين الانجراف وراء العروض وانتشار استخدام الفيزا ، فعندما يشترى الشخص بما معه من مال سيفكر أكثر من مرة في العروض واحتياجه لها ، لكن الفيزا تجعل الزوجة والأبناء أكثر إسرافا وتتسبب في أزمات اقتصادية للأسرة
د. سعيد عبد العظيم - استاذ الطب النفسي بجامعة القاهرة - تحدث قائلا: حب الشراء رغبة موجودة عند الكثيرين لكنها تزداد عند النساء عن الرجال وهى لا تتحول لأزمة نفسية إلا عندما تتحول لسلوك متكرر بلا هدف أو حاجة للشراء ، وإذا تحدثنا عن الانجذاب للعروض سنجد أن كل إنسان طبيعي يحب العروض ويقدم عليها ويراها عملية تسويقية جيدة تحقق مصلحة مشتركة بينه وبين منتج السلعة ، لكن يتحول الأمر تدريجيا لمشكلة عندما يصبح هذا المستهلك أسيرا للعروض فهو مدمن لها ، فما أن يرى مكانا يقدم عروضا إلا ويعتبر الأمر فرصة لا يجب أن تضيع ولا يسأل نفسه هل أحتاج هذا الشىء أم لا ،وهل جودته عالية أم لا ، فكل ما يهمه العرض ، وهنا يتحول الأمر من سلوك شرائي عادى يسعى للتوفير إلى سلوك مرضى يعنى أنه لم يعد قادرا على السيطرة على قراراته الشرائية ، وهنا يجب على المحيطين به لفت انتباهه مبكرا قبل أن تتحول لمشكلة في العيادات النفسية ، وأضاف أن من لديهم هوس الشراء أو الحصول على كل العروض هم من يعانون أزمات شخصية لا يستطيعون التعبير عنها فيتحولون للشراء كوسيلة للقضاء على الشعور بالفراغ أو الإهمال وأكد على أن الإنسان كلما كان مستقرا نفسيا، كان متحكما في قراراته الشرائية ، مقدما على العروض بما يتناسب مع احتياجاته وما تقدمه له من توفير حقيقي يتناسب و قدرته الشرائية
ساحة النقاش