كتبت:هدى الكاشف
الناظر فى واقعنا بعين البصيرة يجد الأسرة المسلمة مستهدفة من أعداء الإسلام، حتى غدت حائرة بين هداية الإسلام وغواية الشيطان . من أجل هذا نجتهد فى طرح بعض الأحكام الفقهية التي يكثر التساؤل حولها بضوابطها التأصيلية من الكتاب والسنة
> ما المراد من قوله تعالى (المال والبنون زينة الحياة الدنيا ) ؟ وما علاقة ذلك بقوله ( إنما أموالكم وأولادكم فتنة ) ؟
سبحانه حينما أشار إلى أن المال والبنون زينة أى أنهما نعمتان من كماليات الحياة وليسا أساس فعال لإقامتها ، بل هما عرض زائل ، ومتاع حائل ، فلا يفتخر بهما ، لأنهما فضل منه تعالى على عباده ، فلا مجال للغرور بهما ولا البطش والعدوان لأن ذلك يؤدى إلى ذهاب تلك النعم ، حتى لا تتسبب فى الأذى للآخرين .
ولكن يجب شكر نعمه تعالى بالأعمال الصالحة والقرب منه تعالى بكثرة الذكر وإتمام العبادات ، لذلك أعقب المولى عز وجل قوله (المال والبنون زينة الحياة الدنيا ) بقوله ( والباقيات الصالحات خير عند ربك ثواباً وخير أملا ) .
أما كونه تعالى قدم المال على البنون لأن جميع الناس قد يُعطون المال ولكن ليس جميعهم يُعطون البنون ، فمنهم العقيم الذي لا يستطيع الإنجاب ، كما أن هناك من يفضل المال على البنون إذا خُير بينهما والله تعالى أعلم بعباده ، أما عن كونها فتنة فى قوله تعالى (إنما أموالكم و أولادكم فتنة والله عنده أجر عظيم ) ..فتلك الفتنة جعل المولى عز وجل المخرج منها فى الآية التالية مباشرة فقال سبحانه (فاتقوا الله ما استطعتم ) أى أن فى التقوى الخلاص من الوقوع فى الفتنة ، والتى تأتى بالإخلاص فى تعاطى تلك النعم والتعامل من خلالها بكل ما أوتى المسلم من استطاعة وعزيمة تثبيته على طريق التقى الإيمانية المصوبة لأخطائه الراشدة للطريق المستقيم ، فلا يضل فى الدنيا ولا الآخرة .
خصوصا إذا تدبر قوله تعالى ( يا أيها الذين آمنوا إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم فاحذروهم ) وحتى نحذر أن يتحول أولادنا إلى أعداء لنا يجب علينا على الأقل ألا نفرق بينهم فى الحقوق المادية والمعنوية فلا تقطع أواصر وعُرى المحبة بيننا وبينهم ، ولا بينهم وبين بعضهم ، مما يؤدى إلى قطع الأرحام والحقوق الذى يتسبب فيه الآباء أحيانا ، ولذلك قال المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ ( رحم الله والدا أعان ولده على بره )،وعلمنا المولى عز وجل أنه المقسم للأرزاق ، ونجد ذلك فى أبنائنا فمنهم من رزقه الصحة ومنهم من رزقه المال أو العيال أو العلم ، لذلك فما علينا إلا المساواة بينهم حتى فى القبلات متدبرين قوله تعالى ( نحن قسمنا بينهم معيشتهم فى الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات )..ومن ذلك أيضاً ما روى عن المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ من حديث النعمان بن بشير الذى قال : أعطانى أبى عطية فرفضتها أمه ، حتى يشهد عليها رسول الله ، فلما أشهده قال المصطفى أعطيت سائر ولدك مثل هذا ؟ قال لا ، فقال ( اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم ) فرجع أبيه ورد العطية ، وسبحانه القائل (آباؤكم وأبناؤكم لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعاً ) وقوله ( لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله ومن يفعل ذلك فأولئك هم الخاسرون ) {
ساحة النقاش