من يوقف الساعة؟ الأحلام علي الشماعة

كتبت سمر عيد

 إذا سافرت إلى تركيا ودخلت بعض المحلات قد تندهش عندما تجدهم يوقفون ساعاتهم على الساعة 9.5 ولقد سألت صاحب مطعم لماذا تفعل ذلك ؟!! فقال لي لقد توقف كل شيء في الوقت الذي رحل فيه مصطفى كمال أتاتورك عن عالمنا ،ولذا يوقف الأتراك عقارب ساعاتهم عند وفاة كمال أتاتورك ،فأي ساعة تحب عزيزي القارئ أن توقف ساعتك عندها؟!

يدخل بعض الأشخاص في صراع مع الزمن فتقرر بعض السيدات على سبيل المثال إيقاف عمرها عند العشرين فهي لن تكبر فوق العشرين وبناء عليه تلجأ إلى عمليات التجميل والشد وخلافه ولكن المهم هل هي في الداخل قد توقفت فعلاً عند العشرين.

وفي الوقت الذي نجد فيه أناس يوقفون لوحة التقويم وعقارب ساعاتهم عند عمر العشرين نجد شبابا قد تقمصوا دور الشيوخ وقفزوا بأعمارهم إلى مافوق الستين فياترى ما سر ذلك؟! >>

في البداية التقينا ل .م مهندسة كمبيوتر والتي حدثتنا قائلة:أنا في الأربعين من عمري لكن زوجي هو الذي جعلني أعود بعمري إلى العشرين مضطرة ،فهو كثيرا ما يجلس إلى قنوات الدش ويبدأ يقلب في القنوات ويشاهد فتيات الفيديو كليب ويبدأ في المقارنة بيني وبينهن وحاولت جاهدة أن أقنعة أن أغلبية مافي هذه الفتيات صناعي وأن أية امرأة لديها ما تستطيع به وبسهولة أن تصبح مثلهن إلا أن زوجي قد أبى أن يفهم، وانتظرت وقتا ليس بالكثير حتى أثبت له عمليا أنني أستطيع العودة إلى العشرين وفي غضون يوم واحد .

جراحات التجميل

وتوفى والدي تاركا لي أموالا كثيرة لم ألبث حتى سحبتها كلها من البنك وذهبت إلى جراح تجميل وشرحت له عيوب جسمي ووعدني أن أستلم قواما منحوتا خلال بضعة أيام.

وتركت البيت وقلت لزوجي إنني ذاهبة إلى أمي كي أقيم معها بضعة أيام وتركت الأولاد معها ولم أخبر زوجي أنني سأجري جراحة تجميلية ، وبالفعل صدق الطبيب في وعده حيث أعادني رشيقة وذات قوام فتان،لأدخل على زوجي وأنا أرتدي الجينز والبادي فلم يصدق نفسه، فقلت له ألم أعدك أنني سأعود إلى العشرين وأوقف عجلة الزمن .

اندهش زوجي مما فعلته بنفسي واتهمني أنني أحب رجلا آخر لذلك أتجمل له وغضب من إنفاقي كل النقود على عمليات التجميل ، لقد عدت بعمري إلى العشرين ولكن كيف أعيد زوجي إلى العشرينيات؟!

شباب القلب

صدق من قال "الشباب شباب القلب".. هكذا بدأت حديثها معي مي ممدوح -محاسبة بأحد البنوك الخاصة - والتي قالت لي:أنا ذات السادسة عشرة ،لا تندهشي هذا فعلا هو عمري الحقيقي لقد قررت ألا أتخطى هذا العمر على الرغم من أن شهادة الميلاد تؤكد أنني في الثلاثين .

فبعدما فقدت الأمل في الزواج كان كل الناس يؤنبونني ويقولون لي لقد فاتك قطار الزواج، ولكني لم أجد الرجل المناسب لكي أرتبط به فقررت أن أوقف عمري عند السادسة عشرة حيث يكون القلب خاليا والمزاج معتدلا ولم ينهكني بعد العمل ومشاقه ولايزعجني المجتمع بتدخله في حياتي الشخصية ،فأنا أرتدي لبس المراهقين وأجلس في مقاهيهم وألعب ألعابهم في النادي وأسمع أغانيهم الشبابية وأرقص عليها فلماذا لا أكون في السادسة عشرة.

شاب عجوز

ويرى محمد أحمد في السادسة عشرة من عمره ويعمل بالميكانيكا أنه قد أصابه الهرم مبكرا ويقول: أنا في الأربعين من عمري ولست في السادسة عشرة وهذا نتيجة الهم الذي لازمني بعد وفاة أبي .

فلقد تكفلت بالأسرتي ، أمي وأخواتي الفتيات وكنت حريصاً على أن تكمل أخواتي تعليمهن لذا نزلت للعمل باليومية وكل ما يهمني هو الوصول بهن إلى بر الأمان ، وأحلم أن أزوج أخواتي البنات وأنا سأسعى كي أجهزهن حتى يتزوجن زيجات جيدة من رجال يتحملون المسئولية، لذا فلا عجب أن ترى خصلات من الشعر الأبيض تقتحم رأسي .

روح الشباب

وتعلق د. ناهد نصر الدين عزت -أستاذة الفلسفة وعلم الجمال بجامعة القاهرة -على هذا الموضوع قائلة: التغيير في الشكل هو دليل على عدم قبول الذات ، ولكل سن جماله وسحره ، وأدعو حواء أن تستمتع بكل سن تمر بها ويكفي أن يعيش الإنسان بروح الشباب وليس من الضروري تقليد الشباب .

فمن غير المعقول أن أكون امرأة في الخمسين من عمري وأرتدي الكاجوال والاسترتش، ولكن يكفيني الاهتمام بنفسي من الداخل والخارج وأن أحب روح الشباب والتفاؤل والمرح، وأكبر دليل على من يتحلون بروح الشباب هم كبار السن الذين يمحون أميتهم فلو ييأس الإنسان من حياته وظن أنه قاب قوسين أو أدنى من الموت.

فإنه يفقد العطاء لنفسه ولكل من حوله،وأنا أنصح من يريدون التحلي بروح الشباب بعمل دراسات جديدة أو أخذ دورات موسيقى أو ممارسة هواية يحبونها أو إكمال تعليمهم إن لم يكونوا قد أكملوه.

أما الكبر المبكر والوصول إلى الستين وهو لايزال في العشرين فأنا ضده لأن هذا الشخص سوف يحن لكي يعيش شبابه ولكن بعد وصوله فعلياً الخمسين أو الستين من العمر، وإذا فقد أي شاب الحماس والحلم والأمل من حياته فإن نظرته للحياة تكون سوداوية.

وهذا الشاب وغيره علاجه أن نضع أمامه نماذج إيجابية ونجعل له هدفاً في الحياة يسعى للوصول إليه ، هذا خير من أن يموت يأسا، كذلك أنصحه بعدم مصاحبة الفاشلين أو الكسالى، وإذا كانت الحياة قد أكسبته بعض الخبرات الكبيرة على سنه فلابد أن يعيش سنه ويتمتع بشبابه وينظر إلى نصف الكوب الممتلئ حيث أنه في مرحلة الشباب ولديه خبرة الكبار فهاتان ميزتان قل وجودهما في الحياة  

 

المصدر: مجله حواء سمر عيد

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,797,441

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز