من القوانين إلى التقاليد

لابد للعنف أن ينتهى

بقلم :أمل مبروك

العنف ضد المرأة امتهان للكرامة الانسانية وخروج على الشرائع السماوية وخرق للمواثيق الدولية .. هل هناك من يختلف مع هذا المبدأ ؟ للأسف رغم سعي المرأة وجهادها ووقوفها إلى جانب الرجل وحاجة المجتمع إلى دورها في الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية، فإن العنف ضدها يظهر جليا في مختلف قطاعات المجتمع بغض النظر عن الطبقة والدين والثقافة، وكثيرا ماتتنوع دوافع العنف وأنواعه من مادي إلى معنوى .. ومن طرف جماعة إلى فرد .. ومن متعمد إلى عفوى .

ورغم كل ما حققه الإنسان من تقدم على كافة الأصعدة والمجالات الحياتية، فإن هذا التقدم لم يستطع أن يهدي إلى البشرية الحب والرفق والألفة، إذ مازال هناك الكثير من مظاهر الهمجية والجاهلية الحاكمة في العصور الغابرة عالقة ومترسخة في النفس البشرية وكأنها تأبى أن تنفض ذلك عنها، رغم تغير الرداء الذي ترتديه.

و ظاهرة العنف عامة هي من هذا النوع الذي يحمل هذا الطابع، إذ إنها تهدد المنجزات التي حققها الإنسان خلال السنوات الماضية، والأسوأ من ذلك كله عندما يتعدى ويمتد هذا العنف إلى المرأة .

وهناك من يعتقد أن العنف هو لغة التخاطب التى يمكن استعمالها مع الآخرين حين يحس المرء بالعجز عن ايصال صوته بوسائل الحوار العادي، ولكنه يأتي مع المرأة اللغة الأولى للتخاطب معها كما يستخدمه البعض وكأن الآخر لا يملك لغة أخرى لاستعمالها، ليجعل من هذا العنف كابوسا يخيم على وجودها، ليشل حركتها وطاقاتها، ويجعلها أطلال من الكآبة والحزن والخضوع.

الجهود كثيرة ولكن

إذا نظرنا إلى الجهد الدولي في مواجهة العنف سنجد أن ميثاق الأمم المتحدة الذي اعتُمِد في سان فرنسيسكو في عام 1945 يعد أول معاهدة دولية تشير في عبارات محددة إلى المساواة بين الرجال والنساء في الحقوق، وأكد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان فى عام 1948 رفضه التمييز على أساس الجنس وكذلك رفضه للعنف ضد المرأة من أجل إنصافها ورفعها من حالة الدونية والارتقاء بها الى مستوى المساواة وعدم التمييز، وتبنى العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية فى 1966 نفس الموقف وتبعته اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة فى 1979.. التى أطلق عليها "السيداو" ودخلت حيز التنفيذ في سبتمبر 1981 كاتفاقية دولية بعد أن صادقت عليها الدولة العشرون. وبحلول الذكرى السنوية العاشرة للاتفاقية عام 1989، كان ما يقرب من مائة دولة قد وافقت على الالتزام بأحكامها.وبلغ عدد الدول التي انضمت إليها 171 حتى عام 2002.

العلاج جذريا وتدريجيا

بما أن ظاهرة العنف ضد المرأة ظاهرة قديمة وكبيرة الاتساع، فلا نتوقع أن يكون حل هذه الظاهرة أو علاجها آنيا أوفى فترة قصيرة. وإنما لابد أن يكون جذريا وتدريجيا من أجل القضاء عليها أو الحيلولة إلى إنقاصها بأكبر قدر ممكن. وذلك عبرالرجوع إلى الشريعة الإسلامية التي تعطي للمرأة كامل حقوقها وعزتها وكرامتها، كما تقدّم لها الحماية والحصانة الكاملة.. قال تعالى:"ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف"، "وعاشروهن بالمعروف"، وينظر إليها كإنسانة لها ما للرجل وعليها ما عليه، وأنها مساوية له في جميع الأحكام إلا ما خرج بالدليل، وقد أثبتت التجربة أن القوانين الوضعية لم تتمكن من إعطاء المرأة حقوقها وحمايتها، وإن كانت ترفع الشعارات لصالحها.

لذا لابد من تطبيق هذه القوانين الإسلامية من قبل المسئولين كالحكومات والمؤسسات والمتصدين للأمور، ومعاقبة من يقوم بالعنف ضدها، كي تشعر المرأة بالأمن والأمان وهي في البيت، أو العمل أو الشارع

ولابد من توعية المرأة بحقوقها، وكيفية الدفاع عنها، وإيصال صوتها، وعدم التسامح والتهاون والسكوت عند سلب حقوقها، وصناعة كيان واعي ومستقل لوجودها.

ومن ناحية أخرى من الضرورى نشر هذه التوعية في المجتمع الذكوري أيضا، عبر نشر ثقافة احترام وتقدير المرأة التي تشكل نصف المجتمع بل غالبيته، وذلك من خلال الدور الذى تلعبه وسائل الإعلام المرئية والمقروءة والمسموعة في بث العديد من الثقافات إلى المجتمع سلبا أو إيجابا.

وأخيرا.. فان مشروع قانون حماية المرأة من العنف الذى يقوم به المجلس القومى للمرأة ما هو إلابداية مشوار العلاج حتى تتغير العقلية والرؤية العامة تجاه المرأة، وتصبح المرأة إنسانا ذا كيان، وذا اعتبار ثابت لايمكن في أي وقت التنازل عن حقوقه والتضحية عن مكتسباته.

وإن أهم التحديات التي تواجه وقاية المرأة من العنف وتهددها هو الفرق بين ما يقال وبين ما يمارس، فهناك كلام كثير يقال عن المرأة، لكن ما يمارس يختلف ويناقض ما يقال، فمن المهم إذن أن يتطابق القول والممارسة في معاملة المرأة

المصدر: مجلة حواء -أمل مبروك

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,783,649

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز