كتب-محمد الحمامصى
يكشف تحليل خطاب الكثيرين من رموز وقيادات جماعات وتيارات الإسلام السياسي، اللغوي والأسلوبي والمضموني، عن جهل فاضح بشئون إدارة دولة وأمة عظيمة كمصر، ومجتمع مهما بلغت به الأوضاع المتردية فهو يتمتع بإدراك ووعي فطريين، كون هذا الخطاب يتجاهل أو يجهل قواعد وأصول السياسة والدبلوماسية من جهة، ومبادئ وقيم الدين وحقوق المواطنين، وقواعد وأصول اللغة ومفرداتها، وطبيعة المتلقين وردود أفعالهم وتفسيراتهم، ويحمل في طياته »فتونة« لا تليق إلا بالدهماء والمشاغبين ومن تدرجهم الشرطة تحت مسمى »مسجل خطر«.
وعلى الرغم من ادعاء هؤلاء المعرفة بالدين بل يرون في أنفسهم أولى أمره ومالكي ناصيته، لكن يبدو أنهم مجرد حفاظ لا يفقهون ما يقرأون أو يستمعون إليه، ويرددون ما ينطبع في ذاكرتهم دون وعي أو فهم أو سؤال حول صحته وكذبه، ويعيدونه كالببغاوات دون تفرقة بين طبيعة هذه المناسبة أو تلك، حيث يفضح خطابهم أيضا استغلالا ومتاجرة فجة بالدين.
وقد أدى هذا الخطاب إلى تلك الفوضى العارمة التي عليها مصر الآن، فمنذ أطلق سراح هؤلاء وصاروا يتحدثون فيما لا يعنيهم من أمور تمس بنيان الدولة كالقانون والقضاء والمخابرات وأجهزة الأمن والجيش والإعلام، جرى ما جرى ويجري من تخبط فتح الطريق للعبث والتجرؤ والتهجم على أركان الدولة.
الخطاب لم يكتف بذلك بل امتد إلى التحريض على العنف والانتقام والانقسام والفوضى، فرأينا تلك الجرائم التي يندى لها الجبين، ولا تتفق مع المبادئ الإنسانية والأخلاقية، وتعمد إلى تشويه صورة المصريين وتنال من إسلامهم، أن تقع 13 حادثة قتل وذبح وتمثيل بجثث أصحابها وحرقهم وتقطيعها وتعليقهم كالذبائح في ظرف أقل من شهر واحد، فهذا يؤكد أن هذا الخطاب الذي علت نبرة الإرهاب فيه يعمد إلى المزيد من تمزيق النسيج المجتمعي، ويدفع إلى المزيد من عدم الاستقرار، وأظن أن تراجع مصر إلى المركز الـ 140 بين 140 دولة في مؤشر الأمن والأمان لا يحتاج إلى إيضاح.
الإشكالية أنه كما يقال، مع الفارق بالطبع، توزع دم المصريين بين خطابات شيوخ قبائل مدعي ومزيفي الإسلام السياسي، فهؤلاء الكذابون والمنافقون العالقون بقشور الإسلام وشريعته، وينطبق عليهم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم آية المنافق ثلاث : إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا أؤتمن خائن وفي رواية أخرى وإذا خاصم فجر، يعلقون كذبهم ونفاقهم وخراب أفئدتهم وضمائرهم على شماعة التآمر والأصابع التي تلعب في الخفاء والإعلام الهدام، وقد انعكس ذلك على نظرة العالم فأصبح الجميع يرهن مجيئه للاستثمار بتحقيق الأمن والأمان والاستقرار ووضوح الرؤية في إدارة البلاد.
يظنون أن أساليب وطرق العمل في سراديب الظلام والجحور والتي استخدموها على مدار تاريخهم صالحة لكل زمان ومكان وبشر، وهو بأس الظن، لأن حقائق ووثائق الفشل والتردي متجلية كالشمس لا ينكرها إلا أعمى، ولأن الأجيال الجديدة غير قابلة لطمس حريتها وقدرتها على الرؤية، غير قابلة لمبدأ السمع والطاعة الذي يرفضه كل ذي عقل وفؤاد سليم.
النور قائم وقادم شاء من شاء وأبى من أبى حرق وسوف يحرق الظلام
ساحة النقاش