تعدد الزوجات
كتبت هدى الكاشف
هل الأصل فى الإسلام تعدد الزوجات للرجل الواحد ، ما حقيقة ذلك؟
الزواج مودة ورحمة وسكن ، وهو قائم على الاستطاعة البدنية والمالية.. فقال المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ ( يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج ، فهو أغض للبصر وأحصن للفرج ، ومن لم يستطع ، فعليه بالصوم ، فإنه له وجاء ) أى وقاية ، وقد كان التعدد شائعاً قبل الإسلام و بشكل مبالغ فيه للغاية ، فجاء الإسلام ليضبط ذلك الأمر ، فجعل أقصى ما يمكن جمعه فى عصمة الرجل هن أربع نساء ، وعندما يسلم الرجل وعنده مجموعة من النساء يقول له المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ ( أمسك أربعاً وفارق سائرهن ) ويتم ذلك بضوابط الجمع بينهن ، والتى منها أنه لايجمع بين البنت وأمها ، أو الأختين ، أو المرأة وخالتها أو عمتها..... حفاظاً على النسل وصلة الرحم ، مع الحرص على العدل فى النفقة والمبيت والاستطاعة البدنية والمالية، ولكن من ينادى بالتعددية فى عصرنا الحديث غفلوا عن روح الشريعة التى تميل إلى الاكتفاء بواحدة فى قوله تعالى ( وإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة ) وأكد المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ على ذلك الأمر فى توجيه بليغ يجب أن يتدبره كل رجل يخاف الله ويتبع سُنة رسوله الذى نبه فقال ( من كان له امرأتان ولم يعدل بينهما جاء يوم القيامة وشقه مائل ). كما أن التعدد فى التاريخ الإسلامى كان يحدث عادة فى أوقات الحروب ، والتى كان يترمل بسببها عدد كبير من النساء المعيلات فكان يتم ذلك بمقتضى الواقع وأيضاً فى حالات انتشار الأوبئة ، كذلك فإنه يكون ضرورة فى حالات خاصة كمرض الزوجة أو كونها عاقراً ، فتظل الزوجة الأولى مكرمة فى عصمة الرجل مع وجود زوجة أخرى .
ما الحكمة من تعدد زوجات المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ والتى يظن البعض أنها أصل التعددية ؟
أما عن تعدد زوجات المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ فكانت لحكم عديدة ، مع وجوب إدراك حقيقة مهمة.. وهى أن المصطفى كانت أول زوجاته أم المؤمنين ـ خديجة بنت خويلد ـ والتى كانت ثيباً ـ أى سبق لها الزواج ـ وكان عمرها "40" عاما ، والمصطفى عمره"25"عاما ، واستمرت زوجته الوحيدة حتى توفت وعمرها"65" عاما ، فلم يجمع معها زوجة أخرى ، ولذلك فإن تلك التعددية كانت لحكم عديدة منها حكم تعليمية نافذة لكل امرأة فى العديد من الأمور الفقهية التى تخصها وأسرتها ، من عبادات ومعاملات من خلال زوجاته ، وكذلك حكم تشريعية مهمة كإبطال التبنى كما حدث عند زواجه من أم المؤمنين " زينب بنت جحش" ـ رضى الله عنها ـ والتى كانت متزوجة من ابنه بالتبنى "زيد بن حارثة" ، وكذلك حكم اجتماعية لتوثيق المصاهرة بين المصطفى وأقرب أصحابه ،وذلك بزواجه من "عائشة بنت أبى بكر" ، وزواجه أيضاً من "حفصة بنت عمر بن الخطاب" ـ رضى الله عنهم جميعا ـ وحكم سياسية منها كسر حدة الخصومة بينه ـ عليه الصلاة والسلام ـ وبين أعرق القبائل فيدعوهم للإسلام ، فيسلموا ثم ينصروه ، فتنتشر رسالته كما حدث عند زواجه من "صفية بنت حيىّ" سيدة بنى النضير، كما أن الوحى يقوم سلوكهن أولا بأول ليكن المثل الأعلى والقدوة لكل امرأة وزوجة مسلمة ، فكان لهن أعظم الأثر فى حياة الأمة الإسلامية ، فشرفهن المولى عز وجل بصفة الأمومة ووجوب التوقير والتعظيم لهن فى قوله تعالى ( النبى أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم )
ساحة النقاش