كتبت: ايمان الدربى
ومازالت مشكلة شق رحم الصغير مطروحة بين شد وجذب طرفي النزاع الحاضن وغير الحاضن له ولتبقي نقاط العوار كثيرة بالقانون المنظم للعلاقة بين الطرفين وليبقي ثمانية ملايين طفل مصري يعانون أشد المعاناة بعد طلاق أبويهما .
مشاكل هؤلاء الأطفال وحقهم في العيش بطريقة سوية هي موضوعنا .. >>
" إن خلو القانون من عقاب يوقع علي الأطراف الحاضنة التي تمتنع عن تنفيذ أحكام الرؤية كاملة كارثة بكل المعايير" هذا هو بداية حديث الأستاذ أحمد عبد الدايم - رئيس إئتلاف مكافحة الخلل بقانون الرؤية - وأضاف أن الخلل مازال باقيا.
فخلو القانون من عقاب للطرف الحاضن وهي غالبا الأم عند امتناعها عن إحضار المحضون إلي مكان تنفيذ الرؤية سوي حكم بانتقال الحضانة مؤقتا لمدة شهر إلي والدة الحاضنة والتي تقيم في الغالب معها بالمنزل شيئا غريبا، وأقترح تغليظ العقوبة في هذه الحالة ليصبح انتقال الحضانة مؤقتا لمدة ستة شهور إلي إحدي نساء الطرف غير الحاضن، ولتكن الجدة للأب أو العمات ثم أنه يجب تعديل القانون بحيث ينص صراحة علي أحقية كافة أهل المحضون العصبات في رؤية حفيدهم.
اخصائيون نفسيون
والتنبيه علي ضرورة تواجد أخصائيين اجتماعيين ونفسيين منتدبين من وزارة العدل بأماكن تنفيذ الرؤية يقومون بعمل تقرير معتمد يعتد به أمام محكمة الأسرة في حالة
ملاحظة ممارسات الطرف الحاضن السلبية أحيانا المشار إليها أثناء فترة الرؤية بحيث تستطيع الأطراف غير الحاضنة حفظ حقوقهم القانونية
سألته عن مكان الرؤية التي تتم أحيانا في مكان غير آدمي مما يرهب الصغار ويمنعهم عن التواصل مع الطرف غير الحاضن ؟
فأكد أنه يجب تعديل مكان تنفيذ الرؤية بالقانون بحيث ينص صراحة بأحقية الأب في اصطحاب صغاره إلي منزله أو إلي منزل العائلة ليتواصل الصغار مع كافة الأهل في مناخ أسري طبيعي .
مدة الرؤية
وأشارإلي مدة الرؤية والتي يجب تعديلها والتي تبلغ ثلاث ساعات وأنه يجب تعديل قانون الرؤية بحيث يتاح للأب غير الحاضن أو الطرف غير الحاضن عموما اصطحاب أولاده ليوم أسبوعيا بصفة دورية وأيام متصلة في الأجازات الصيفية ليتواصل مع أجداده وأعمامه في مناخ أسري طبيعي.
أما محمد سليمان - أحد الآباء الذين يعانون المشكلة- قال : لماذا هجوم أعضاء المجلس القومي للمرأة وجمعيات المطلقات المصريات علي مشاريع قوانين تصويب الخلل بمواد قوانين الأحوال الشخصية وبخاصة المادة 20 المنظمة لحق رؤية أطفال الطلاق والتعديل الجزئي الذي أجري علي حضانة الصغير والخاص بمد فترة حضانته إلي سن الخامسة عشرة؟
ثم يخير بين البقاء في كنف الحاضنة أو الانتقال إلي الأب غير الحاضن ،وبطبيعة الحال فإن نتيجة ذلك التخيير تكون محسومة سلفا
ويضيف أستاذ سليمان : ما الذي يضير الحاضنات المطلقات من وجود قانون يفسح المجال إلي التواصل بين الصغير وأهله غير الحاضنين ؟ أليست الجدات للأب والعمات من النساء اللائي من المفترض أن يحصلن أيضا علي نصيب في حقوق المرأة من باب صلة الأرحام ؟
فرض عقوبة
وأخيرا تحدث هشام محمد أحمد - رئيس رابطة الأباء المطلقين - عن خلو القانون من عقوبة ملموسة للحاضنة التي بيدها الصغير عند امتناعها عن تنفيذ حكم الرؤية كليا وجزئيا وبلغ العناد أقصاه عندما يقف الصغار أمام آبائهم بالأقسام والمحاكم للإدلاء بشهادات وقف تنفيذ أحكام الرؤية ترجع إلي رغبة الصغار أنفسهم لكراهيتهم رؤية الآباء.
وبعدها التقيت اثنين من الصغار في إحدي حدائق مدينة نصر أثناء ساعات الرؤية
تحدثت في البداية منار ذات السبعة أعوام بتلقائية قائلة: " رفضت فعلا مقابلة بابي لأني ديما باستناه بالساعات في النادي ولما بيجي بحس إنه غريب عني وديما بيزعل مامي ومبيدفعش كل المصاريف بتاعتي وبيقولها ديما كلام وحش بيزعلها وهي بتفضل تعيط بالساعات هي ونانا علشان كده أنا مش بحبه هو مش قادر يعرف إنه حتي لو هو ومامي سابوا بعض لازم يعاملها كويس علشان خاطري"!
في الحقيقة لفت نظري جدا كلام الصغيرة فرغم بساطته وتلقائيته إلا أنه به الكثير من الأمور التي تلخص الكثير من تفاصيل المشكلة.
تداعيات
ثم قابلت إحدي السيدات الحاضنات مني عبد الدايم- ربة منزل -عن هذا الكم الهائل من المشاكل المصاحبة للطلاق ورؤية الأولاد وأضافت..أنه يجب دراسة كل حالة علي حده من خلال متخصصين نفسيين واجتماعيين لأن مايمكن أن يطبق في حالة لايصلح لأخري وهناك آباء بالفعل لايذهبون لرؤية أولادهم وآخرون يسحبون أوراق أولادهم من المدارس نكاية في مطلقاتهم والبعض تزوج وأنجب بأخري ولايفرق له ابنه من مطلقته وكل مايريده مضايقتها والعناد معها.
بعدها تساءلت مروة - طبيبة أطفال - والتي تحدثت بانفعال وأسى قائلة : لا أنكر علي طليقي حقه في أبوة أولاده بعد الطلاق لكن إذا كان لا يصرف عليهم إلا بالعافية ودائم التنكيل والعناد معي ورافع قضايا ومجرجرني وأهلي في المحاكم و"حارق دمي ودم أهلي .. مش كفاية ضيع حياتي " عايز يضيع أولادنا كمان هل ده يرضي الله.
ثم إذا أخذ ابني نكاية في وهو في الآخر أبوه والولد في المدرسة أليس هذا كفيل بضياع مستقبله وأحيانا بيكون هناك أطفال صغار السن في احتياج ماس للأم ولايستطيعون الاستغناء عنها وخاصة الفتيات في سن محددة.
الدور الغائب
وتتحدث د. عزة كريم - أستاذة علم الاجتماع بالمركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية - عن قضيتنا قائلة : إن انحراف أبناء الطلاق يأتي نتيجة لغياب دور الأب في تقويم السلوك والرقابة والأم وحدها لاتستطيع تقويم سلوك الأبناء وتقويم شخصيتهم خاصة وهم في سن المراهقة والشباب، وأن تربية الأم وحدها غير قادرة علي إيجاد شخصية متزنة نفسيا.
خاصة إذا كان الابن ذكر ومن حقه اكتساب عادات الرجال من أبيه حتي لايصبح شخصية مشوشة كما أنه يجب أن يكون مكان الرؤية، يوفر المناخ الذي يساعد الأب وابنه علي وجود علاقة طبيعية ثم أن وجود الابن بين أقاربه لأبيه يجعله إنسانا طبيعيا خاليا من العقد النفسية، وأعتقد أن الأم التي تفعل ذلك بابنها وتعزله عن أبيه وذويه تحصد في النهاية ابن غير سوي وحياته غيرمستقرة.
ضمانات الشريعة
وأخيرا تعقب د سعاد صالح - أستاذة الفقه المقارن- علي مشكلة الرؤية مؤكدة أن الأصل في الزواج تنشئة الأطفال تنشئة سليمة، ولكن مايحدث بعد الطلاق أن الأباء والأمهات يستخدمون الأطفال كي ينكل كل منهم بالآخر وبذلك يزداد أبناء الطلاق وقد يتحولون إلي أطفال شوارع.
وتضيف د. سعاد صالح.. أنه مع تشريع الإسلام للطلاق فإن الله قيده بإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ولكن مايحدث غير ذلك وما نريده هو أن يكون هذا القانون محققا لصلة الأرحام بين الأبناء وأهل الأب حفاظا على هؤلاء الأطفال وعلي تنشئتهم التنشئة السوية السليمة
ساحة النقاش