كتبت:نجلاء ابو زيد

اعتدت تلبية طلبات من حولى : أبنائى ، زوجى ، والدتى ، والدى ، القيام بمسئوليات عملى وشراء احتياجات البيت والمذاكرة للأبناء ، دائما موجودة عندما يريدنى الآخرون ، لكنى وسط الزحام أشعر بالملل وأننى لم أحقق شيئا لنفسي ، لا أجد من يهتم بى، فوقتى للآخرين ووقتهم لأنفسهم ، لا أعرف كيف استمتع ببعض الوقت دون أن يتهمنى الآخرون بالتقصير فى واجبى نحوهم ، أبحث عن إسعاد نفسى ولا أعرف كيف؟

كانت هذه شكوى امرأة ناجحة في حياتها العائلية لكنها لا تجد نفسها ، ولأن شكواها تفجر أزمة حقيقية لكثيرات ، قررنا البحث فى كيفية تدليل الذات ووضعها فى جدول الاهتمامات لنعرف كيف يمكن أن نسعد أنفسنا ، وأثر ذلك على المحيطين بنا ll

البداية مع أمل سالم - ربة بيت ومدرسة سابقة - حيث تقول : أشعر بملل فظيع وطلبت من زوجى قطع أجازتى والعودة لعملى كمدرسة لكنه يرفض وبشدة ، لأنه يعمل بالخارج ويرى أن الأولاد يحتاجوننى ووصل الأمر للتهديد بالطلاق إذا أصررت على طلبى وأمام هذا رضخت.

لكن زادت عصبيتى مع أولادى ولم أعد أطيق أداء أى شىء فى البيت ، أشعر أن كل من حولى حياتهم تتغير وحياتى واقفة ، وبينما أعانى هذه المشاعر خرجت بلا هدف وسيرت بالسيارة لفترة حتى توقفت أمام أحد دور الأيتام وقررت الدخول للتبرع وبعد أن دخلت تحولت حياتى لأننى شعرت أن هذا المكان سيكون مكانى الخاص ، وفعلا كلما شعرت بضيق أخذ السيارة وأقضى هناك ساعات ثم أعود وأنا فى قمة السعادة حتى أولادى يشعرون أننى تغيرت للأفضل ، ومشكلتى أننى أفعل هذا دون علم زوجى حتى لا يرفض ويحرمنى من هذا العالم الذى يشعرنى بذاتى.

الكوافير والألوان

شرين فؤاد - بكالوريوس تجاره - تقول: الست اللى ماتفكرش فى نفسها محدش هايفكر فيها فأنا متزوجة منذ خمس سنوات وعندى بنت واحدة وحياتى فاضية لأنى لا أعمل ولكنى أحب جدا التغيير وأشعر بالسعادة والأمل كلما ذهبت للكوافير وغيرت لون شعرى وقصته ، وبالرغم أننى محجبة إلا أننى أتفاءل بتغيير لون شعرى وأقف أمام المرايا وأشكر نفسى.

بعد أن ينام الجميع أكتب مذكراتى فأهداء وأنام ..هكذا تحدثت آمنة محمود - موظفة - عن طريقتها فى إسعاد نفسها وأكملت قائلة : أنا مشغولة جدا بين عملي وبيتي لكنى بدأت أشعر بالملل وبأنى مربوطة فى ساقية ونصحتنى زميلة بالكتابة كل يوم لما ضايقنى وأسعدنى وفعلا ، بدأت أفضفض على الورق ولأننى أكون مرهقة أجلس نصف ساعة للكتابة وأنام ، ومرة كتبت اننى أريد أن آخذ ساندوتش شاورمة وأتفرج على المحلات وفعلت ذلك وكنت فى منتهى السعادة

