كتب: محمد الحمامصى
الفزع الذي يصيب المواطن المصري في الشارع فزع حقيقي، فقد باتت الشوارع والميادين والحواري ومحطات المترو والأماكن المحيطة بالهيئات والمؤسسات أسواق ينظمها ويقبض عليها البلطجية، لا يجرؤ أحد أينما كان أن يعترض، فالاعتراض يعني انقضاض لا هوادة فيه قد يؤدي إلى إصابة العشرات، حيث يشهر هؤلاء الباعة تحت حماية البلطجية الأسلحة البيضاء ضد كل من تسول له نفسه الاعتراض على أماكن وقوفهم أو تعطيلهم للمرور أو السير.
لقد انتشرت الأسلحة البيضاء انتشاراً مخيفا يقض مضاجع المصريين من مختلف الفئات والشرائح الاجتماعية، حيث لم يعد ظهورها مقصورا على منطقة بعينها بل طالت كل الأماكن والأسواق، وأصبح إشهارها جهارا نهارا في أي شجار أو خناقة ولو كلامية.
أصبح من السهل أن تشهر المطواة أو السنجة في مختلف المواقف دون حساب للنتائج المترتبة، وذلك في ظل تراجع الأمن والقيم الأخلاقية والدينية، وقد أشارت الإحصاءات الأخيرة إلى استفحال الأمر حيث ارتفعت معدلات الجريمة خاصة جرائم الجنايات، فالجرائم التي وقعت خلال عام 2012 بلغت 5814، مقابل 2778 عام 2011 بزيادة قدرها 3026 بنسبة تصل إلى 48%.
وكشفت الإحصائية أن 57% من هذه الجرائم ضرب أفضى إلى الموت ارتكبها شباب دون الثلاثين من العمر، وهو الأمر الذي يعد مؤشرا خطيرا، لما يحمله من تأكيد أن الشباب المصري بدأ ينحو نحو العنف.
يأتي ذلك في الوقت الذي تترنح فيه إدارة الدولة في سياسات تعمق الفرقة والانقسام داخل المجتمع، وتدفعه إلى المزيد من اليأس والإحباط والضياع وتزيد من حالة الاحتقان لديه، بينما هي غارقة في الترنح والتخبط والصراع، والنتيجة سقوط هيبتها التي أفضت إلى أن يحمل كل من هب ودب السلاح.
إن ما يجري في الشارع وما نراه على مدار الساعة، أمر مفزع ويستدعي من كل مسئول أن يتنبه، لأن الانفلات إذا زاد عن حده لا تحمد عقباه، ففي لحظة يمكن أن تشتعل النار في البلاد لأتفه الأسباب.
الأسلحة البيضاء تباع اليوم على قارعة الطريق، وبائعوها منتشرون في كل مكان، ونتيجة ذلك وصلت إلى الأطفال والشباب من طلاب المدارس الإعدادية والثانوية والجامعات والمعاهد، ولا أريد أن أبالغ إذا قلت أن أغلب شبابنا الآن يحمل في جيبه مطواة، كارثة حقيقة وللأسف لا أحد يفزع لنجدة الوطن ووقف هذه الكارثة والحد من انتشار السلاح، الكل مشغول بالسعي وراء مصالحه وأهوائه.
إنني أحذر من طوفان قادم لن يستثني عنفه أحدا، وأرجو الجميع أن يعلوا مصالح الوطن وأمنه وسلامه، ويلتفتوا إلى استقراره وسلام مواطنيه، ويعملوا على وقف هذه الكارثة بتكثيف الحملات الأمنية على الأسواق العشوائية والكانتونات المنتشرة في الشوارع والميادين ومحطات المترو وحول المدارس
ساحة النقاش