كتبت:ايمان العمرى
السعادة ضوء شارد يخطف الأبصار ، فيجرى الجميع خلفه محاولين الإمساك به ، والتمتع بسحره ، لكنها دائما ما تكون لحظات قصيرة بعدها نعود نبحث عن الفرح في أي شيء حتى ولو كان بسيطاً .. لكن هل السعادة هي هدف الإنسان بمفرده أم أن الإنجاز الحقيقي لأي بلد هو تحقيق السعادة لشعبها..
هذا ما أقرته الأمم المتحدة في دورتها ال66 وبذلك حددت 20 مارس يوماً عالمياً للسعادة احتفلت به الدول كلها .. لكن يظل السؤال هل بالفعل أحوال البلاد هي التي تجلب السعادة أم أن تلك المشاعر نابعة من قلب الإنسان >>
يجيبنا عن ذلك أحمد ماهر - محام - ويقول : السعادة هي مزيج من الخاص والعام ، وتلعب الفروق الفردية بين الأفراد دورها في درجة شعور كل إنسان بالسعادة ، لكن من المؤكد أن ظروف المجتمع ، وأحوال البلاد من العوامل المؤثرة بدرجة كبيرة جداً في أن يتمتع الفرد بالسعادة ..
فالحكومات لها دورها الواضح في تحقيق السعادة لشعوبها من خلال توفير مستوى معيشي معين يكفل كرامة الفرد ، ومن خلال تطبيق برامج تجعل كل شخص في المجتمع يشعر بأنه يعمل أشياء مفيدة ، وأن له دوره الذي يؤديه ، وليس مجرد آلة تعمل "اليوم بيومه " كيف نشعر بالسعادة وسط عدم الاستقرار " بهذه العبارة تبدأ ماجدة عبد المجيد مدرسة كلامها ، وتستطرد موضحة أن عدم استقرار المجتمع ، وانتشار الانقسامات والخلافات بداخله كل ذلك ينعكس على الأسرة التي تصبح مسرحاً لمثل هذه الخلافات مما يؤثر سلباً على الحالة النفسية لكل أفرادها ، وتضيف مؤكدة على الدور الذي يلعبه العامل الاقتصادي في شعور الفرد بالاستقرار، مما ينعكس على حالته المزاجية ، والنفسية ، وعلى ذلك فالسعادة في الأساس هي مسئولية المجتمع.
المؤشرات المادية لا تكفي
" من المفترض أن هدف كل دولة السعي لسعادة شعبها " بهذه العبارة تبدأ حديثها أ . د شفيقة ناصر أستاذ الصحة العامة بقصر العيني ، وعضو مجلس الشورى السابق وتقول: حتى نهاية ال70 من القرن الماضي كانت الأمم المتحدة تضع معايير مادية لقياس تقدم الدول ، لكن وجد أنها لا تكفي ، فتم التنمية البشرالأخذ في الاعتبار معيار التنمية البشرية ، ومع بداية القرن ال21 نادى بعض من المفكرين بضرورة وضع معيار آخر وهو الرضا والسعادة بحيث يكون هدف كل دولة رفع مؤشر الرضا والسعادة لدى شعبها وذلك من خلال عدة مؤشرات منها الحريات ، وضع المرأة .. المسكن المناسب، البيئة، وغيرها من المؤشرات التي من المفترض أن تحقق الرضا والسعادة للفرد ...
وتضيف د.شفيقة مؤكدة على مؤشر الحالة الصحية كأحد مؤشرات السعادة فمثلاً إذا كان من الأهداف زيادة متوسط عمر الفرد ، فيجب أيضاً العمل على أن يصل الشخص لهذا العمر بأقل قدر من الأمراض حتى يستطيع التمتع بقدراته الذهنية والجسدية مما يجعله يشعر بالسعادة كذلك على الدولة أن تعمل على أن يتمتع أفرادها بالمستوى الصحي المناسب حتى يتمكنوا من الاستمتاع بحياتهم ، وهنا تظهر ضرورة تحسين الحالة الصحية ، والغذائية للأفراد ، والعمل على أن يتجنبوا الإصابة بالأمراض ، وهذا ليس مسئولية وزارة الصحةوإنما لابد من وجود منظومة متكاملة من الأمن ، والمستوى الاقتصادي ، والبيئي ...إلخ لذلك لابد من نربى الأجيال على مفاهيم جميلة تجعلهم يستمتعون بحياتهم ، ويدخلون السعادة على من حولهم
دعوة لكل البشر
ومن مؤشر الصحة إلى مؤشر آخر يرتبط بالسعادة وهو الرياضة ، ويحدثنا عنه أ/د مسعد عويس رئيس لجنة التربية البدنية والرياضة بالمجلس الدولي للصحة والتربية البدنية والترويح والفنون الشعبية ويقول : الرياضة تجلب السعادة من خلال المنافسة الشريفة ، وما تنشره من روح رياضية سليمة تنشر المحبة والسعادة ، لكن ما نشاهد من ظواهر غير أخلاقية فهي بعيدة عن المجال الرياضي ، وعن مجتمعنا المصري كله الذي يؤكد تاريخه حبه للتكافل ، والتسامح وهما مصدر السعادة في أي مكان وزمان "
ويستطرد ذاكراً أنه ينتهز فرصة اليوم العالمي للسعادة الذي احتفل العالم به مؤخراً في دعوة كل البشر خاصة مواطني الدول المتقدمة في أن يعمل كل فرد على ادخال السعادة على نفس أخ له في البشرية ، فالعالم الآن هو قرية صغيرة ، فمن السهل أن يتواصل كل البشر لينشر كل واحد منا السعادة ، وبذلك يسود الحب والتسامح بين الشعوب ...
وتعلق على هذه القضية أ.د زينب شاهين أستاذ علم الاجتماع وخبيرة قضايا الأسرة والمرأة وتقول" هناك بعدان للسعادة الأول موضوعي بعنى أنه لايمكن أن تتحقق السعادة للفرد دون أن تتم اشباع حاجته الاساسية والضرورية من مأكل ومسكن ، وغيرها من الضروريات أما البعد الثاني فهو شخصي ، وهنا يختلف مفهوم السعادة من فرد لآخر وفق المستوي الأقتصادي والحضاري ، والتعليمي ...وغيرها من العوامل التي تجعل كل واحد يجد سعادته في شئ خاص به مثل السعادة في المال ، السيطرة ، الأولاد ... إلخ... لكن إذا تركنا هذا المستوى سنجد أن المجتمع بكل مؤسساته هو المسئول عن تحقيق البعد الموضوعي للسعادة من خلال اشباع الحاجات الضرورية والأساسية لأفراده
قرار بالسعادة
لكن إذا سددت جميع الأبواب ، ولم يهتم أحد لا على مستوى الدول ، ولا على مستوي البشرية بادخال السعادة على قلب الغير ، فهل يمكن للفرد أن يتخذ هذه الخطوة ؟!
تجيبنا عن ذلك آمال عطية خبيرة التنمية البشرية وتقول " السعادة قرار بمعني أنه مهما اقنعت الشخص بأن ما يسبب له التعاسة شيء هين ، وأنه عليه أن يتمتع بالسعادة في حياته ، فهو لن يقتنع إلا إذا قرر هو نفسه أن يكون سعيداً ، وبعد ذلك هناك مجموعة من الخطوات لتفعيل هذا القرار ...
في البداية يكون التفكير في تحقيق التوازن في كل مجالات الحياة ، فيسأل الشخص نفسه " أنا فين ؟! وعايز أكون فين ؟!" وذلك في جميع علاقاته الإنسانية ، والروحانية ، وبعد ذلك يبدأ في وضع خطط لحياته كلها ... وعندما يحقق انجازاًعليه أن يقيمه ، وعندما يكون في أعلى المراحل الايجابية يبدأ في تلك اللحظة وضع كل السناريوهات للعقبات والاخفاقات التي ممكن أن تواجهه حتى إذا واجهته يستطيع التعامل معها بعيد عن أي إحباط...
وتضيف أن على كل انسان أن يدخل دائما إلى عقله الباطن المؤشرات الايجابية والتفائل ، فالعقل الباطن هو الذي يوجه الإنسان، ويجعله ينجذب في هذه الحالة لكل ما هو ايجابي ، ويبتعد عما يسبب الاحباط والكآبة
ساحة النقاش