قعدة صحاب

وقت الفيسبوك مع أصدقائى ساعة من الانطلاق الالكترونى كل أسبوع ممنوع فيها أن يطلب منى أحد شىء ، هكذا بدأت رشا فهمى - ربة بيت حديثها - وقالت: وقتى كله لأسرتى وأسعد بهذا لأننى كنت دوما أبحث عن عالم خاص بى وفعلا وجدته عندما أخبرتنى إحدى الصديقات بوجود جروب للدفعة وانضممت له وبدأنا نخصص وقتاً كل أسبوع للحديث عن أنفسنا وماذا فعلت بنا الأيام وأصبح هذا الوقت عالماً خاصاً بى استعد له بالنسكافيه الخاص بى وأجلس وكأننى خارج البيت ، فى البداية لم يقبل زوجى وأولادى هذا الأمر ولكن عندما لمسوا ما يتركه على من أثر إيجابى شجعونى عليه وتفهموا احتياجى له

القرآن والجيران

السيدة هبه محمد - ربة بيت - تقول يعود زوجى متاخرا من عمله ليأكل وينام والأولاد يذاكرون أو فى الدروس وأنا أمام التليفزيون ، كان هذا نظام حياتى اليومى وقد بدأت فعلا أشعر بالملل وأننى تائهة وأن كل ما درسته فى الجامعة نسيته وأثر ذلك على مظهرى وزاد وزنى من الجلوس لساعات أمام التليفزيون .

حتى اقترحت علينا إحدى الجارات أن نحفظ القرآن الكريم مرة فى الأسبوع ونستغل وجود الأولاد فى المدرسة والأزواج فى العمل وبدأت حياتى تتغير وأصبح اليوم موعداً مع السعاده وبدأت كل واحدة تصنع صنف حلو للآخريات وبدأنا نتنافس فى الحفظ وقلت فترات جلوسى أمام التليفزيون ، بدأت أشعر أننى أسعد نفسى وأقوم بشىء لأجلها

وإذا كانت هذه بعض الطرق التى اكتشفتها النساء لامتاع أنفسهن وإسعادها فإننا مع المتخصصين سنعرف أهمية أن تفكر المرأة فى إسعاد نفسها .

انا والآخرون

د.زينب شاهين - استاذ علم الاجتماع - تتحدث قائلة : لقد رسم المجتمع الشرقى صورة محدده للمرأة وبمضى الزمن تطورت الصورة وزادت مساحة الحرية الممنوحة لها ولكن دوما بشرط ألا تتعارض مع تلبية طلبات واحتياجات المحيطين بها ، لذا اعتادت المرأة أن تلبى احتياجات الجميع دون أن تفكر وماذا أحتاج أنا ، وماذا يسعدنى؟ حتى فى عملها كثيرا ما تمارس عملاً لا تحبه لكن من أجل ما يدره عليها من دخل .

و مع زيادة الأعباء ومضى الزمن تفاجأ بحالة من السخط تنتابها وتجعلها تشعر أن حياتها مضت دون أن تستمتع وهنا إما تكمل وهى ناقمة مما يجعلها غير ناجحة أو تتوقف عن عمل أى شىء أو تبحث عن شىء يسعدها هى لتمارسه ، لكن عاده تفاجأ أن المجتمع يسلبها هذا الحق ويحاسبها فإذا أرادت ممارسة رياضة يسخرون منها وإذا أرادت الخروج مع صديقتها خاصة وإن كانت غير عامله يسخرون منها أيضا .

لذا على المرأة ألا تفكر فى آراء الآخرين كثيرا ولتضع لنفسها أهدافاً واضحة ولتفعل شىء تحبه يسعدها ولو كان تناول ايس كريم ،فالمرأة تحتاج أن تسعد نفسها بأشياء بسيطة وعلى فترات متقاربة حتى لا تأتى لحظة تدمر فيها حياتها بسب الشعور بالملل وعدم إيجاد النفس.

طريق السعادة

وسائل الترفية

موتتفق معها آمال عطية - خبيرة تنمية بشرية - فتقول : علينا أن نتفق أولا على أن السعادة داخلنا لكنها كالبذرة داخل الأرض إن اعتنينا بها انتجت ثمارا وإن لم نرعها ستظل داخل الأرض لا يشعر أحد بوجودها والمشكلة أن معظم النساء سعادتهن معتمدة على العامل الخارجى فقط ، كإنجاح الأبناء وتقدم الزوج فى عمله وهذه الأشياء لها فعلا أهمية فى وجود السعادة لكنها تمثل وجهاً واحداً من أوجه السعادة وإذا اختلت بنفسها تجد حالة من الملل والتعاسة حتى ولو لم يكن ينقصها شىء.

بل الأكثر من ذلك هو إحساسها بأنها أصبحت ليس لها قيمة غير أنها خادمة للجميع وتكرر هذه الكلمة كثيرا على عقلها الباطن مما يكون له أثر سلبى على آدائها المنزلى وهنا عليها أن تدرك أن للسعاده وجهين متكاملين : وجه خارجى ، وآخر داخلى يبدأ ببناء الذات ليكون مصدراً للسعادة المستمرة ، وعليها أن تدرك أن عدم شعورها بطعم الحياة عامل أساسى للشجارالمستمر مع الزوج والأولاد ، وعليها لتبنى ذاتها أن تبدأ بالاهتمام بمظهرها وعقلها حتى يتم تغيير الصورة الذاتية السلبية عن ذاتها أمام ذاتها .

بعد ذلك تقوم بتحديد أدوارها فى الحياه وألا تنسى دور الأنثى وتحدد أولوياتها فى كل دور وعليها ألا تحمل نفسها بمهام أكثر من تحملها حتى لا تصاب بالإحباط عند تقييم الذات ، وفى ترتيب الوقت عليها أن تخصص وقتاً لنفسها تهتم فيه بما يسعدها هى ولو حاول أحد التحقير من هذه الاهتمامات لا تلقى له بالاً ، كذلك عليها أن تكتب ماذا فعلت اليوم ، وهل حققت كل المهام لتى حددتها ، وبعد ذلك تسترجع موقفاً سبب لها بعض الضيق وتناقش نفسها ولتبدأ بالنظر للسلبيات التى مرت بيومياتها وكيف تحولها لإيجابيات .. وأخيرا عليها تخصيص وقتا يوميا مع زوجها فقط

سعادة الأسرة

ويختتم التحليل د. سعيد عبد العظيم - استاذ الطب النفسى واستشارى العلاقات الزوجية - قائلا: إسعاد المرأة لذاتها له أكبر الأثر على سعادة الأسرة بأثرها ، فكلما زادت الضغوط على المرأة وحرمتها من فعل شىء له خصوصية تسعدها، تأثر سلبا آدائها فى البيت وعلاقتها الخاصة مع زوجها ، وعلى العكس كلما كان لها عالما خاصا تقوم فيه بفعل شىء يشعرها بأن لها قيمة وليست فقط زوجة وأم ، زادت كفاءتها فى مهامها الأسرية وأكد على أهمية مساعدة الزوج لزوجته فى إيجاد ما يسعدها لأن الزوجة عندما تصاب بالملل ربما يتطور الأمر للاكتئاب واختفاء السعادة من البيت كله وكما تفكر فى كل المحيطين بها عليها أن تفكر فى نفسها قبل لحظة انفجار قد تطلب فيها الانسحاب من كل المسئوليات لأنها لا تجد نفسها ، وأكد على أهمية تدليل الذات كلما واتتها الفرصة وأن يكون ذلك على فترات متقاربة دون أن تهتم برأى الآخرين لأنها إذا استجابت لهم ونسيت نفسها فإنها ستسبب لنفسها الآما نفسية قد تتحول لآلام جسمانية ، فالسعادة ليست رفاهية لكنها تمنحنا طاقة إاسعاد الآخرين  

 

المصدر: مجلة حواء-نجلاء ابو زيد

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

22,807,753

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز