كتب : محمد الحمامصى

لم تسلم مؤسسة من مؤسسات الدولة المصرية من التطاول سبا وقذفا وقدحا وطعنا واستهزاء وسخرية من قبل جماعات وتنظيمات اليمين المتطرف، وهو الأمر الذي أدى إلى نتائج سلبية لدى جموع الشعب المصري، أبرزها إصابته بحالة من الارتباك والاضطراب إزاء ثوابته وقيمه الوطنية والإنسانية، فأصبح يتشكك في مؤسساته الوطنية، فعندما يرى الشعب أجهزة الشرطة تكيل بمكيالين في حمايتها له ولمؤسسات دولته، فتحمي مقر مكتب إرشاد جماعة الإخوان المسلمين وتحصنه بمئات الجنود، في حين تترك مشيخة الأزهر تقتحم، والكاتدرائية تقذف بالحجارة والمولوتوف، ومقر الأمن الوطني يقتحم، ومدينة الإنتاج الإعلامي تحاصر، ودار القضاء العالي يقذف بالمولوتوف، فضلا عن استمرار عمليات البلطجة والخطف والقتل وقطع الطرق والسكك الحديدية، عندئذ لابد أن يصاب بخلل في رؤيته ويفقد مصداقيته في نزاهة دور هذه المؤسسة.

لكن النتيجة الأبشع والأقسى على الشعب هي ما يجري هنا وهناك من قيام الناس بأخذ حقوقهم بأيديهم دون تثبت من حقيقة، والشواهد تزيد عن 20 حادثة، قام فيها مصريون بتنفيذ حد الحرابة على من يدعون أنهم بلطجية، وآخر تلك الحوادث ما جرى في أبو حماد بالشرقية، من قيام ابن قيادي إخواني بقتل مواطن وإصابة آخر لمجرد أنهما غير مؤيدين للرئيس، فيقوم الأهالي بمحاصرة منزله لعشر ساعات، يقومون خلالها بحرق المنزل والقبض على الشاب وضربه حتى الموت، ثم بعد ذلك يحاولون منع أهله من دفنه.

إلى هذا الحد وصل بنا الفشل في حماية أنفسنا وحماية وطننا ومؤسساته وثوابتنا وقيمنا الإنسانية، وكل ذلك بسبب بعض المعتوهين الذين لم يتركوا أمرا إلا دنسوه بآرائهم وفتاويهم السوداوية التحريضية، يخرج أحدهم ليحرم تهنئة الأخوة الأقباط بأعيادهم، ويخرج آخر ليحرم الاحتفال بشم النسيم وأكل الفسيخ والرنجة، ويخرج آخر ليصف المعارضة بجناح بعوضة، ويخرج آخر ليهزأ من الفريق أول عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع لمجرد أنه وجه كلمة صادقة للشعب المصري أكد فيها أن الجيش المصري سيبقى درع وحصن الشعب، ويخرج آخر ليعلن أنه في حالة نزول الجيش سوف يواجهونه بالسلاح.

حتى المؤسسة العسكرية والجيش المصري لم تفلت من تطاولات المعتوهين الذين يحرقون في مصر الآن بأقاويل وتصريحات وفتاوى لا تحمل أي وازع من ضمير أو أخلاق أو وطنية، ماذا تبقون للشعب إذن بعد أن وصل تشويهكم للجيش ورموزه، لقد شوهتم الإعلام والقضاء والاقتصاد والخطاب الديني والسياسي والسياحة والفن والأجهزة الأمنية والمعارضة الوطنية، ماذا تريدون أيها المعتوهون هل تريدون حرق الأرض بمن عليها؟

يأتي ذلك كله وسط صمت وتجاهل النظام الحاكم، الذي لم يخرج يوما منذ توليه المسئولية ليدين أو يجرم هذه الأقوال والتصريحات والفتاوى، وهو الأمر الذي يؤكد أنه متوافق معها.

لقد طفح الكيل، فإما أن تكفوا سبابكم وشتائمكم المحرضة والداعمة والمساندة للفتنة والفرقة والداعية إلى تقسيم الشعب، وإما ستواجهون آجلا أو عاجلا بغضب لا قبل لكم به، فمصر والمصريون لن يقبلون بحال من الأحوال استمرار تلويثهم وتلويث سمعتهم وتاريخهم وحضارتهم وإيمانهم أكثر من هذا

المصدر: مجلة حواء-محمد الحمامصى

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,740,963

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز