كتبت: سمر عيد

 ألا يكفي أن الشرع والقانون قد أعطيا الأب سلطة التحكم في ممتلكات الطفل وأعطياه الولاية على النفس والمال والتزويج القصري للقاصر الصغيرة ، وحرما الأم منها وهي التي ربت وسهرت ودفعت من مالها وصحتها كي تربي طفلاً على الأخلاق والأدب والعلم والدين ألا يكفي كل هذا. بل زاد القانون الطين بلة وأعطى للأب حق الولاية على الصغير في التعليم ،الذي جعل الأم مجرد دمية ليس عليها إلا أن تلد هذا الصغير وترضعه ..حواء رصدت معاناة الأمهات مع الولاية التعليمية >>

التقينا بنورا ممدوح - محاسبة - في بنك والتي حدثتنا قائلة: لقد بدأت معاناتي في الحقيقة منذ زواجي ، فلقد تزوجت من رجل كنت أظن أنه على خلق ودين وهو يعمل مهندسا مدنيا ، وكنت أظن خطأ أنه هو الزوج المثالي فارتبطت به على الفور ،ولكن سرعان ماظهر على حقيقته فهو رجل بخيل يدعي الاقتصاد باسم التدين والدين منه براء ،ومع الأسف رزقت منه بطفل صغير بعد زواجنا بسنة ولكني لم احتمل بخل زوجي فطلقت منه .

وبقي معي ابني الذي تعبت في تربيته وتنشئته وعندما وصل ابني السن القانونية لدخول المدرسة قدمت أوراقه في مدرسة خاصة لغات ، وأقمت دعوى على أبيه أطالبه فيها بدفع مصاريف هذه المدرسة لأن مستوانا الاجتماعي لا يسمح أن أدخل ابني في مدرسة أقل.

كذلك أنا أعلم دخل طليقي جيداً وأعرف أنه يغطي نفقات المدرسة وزيادة ، فما كان من طليقي إلا أنه ذهب إلى المدرسة وسحب ملف ابني وعقاباً لي أدخله معهداً أزهرياً ، وحاولت جاهدة أن أجد قانوناً يحمي ابني ويحفظ له حقه في تعليم جيد ، ولكن مع الأسف أخبرتني المحامية أن الولاية التعليمية بيد الأب وفقاً لقانون سنة 2011 وأن على الأم أن ترضخ لأي تعليم يريد الأب أن يعلمه للصغير ولا حول ولا قوة إلا بالله العظيم.

مسألة مساومة

وتقول س.ع - حاصلة على بكالوريوس إعلام -: لقد طلب مني زوجي ما لا حتى يطلقني وأعطيته هذا المال كي أحصل على حريتي ، وعندما تقدمت بأوراق ابنتي إلى المدرسة طالبوني بالحصول على تنازل عن الولاية التعليمية من الأب ، وعلى الرغم من أنني أنا التي سوف تدفع للفتاة مصاريف التعليم وليس الأب .

فإن أباها قد رفض التنازل عن الولاية التعليمية لي ، وقال لي بعض المقربين جربي ان تدفعي له مالاً كي يتنازل عن الولاية التعليمية لك ، ولا أعرف إذا ما كان هذا التصرف قانونياً أم لا ، على أية حال رفض الأب إعطائي الولاية التعليمية ورفض الحضور كي يقيد الفتاة في المدرسة ولا أعرف ماذا أفعل.

من أين آتى ؟

وتضيف منال ممدوح - ربة منزل - : لقد طلقت من زوجي بعد زواج دام لمدة سبع سنوات ، وكان زوجي هو الذي قدم لابني في المدرسة ثم طلقنا وأردت أن أنقل ابني إلى مدرسة أخرى فرفضت المدرسة التي أريد نقل ابني إليها بحجة أن طليقي هو الولي الطبيعي وله الولاية التعليمية على الولد ولابد أن يحضر بنفسه لنقله، ولقد تعبت حتى عرفت عنوانه بعد الطلاق ثم فوجئت أنه قد قدم هجرة إلى كندا وترك البلاد إلى غير رجعة ، فمن أين آتي به بعد الطلاق؟

الولى الطبيعى

ويعلق المستشار سامح محمد عبد الحكم - رئيس محكمة استئناف طنطا - على هذا الموضوع قائلا : الولاية التعليمية لا تفيد إلا حين نقل الصغير من مدرسة إلى مدرسة أخرى وقد تشترط بعض المدارس وجود الولي التعليمي للصغير عند التقديم له في المدرسة .

ولقد نص قانون الطفل لسنة 2008 على أن الولاية التعليمية تكون للطرف الحاضن وغالبا ما تكون الأم في المادة 54 منه ، ولكن بعد ثورة 25 يناير بدأ الآباء بعمل شكاوى ومظاهرات يطالبون فيها بنقل الولاية التعليمية إلى الأب بحجة أن الأب هو الذي ينفق ويجب أن يعلم كل رجل ابنه على قدر استطاعته .

في حين تشترط بعض الأمهات إدخال الطفل مدارس خاصة بمصروفات عالية عادة لا تناسب دخل الأب ، وفي يوليو عام 2011 قرر مجمع البحوث الإسلامية برئاسة شيخ الأزهر أن الولاية التعليمية للصغير تكون للأب وبالتالي ألغي قرار عام 2008 بموجب اتفاقية الطفل.

وقرر مجمع البحوث ذلك نظراً لأن الولاية الطبيعية من ولاية على النفس والمال من حق الأب فبالتالي وقياساً عليه فإن الولاية التعليمية تكون له وهو الذي يتولى الإشراف على شئون القاصر من تأديب وتعليم وتزويج.

ومع الأسف تضررت الكثير من الأمهات من هذا القرار فصدر قرار عن مجمع البحوث الإسلامية يقول فيه : إذا ارتأت الأم نقل الصغير إلى مدرسة أفضل أو إلى مرحلة تعليمية أخرى واعترض الأب فعليها أن توقع أمام القاضي أنها هي التي ستتولى الإنفاق على الصغير ودفع فارق المصاريف.

التنازل لا يجوز

ويضيف الأستاذ سمير حنفي المحامي : لا يجوز التنازل عن الولاية التعليمية حتى ولو برضا الأب لأن الولاية التعليمية قد أصبحت بنص القانون للأب ، كما لا يجوز له عمل تفويض للأم في ذلك ، ولكن يمكن أن تحل هذه المشكلة على أن يقر أنه ترك الولاية التعليمية للأم في محضر رسمي بقسم الشرطة ثم يذهب معها إلى المدرسة ليقر بهذا المحضر أمام مديرة المدرسة وهذا هو الحل الوحيد.

الولاية لمن؟

ويقول د. محيي سليم - وكيل كلية الحقوق جامعة المنوفية - : إن الولاية الطبيعية للأب وكذلك الولاية التعليمية وهذا شرعاً وقانوناً صحيح، كما يحق للولي الطبيعي إجبار الفتاة القاصر على الزواج كما يحق له أن يتنازل عن ممتلكات الصغير لنفسه ، هذا هو القانون فإذا مات الأب تنتقل الولاية للجد الصحيح أي أب الأب ، مع العلم أنها لا يمكن أن تنتقل للجد من الأم .

ويمكن للقاضي أن يحكم للأم بالولاية إذا رفعت قضية أثبتت فيها عدم أهلية الأب أو الجد سواء بسبب الجنون أو الاتهام بقضية مخلة بالشرف أو إذا كان مسجوناً أو أثبتت أنه مدمن مخدرات مثلاً.

كذلك إذا طالبت الأم بمستوى عال ٍ من التعليم للطفل فعليها أن تثبت أن دخل الأب يزيد على مصاريف هذه المدرسة وإذا كان رجل أعمال فعليها إثبات ممتلكاته من الضرائب مثلا ، وفي كل الأحوال فإن القانون لا يعطي الأم الولاية التعليمية على الصغير حتى ولو تنازل عنها الأب بمحض إرادته  

 

المصدر: مجلة حواء-سمر عيد

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

22,098,152

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز