يا روحى ما بعدك روح! «2»
كتبت سكينه السادات
حكيت لك الأسبوع الماضى طرفاً من حكاية قارئتى رشا وهى شابة جميلة فى الثالثة والثلاثين من عمرها من أسرة كبيرة خرجت فى الجامعة الأمريكية ورفضت أن تعمل وكانت قد شغفت حباً بزميل لها بالجامعة وتمنت أن يتقدم لخطبتها فقد كانت كاملة من كل شىء ، فلوس وجمال وأصل طيب وفوق كل هذا كانت تحبه بجنون فى حين كان هو متحفظاً لم يعدها بشىء !
وعندما واجهته بأن العرسان يتوافدون قال لها ألف مبروك اختارى المناسب وأتمنى لك كل خير لأننى مسافر للخارج لنيل الماجستير والدكتوراه وغالباً سوف أتزوج من أجنبية حتى أحصل علي الجنسية وأعيش هناك .
وصدمت صدمة شديدة وقررت أن تختار أفضل العرسان فقبلت المهندس هشام نجل أحد أغنياء مصر المعروفين وقدم لها كل ما طلبته وزيادة لكنها تقول إنها لم تستطع أن تحبه الحب الذى ينسيها فارس أحلامها السابق .
وأنجـبت رشـا توأمـاً جميلاً وظـن الناس أنها تأكل بشراهة من جراء الحمل فى توأم حتى وصل وزنها إلى مائة كيلوجرام وزيادة ولكنها استمرت فى زيادة الوزن حتى بعد الوضع وازدادت شراهتها للطعام حتى حدثت المفاجأة !
المفاجأة أنها عادت ذات يوم من النادى لتجد زوجها الشاب المحترم النبيل مريضاً وحوله أهله وعدة أطباء ثم قرروا نقله إلى المستشفى لمزيد من الفحوصات وكانت النتيجة المؤلمة أنه مصاب بسرطان فى الرئة من الدرجة الثالثة واحتمالات الشفاء غير مؤكدة ... ماذا فعلت رشا بعد أن علمت ما جرى ؟
تقول رشا .. كما حكيت لك عشت طول عمرى إنسانة مدللة آخر دلع كل ما أريده أحصل عليه لأننى الابنـة الـوحيدة الصغـرى وقبلى ثلاثة أشقـاء ذكـور وكان الأمر الطبيعى أن أحزن على والد أولادى وأكون إلى جواره أليس كذلك ؟ لا ياسيدتى بدأت أفكر فى نفسى ماذا سيحدث لى بعد أن يفارق الدنيا وهو ميت ميت لا محالة كما قال الأطباء ؟
بدأت أقاوم شراهة الأكـل وبـدأت ريچيمـاً قاسياً تحت إشراف الأطباء وبـدأت أتـردد عـلى (الچيم) وبيوت الرياضة حتى فقدت خمسين كيلوجراماً من وزنـى وعـدت رشيقـة كما كـنت قبـل الـزواج وبـدأت أهتم بنفسى وفى داخلى شعور بأننى أبحث عن عريس جديد بعد أن يموت زوجى أما أمر توأمى فقد كان فى رعاية دادة أجنبية ولم أكن أراهما سوى مرة واحدة فى اليوم كيفما اتفق !! أمى عاتبتنى على قلة اهتمامى بمرض زوجى وكذلك والدى أما أهل زوجى فقد كانوا لايطيقون رؤيتى بل يلعنون اليوم الـذى تـزوجت فيه ابنهم !
ومرت الأيام وتوفى زوجى النبيل الذى كان يحبنى ويحب أولاده من كل قلبه وكان حزناً عاماً فى الدنيا كلها على شبابه ولى وارتديت الملابس السوداء أربعين يوماً فقط ولم استطع الاستمرار وفعلاً تقدم لى بعد وفاة زوجى بستة شهور عريس أقنعت أسرتى به وتزوجته وأصر حماى وحماتى على أن أتنازل لهما عن حضانة التوأم وفعلت بكل بساطة !!
وتبينت أننى أخطأت فى حق نفسى وحق أولادى فقد جردنى الزوج الجديد من كل فلوسى وكل مصاغى وكان يهجرنى بالأسابيع فضلاً عن الإهانات والغيرة وقلة الأدب !! طلبت الطلاق فساومنى وأعطيته كل ما أراد وحصلت على الطلاق وفقدت كل شىء مالى ومجوهراتى وأعصابى وكيانى وكل شىء .. وأنا أستأهل أكثر من كدة !
ماذا أقول يا رشا فإنه (ما استحق أن يعيش من عاش لنفسه فقط) هذه مقولة رائعة وقد عشت لاتفكرين إلا فى نفسك فقط فقدت نفسك وفقدت كل شىء ! أنا حزينة من أجلك وأرجو أن تكونى قد استفدتى من درس حياتك وأن تبدئى مع نفسك ..فبداية جديدة !
ساحة النقاش