كتبت : أميرة اسماعيل

ورا كل حكاية وحكاية .. مصرى شجاع يرفض الظلم والاستبداد.... مهما قالوا عليه إنه طيب ويحب تراب بلده لكنه لا يرضى أبدا بالذل ولا بالعار ... فالمصرى اليوم لا يختلف عنه قديما فطبيعة الأرض الزراعية والنيل فرضت عليه شخصيته التى يحيا بها طوال عمره مهما اختلفت الأزمنة.. 

ونستعرض في السطور التالية أهم الملامح لبعض الثورات الشعبية التي مرت على مصر منذ العصر الفرعوني وحتى أحداث ثورة 25 يناير، والتي نجد بها المواقف المتشابهة التي تؤكد أن الشعب المصري لم يتغير فالثورة تكرر نفسها على مدار الآلاف السنيين لتصبح حكاية الثورة هي حكاية الشعب المصري الذي يصنع دائماً التاريخ .. الثورة الاجتماعية الأولى

البداية مع الدكتور "محمد حمزة الحداد" عميد كلية الآثار بجامعة القاهرة حيث يقول:إن الثورة الاجتماعية الأولى كانت فى العصر الفرعونى فى عهد الملك "بيبى الثانى" الذى بدأ حكمه من نهاية الأسرة السادسة وحتى الأسرة العاشرة (أى فى أواخر الدولة القديمة)..وقد كانت أسباب الثورة هي طول فترة حكمه التى قاربت الــ90 عاما مما أدى إلى ضعف الحكومات تدريجيا فبدأ (عصر الفوضى الأولى )- كما ذكرته بعض كتب التاريخ - التى استمرت أكثر من 200 سنة حيث استقل كل حاكم بالمقاطعة الخاصة به إلى أن جاء الملك أمنحتب الأول وتمكن من القضاء على الفوضى وقام بتوحيد مصر مرة ثانية تحت حكمه وولايته.

ويذكر التاريخ أنها أول حركة قومية يمكن أن توصف بأنها ثورة اجتماعية وهو نفس التشابهة بينها وبين ثورة 25 يناير..فكانت من المصريين ضد الحاكم المصرى المستبد!!

ويوضح الدكتور محمد حمزة التشابه أيضا فى الظروف التى أدت لاندلاع الثورة فى العصر الفرعونى وقد كانت بسبب انحدار المستوى الاقتصادى- فى عهد الملك بيبى الثانى - وذلك نتيجة للمصروفات الضخمة من الأهرامات والمبانى الدينية والمعابد وكل هذا أرهق الاقتصاد المصرى ومثل عبئًا على الدولة وكذلك الشعب عندها زاد العبء على الشعب من خلال الضرائب الباهظة على الأراضى التى يمتلكونها فى حين تم إعفاء الملك وشيعته من الضرائب فكان "للمحسوبية" مكان أيضا فى هذا الوقت ، وكانت المناصب تتم من خلال الرشوى وليس الكفاءات !!

وهناك الطبقة العامة وهى قلة من التجار والصناع والفنيين ونأتى للطبقة الوسطى "وهى مصدر الثورات "دائما فطبقة العمال فى المحاجر والمناجم لها دور كبير فى الثورة بينما الطبقة الكادحة تثور بثورة الطبقة الوسطى - كما حدث أيضا فى ثورة 25 يناير، وقد جاءت نتيجة الثورة كما أرادها الشعب..فالحاكم لم يعد بصورة الإله الذى لا يعترض أحد عليه بل هو قابل للنقد والوقوع فى الخطأ وقد تحققت العدالة الاجتماعية بين الطبقات المختلفة وصار إله العدل وشعاره هو مبدأ الحكم ومعاملة الشعب.

البشموريون

ولم تتوقف الثورات ضد الظلم بل ظهرت في كل العصور، وعندنا في العصر الإسلامي ثورة البشموريين - ولم تكن ضد المسيحيين - كما يظن البعض ولكن وقف المسلمين مع المسيحيين جنبا إلى جنب للثورة على ظلم الخلفاء العباسيين بسبب زيادة الضرائب المفروضة عليهم وكانت فى 217 هجرية.

وهناك ثورات الأزهر مثل ثورة "الشيخ الدرديرى" فى1200 هجرية ضد الولاة العثمانيين وثورة الشيخ "عبد الله الشرقاوى" ضد المماليك فى 1795ميلادية.

ويؤكد الدكتور "محمد حمزة الحداد" على أن كل الثورات المصرية منذ قديم الأزل قد خرجت بمبدأ واحد أسس عليه باقى الدساتير فى العالم وهو مبدأ احترام الحاكم إرداة المحكومين وهو ما يسمى الآن أو يطلق عليه ( الشعب مصدر السلطات).

وفي العصر الحديث والمعاصر توالت العديد من الثورات الشعبية ، ومن أشهرها ثورة "عرابي" على الخديوي "توفيق" سنة 1881.. ثم ثورة 1919.. ثم ثورة 23 يوليو 1952 .. وكذلك تظاهرات 9 ،10 يونيو سنة 1967 وغيرها حتى ثورة 25 يناير 2011، والتي تشابهت أسبابها من طول فترة الحكم والظلم وعدم تحقيق العدالة بين أطياف الشعب ،ولعل ما نراه من فوضى هو أكبر دليلا على التشابه فى عصر الملك"بيبى الثانى" .. فمازلنا نعانى من الاضطرابات وسوء الإدارة فى الحكم.

وأخيرا.. نستطيع أن نقول إن الشعب المصرى لم ولن يتغير فدائما يثور من أجل مبادئه وحريته ولقمة العيش..وها هو التاريخ يعيد نفسه من جديد!  

 

المصدر: مجلة حواء- أميرة اسماعيل

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

23,156,887

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز